مشاركة إسرائيلية مثيرة للجدل في مناورات الأسد الأفريقي

1
مشاركة إسرائيلية مثيرة للجدل في مناورات الأسد الأفريقي
مشاركة إسرائيلية مثيرة للجدل في مناورات الأسد الأفريقي

أفريقيا برس – المغرب. أُسدل الستار الجمعة 23 مايو 2025 رسميا، على النسخة الحادية والعشرين من مناورات الأسد الأفريقي بالمغرب. ولعل أبرز ما ميزها هو المشاركة الفعلية لجنود من الكيان الإسرائيلي، هذا العام في المناورات العسكرية، بعدما كانوا يشاركون سابقا بصفة “مراقبين”. وذلك على الرغم من تنديد جماعات سياسية واجتماعية مغربية، رافضة لتطبيع العلاقات مع الدولة اليهودية، بحضور جنود من الوحدة الإسرائيلية المتهمة بقتل 15 طبيبا فلسطينيا في قطاع غزة في مارس الماضي، في المناورات العسكرية على أرض المغرب. كما شهدت المناورات التكتيكية تدريبات ميدانية على أسلحة أمريكية نوعية، من المقرر أن يستلمها الجيش المغربي قريبا. وكذا محاكاة التعامل مع هجوم بحري بأسلحة دمار شامل…

وتميزت النسخة الـ21 من مناورات الأسد الأفريقي، هذه السنة، بمشاركة أكثر من 10 آلاف جندي من 40 دولة من أفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط، موزعين على ست مناطق مغربية (أكادير، طانطان، تزنيت، القنيطرة، ابن جرير وتوفنيت)، بما في ذلك وحدات من سبع دول أعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) والكيان الإسرائيلي. وبذلك تعد نسخة، التي انطلقت في المغرب في 12 مايو 2025 وتواصلت إلى غاية 23 منه، الأكبر في تاريخ هذه المناورات.

وشاركت في المناورات التي جرت في المغرب، كل من الكاميرون والرأس الأخضر وجيبوتي وفرنسا وغامبيا وغانا وغينيا بيساو والمجر والكيان الإسرائيلي وكينيا وهولندا ونيجيريا والبرتغال والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، بالإضافة طبعا إلى المغرب.

ووفقا للجيش الأمريكي، فقد كان الهدف من مناورات الأسد الأفريقي هو “تعزيز التشغيل البيني بين المشاركين، وتحسين استعدادهم للاستجابة للأزمات وحالات الطوارئ في أفريقيا وحول العالم”؛ حيث “شملت التدريبات المجالات البرية والجوية والبحرية والفضائية والسيبرانية، على مراكز القيادة، وتمارين تدريبية ميدانية، واستعراضا بالذخيرة الحية، وأنشطة إنسانية ومساعدات مدنية، مما ساهم في تحقيق الهدف المشترك المتمثل في تعزيز الأمن والاستقرار في القارة الأفريقية”. ويهدف كل ذلك إلى “الرد على التهديدات الحقيقية التي تواجه القارة الأفريقية، مثل الموقف العدواني لبعض الدول، أو تصرفات الجماعات الإرهابية المتطرفة، أو العصابات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية”.

مشاركة جيش الكيان

في سياق ذلك، أدانت الجبهة المغربية لنصرة فلسطين ومناهضة التطبيع، التي تضم نحو عشرين حزبا ونقابة وجمعية يسارية، في بيان لها، مشاركة الجيش الإسرائيلي في مناورات الأسد الأفريقي العسكرية في المغرب.واعتبرت الجبهة هذه المناورات بمثابة “استفزاز ضد الشعب المغربي برمته”، وطالبت بوقف التدريبات العسكرية. ويضاف هذا أيضا إلى الشكاوى المقدمة من النشطاء المناهضين للتطبيع، بشأن الوجود المفترض في المغرب لجنود من سرية القوات الخاصة (الكوماندوز) التابعة للواء المشاة غولاني، وهم أنفسهم الذين سبق وقاموا بقتل 15 من العاملين في المجال الطبي والإنقاذ في قطاع غزة في أواخر مارس الماضي، حيث أطلقوا النار على جثثهم ثم دفنوها في مقبرة جماعية.

