“Veo 3 من غوغل: المغرب كما لم تره من قبل”

1
"Veo 3 من غوغل: المغرب كما لم تره من قبل"

أفريقيا برس – المغرب. تخيل عالماً يكون فيه ممثلك المفضل غير حقيقي، وفيلمك المفضل لم يُصوَّر في أي موقع فعلي، والمصرفي الذي يظهر في إعلانات الصباح لم يُجرِ مقابلة حقيقية ولا حتى تجربة أداء. جميعهم من إنتاج الذكاء الاصطناعي: مقترحون، لكنهم – بشكل غريب – واقعيون.

ما كان في الأمس القريب أقرب إلى الخيال العلمي، أصبح اليوم قابلاً للتحقق، بفضل التطور السريع في تكنولوجيا توليد الفيديو بالذكاء الاصطناعي. ففي 20 مايو، خطت شركة التكنولوجيا العملاقة “غوغل” خطوة كبرى بإعلانها عن إطلاق Google Veo 3، أحدث نماذجها في توليد الفيديو، والقادر على إنتاج مقاطع تدوم 8 ثوانٍ.

ما إن أُزيح الستار عن Veo 3، حتى اجتاح الإنترنت بمقاطع عالية الجودة تجمع بين الصورة والصوت – حوارات، مؤثرات صوتية، وضوضاء محيطية – بدرجة واقعية غير مسبوقة في وسائط الذكاء الاصطناعي.

فيديوهات تتحدث الدارجة

في غضون ساعات قليلة، بدأت تنتشر على الإنترنت مقاطع مذهلة تم توليدها باستخدام Veo 3. والمغرب لم يكن استثناءً؛ بل شكّل نموذجاً لمدى قدرة الأداة على التكيّف مع لهجات محلية. فقد تداول المستخدمون المغاربة فيديوهات لأشخاص مولَّدين بالذكاء الاصطناعي يتحدثون الدارجة المغربية، ويرتدون ملابس تقليدية، ويظهرون في بيئات مغربية خالصة.

واقعية هذه الفيديوهات أربكت المشاهدين، حيث لجأ كثيرون إلى التعليقات ليتأكدوا مما إذا كانوا يشاهدون شيئاً حقيقياً أم محض خيال. لكن، ماذا لو تجاوزنا هذه الثواني الثماني إلى أفلام قصيرة – بل طويلة؟ ما الذي يعنيه ذلك لصناعة السينما والترفيه، محلياً وعالمياً؟

من الدار البيضاء إلى Veo

منذ إطلاق Veo 3، بدأ المخرج والمصور الإعلاني المقيم في الدار البيضاء، يونس حميدين، تجاربه الخاصة. عبر حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، نشر مقاطع لمقابلات خيالية في شوارع مغربية، يظهر فيها رجال ونساء يتحدثون الدارجة ويرتدون الجلابيب، بل حتى فنان شارع يغني عن فريق الوداد البيضاوي.

وليس هذا أول غوصٍ لحميدين في عالم الذكاء الاصطناعي. قبل ثمانية أشهر، أخرج أول فيديو كليب موسيقي مُولَّد كلياً بهذه التقنية في المغرب، لمغني الراب يونغ لون، تحت عنوان بخيرة، تناول فيه موضوع الهجرة غير النظامية.

قال حميدين في مقابلة مع Le360: “بصفتي مخرجاً ومنتجاً، يمنحني الذكاء الاصطناعي حرية إبداعية أوسع وخيارات أكثر”. ويضيف: “يساعدني في تحديد إمكانياتي حسب ميزانيتي. في مجالنا، تتضخم التكاليف سريعاً بسبب اللوجستيات: استئجار معدات، توظيف ممثلين، الحصول على تصاريح تصوير…”.

بين التعلم والاقتراح والتكيف

من خلال أعماله، يتضح أن حميدين يتعلم ويتأقلم مع تكنولوجيا تتطور بوتيرة متسارعة، وتزداد واقعية وكفاءة. “هذا يذكرني بالانتقال من الفيلم إلى التصوير الرقمي”، يقول بتأمل، مستحضراً قصة شركة كوداك، التي توقفت عام 2012 عن إنتاج الكاميرات بعد فشلها في مواكبة التحول الرقمي.

ويتابع: “أتحدث عن هذا لأننا نعيش اليوم تحوّلاً مشابهاً، من التصوير إلى الاقتراح”. فالمخرج أو المنتج السينمائي، كما يرى حميدين، لم يعد مضطراً إلى المرور بكل مراحل الإنتاج التقليدية – من التوظيف والتصوير والمونتاج – بل يمكنه ببساطة أن “يقترح” فكرته ويرى تنفيذها على الفور.

ماذا عن المغرب؟

لكن هل يعني ذلك أن الذكاء الاصطناعي يهدد مواقع التصوير والوظائف السينمائية؟ المغرب، الذي طالما جذب الإنتاجات العالمية بفضل تنوعه الجغرافي والبشري – من ورزازات إلى مراكش – هل يمكن إعادة إنتاجه بالكامل عبر أدوات توليد الفيديو؟

يجيب حميدين: “لا أقول إنه سيحل محل كل شيء بنسبة 100%، لكن مع هذا التقدم، من المؤكد أن بعض الوظائف ستندثر، عاجلاً أم آجلاً”. ولا يقتصر الأمر على الوظائف، بل يمتد إلى المعدات أيضاً. فكما أصبحت كاميرات الفيلم شيئاً من الماضي، قد تصبح قريباً الاستوديوهات، ومعدات الصوت، وديكورات المواقع كذلك.

ويؤكد: “الذكاء الاصطناعي سيؤثر على صناعة السينما، لا شك. حتى إن لم يحل مكانها بالكامل، فإنه سيعيد تشكيلها”. مع ذلك، يرى أن بعض الأنواع – كالوثائقيات، والأخبار، والمحتوى القائم على الشهادات – ستظل بحاجة إلى الوجود البشري الحقيقي.

الواقع لا يُستبدل

هذا الرأي يشاركه المخرج والمنتج هشام حجي، الذي يعمل بين المغرب وهوليوود. فبالرغم من اعترافه بقدرة الذكاء الاصطناعي على تسريع المؤثرات البصرية، إلا أنه لا يعتقد أن بإمكانه استبدال السينما التي يصنعها البشر.

يقول: “نجت السينما من الحربين العالميتين، ومن كوفيد… وستنجو من الذكاء الاصطناعي”. وبرأيه، يبحث الجمهور دائماً عن التواصل الإنساني، حتى من خلال ممثلين على الشاشة. “قد نمرّ بمرحلة من التجارب والاستبدال، لكن المشاهدين سيحنّون في النهاية إلى الممثلين الحقيقيين”.

ويضيف أن أفضل المخرجين ما زالوا يفضلون الأصالة: مواقع حقيقية، وممثلون حقيقيون. “والمغرب يقدّم ذلك”. ويختتم قائلاً إن الذكاء الاصطناعي يمكنه أن يُحسّن الواقع، لا أن يستبدله. وهو ما يؤكده حميدين أيضاً: “بإمكانك التصوير في ورزازات، واستخدام الذكاء الاصطناعي لتوليد مشهد لتنين، أو مضاعفة عدد الكومبارس”. ويختم: “لكن استبدال أماكن مثل ورزازات بالكامل؟ لا أعتقد أن ذلك ممكن، على الأقل… ليس في المستقبل القريب”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن المغرب عبر موقع أفريقيا برس