ويذكر أن إسرائيل سبق أن أرسلت “مراقبين” عسكريين لأول مرة إلى مناورات الأسد الأفريقي في عام 2022، بعد أن استأنف المغرب علاقاته معها في ديسمبر 2020. وشاركت في النسخ الثلاث الأخيرة من المناورات بعدد غير محدد من القوات. وسلط مراقبون عسكريون، نقلا عن ندوة نظمتها مجلة “جون أفريك” الفرنسية، الضوء على تواجد وحدات كوماندوز إسرائيلية متخصصة في مكافحة التمرد في نسخة العام الجاري، التي تعد أكبر مناورات تشهدها القارة الأفريقية.

ولولا حادث المرور الذي وقع الخميس الماضي، والذي أصيب فيه جنديان إسرائيليان مشاركان في التدريبات التي جرت بذخيرة حية، وتم علاجهما في مستشفى بالمغرب، كما ذكرت الصحافة المغربية، فإن المواطنين المغاربة لم يكونوا ليلاحظوا وجود جنود إسرائيليين. فعلى غير عادتهم التي اتسمت في مناسبات سابقة بالحرص على إشهار وجودهم في المغرب، من خلال نشر صور ومقاطع فيديو وتعليقات على الشبكات الاجتماعية بشكل مستفز لمشاعر المغاربة، كان حضور الجنود الإسرائيليين مستترا خلال مناورات الأسد الأفريقي الأخيرة.

وكانت مواقع إعلامية إسرائيلية كشفت بأن جيش الكيان شارك في مناورات الأسد الأفريقي 2025، بوحدة استطلاع تابعة لـ “لولاء غولاني” سيء الذكر والسمعة، وجنود من مدرسة المظليين التابعة لجيش الكيان الإسرائيلي. وتركزت مشاركته حصريا على المغرب الذي احتضن الجزء الرئيس من المناورات، وأيضا لأن تونس لا تربطها علاقات رسمية مع الدولة العبرية. ووفقا لما نقلت صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية عن المتحدث باسم جيش الكيان الأسبوع الماضي، فإن جنديين من وحدة المظليين والمجوقلين في “لواء ماروم” المشاركين في المناورات، قد أصيبا بجروح متوسطة الخطورة في حادثة بسيارة على هامش مشاركتهما في تمرين عسكري بالمغرب. ولم ترشح تفاصيل أخرى حول الحادث، بحيث لم يتضح لا مكان وقوع الحادث ولا ظروف وقوعه.

وفي نهاية الأسبوع الماضي، اجتاحت الاحتجاجات منصة المراقبة في شارع باستور في وسط مدينة طنجة، حاملة أعلاما فلسطينية ولافتات تصور قادة حماس الذين قتلهم الكيان الإسرائيلي. ونقلت صحيفة “الباييس” الإسبانية عن المهندس نور الدين (54 عاما)، الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل، خلال مشاركته في تجمع حاشد ضم عدة مئات من الأشخاص دعت إليه حركة العدل والإحسان، التي تتسامح معها الحكومة على الرغم من أنها غير معترف بها كحزب سياسي: “نحن ضد تطبيع العلاقات الذي تدعو إليه حكومتنا.” ونوه نور الدين خلال التظاهرة الاحتجاجية في طنجة بكون “الحكومة الإسبانية حظرت رسو السفن المشتبه في كونها تنقل أسلحة إلى الكيان الإسرائيلي”.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، اندلعت اشتباكات بين الشرطة ومجموعات غاضبة من المحتجين على عبور سفينة للشحن الدولي تابعة لشركة “ميرسك”، بسبب نقلها قطع غيار لطائرات إف-35 الإسرائيلية المصنعة في الولايات المتحدة، إلى الكيان الإسرائيلي عبر ميناء طنجة المتوسط. وعلق المهندس نور الدين قائلا: “نحن لا نعرف ما الذي يحدث في ميناء طنجة المتوسط”، كما أننا لا نعرف ما يحدث خلال المناورات [الأسد الأفريقي] في منطقة أكادير”.

“تحذير” أممي

في غضون ذلك، دافعت الخارجية المغربية الثلاثاء الماضي، مرة أخرى، عن “حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”. وأكد وزير الخارجية ناصر بوريطة، في منتدى دولي بالعاصمة المغربية الرباط، مجددا مضمون الرسالة التي وجهها نيابة عن الملك محمد السادس الأسبوع الماضي في بغداد خلال القمة العربية. وبذلك تتجاهل الديبلوماسية المغربية الانتقادات التي وُجهت للرباط، حول مشاركة مجرمي حرب إسرائيليين في مناورات عسكرية في المغرب.

لكن فرانشيسكا ألبانيزي، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، تساءلت على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن نشر عناصر من لواء عسكري إسرائيلي صورا لهم في المغرب. وحذرت في منشورها من أنه “إذا ما تأكد حضورهم بالفعل في المغرب، فإن ذلك من شأنه أن يشكل انتهاكا للالتزام الدولي بالتحقيق مع المتورطين في جرائم الحرب ومتابعتهم قضائيا”.

وتستند ألبانيزي في تحذيرها إلى صورة متداولة على شبكة X، شاركها ناشطون فلسطينيون وإسرائيليون دون ذكر مصدرها، وتظهر عليها مجموعة من الشباب يرتدون الزي العسكري الأخضر الزيتوني ويرتدون القبعات البنية الصغيرة الخاصة بقوات الكوماندوز في لواء غولاني التابع للجيش الإسرائيلي.

وعلى الصور لا يرتدي الجنود شعارات أو شارات تشير إلى رتبهم أو وحدتهم أو بلدهم الأصلي، على الرغم من أنهم يرفعون العلم الإسرائيلي وشارة لواء غولاني، وشعار شركة جولاني سييرت (للاستطلاع والعمليات الخاصة).كما لا توجد أية إشارة إلى تاريخ التقاط الصورة، بل فقط ملصق كبير لمرحلة عمليات القوات الخاصة من مناورات الأسد الأفريقي الحادية والعشرين، الموافق للعام 2025. ويرتدي اثنان على الأقل من الجنود على الصور شارات تعريف حول أعناقهم للمناورات، بنفس الشكل الذي يوزعه الجيش المغربي على الصحفيين الذين يغطون المناورات العسكرية.

وأشار إنفوجرافيك حول التغطية الإعلامية المقدمة للصحافة إلى أن الصحفيين سيحضرون يوم الاثنين مناورة مشتركة لقوات العمليات الخاصة في توفنيت، التي تقع على بعد حوالي 40 كيلومترا جنوب مدينة أكادير السياحية. بينما أكد متحدث باسم قوة المهام الجنوبية الأوروبية التابعة للجيش الأمريكي في أفريقيا، لصحيفة “إل باييس” الإسبانية، أن فريقه يمكن له حضور مناورات توفنيت. لكن مسؤولين من المكتب الصحفي للقوات المسلحة الملكية المغربية استبعدوا مثل هذا الخيار الإخباري، الذي عزوه إلى “خطأ في التنسيق”.

وردا على تلك الصور، دعت فرانشيسكا ألبانيز المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بفلسطين، المملكة المغربية إلى “احترام سيادة القانون واعتقال جنود اللواء” الاسرائيليين. وأوضحت أنه: “إذا تأكد ذلك، فسيمثل هذا مستوى جديدا من الانحطاط – وانتهاكا للالتزام الدولي بالتحقيق مع الأفراد المتورطين في جرائم فظيعة ومحاكمتهم”. في غضون ذلك، كان الإسرائيليون يحتفلون بوجودهم في الدولة الواقعة في شمال إفريقيا. فقد أظهر مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع جنديين إسرائيليين – أحدهما يرتدي زيّا مغربيا – وهما يخرجان من مركبة عسكرية ويرقصان احتفالا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس