“صانع الفرح”؛ شاب تونسي يبدع في تحويل الخشب إلى ألعاب أطفال

13
"صانع الفرح"؛ شاب تونسي يبدع في تحويل الخشب إلى ألعاب أطفال

أفريقيا برس – الجزائر. يتفنن الشاب التونسي “فوزي عطّافي” في تحويل الخشب إلى ألعاب أطفال مستعينا بشغفه وخبرته في صنع المواد الخشبية وتشكيلها إلى قطع فنية منذ الصغر.

ترعرع فوزي البالغ من العمر 33 عاما بين أشجار الصنوبر والفلين والزان والفرنان، فهو أصيل منطقة عين دراهم (شمال غربي البلاد) التي تمتاز غاباتها بكثافة الأشجار وتنوع الغطاء النباتي.

وقال “فوزي” إن “صناعة لعب الأطفال من الخشب هي مهنة تحتاج إلى الكثير من الصبر والعطاء، فهي صناعة يدوية مائة بالمائة”.

“صانع الفرح”

يُلقّب فوزي في منطقته بـ “صانع الفرح”، فألعاب الأطفال التي يصنعها بيديه ويضع فيها لمساته الخاصة ووَحْي خياله تُدخل الغبطة والفرح إلى قلوب الصغار الذين يبتهجون بامتلاك قطع فريدة لا تبلى ولا تنكسر.

يقول فوزي إنه يشعر بالفخر والسعادة حينما يرى الألعاب الخشبية مكتملة بين يديه بعد أن كانت مجرد خشب صامت لا حياة فيه، مشيرا إلى أنه يبذل كامل طاقته لتشكيل القطع الخشبية بدقة وإتقان حتى تنال إعجاب الناس.

ويحرص الحرفي الشاب على تزيين القطعه الخشبية بألوان تتناسب مع ذوق الأطفال وميولاتهم. كما يحرص أيضا على اختار أجود أنواع الخشب إرضاءً لحرفائه.

يطلق فوزي على مشروعه “La richesse du bois” التي تعني بالعربية “الثروة الخشبية”، فورشته بمثابة عالم صغير للأطفال. فهو لا يكتفي بتشكيل الألعاب صغيرة الحجم، إذ يحوّل الخشب إلى واجهة لمهن متعددة. فتجد داخل ورشته محلات خشبية صغيرة لمهن النجارة والحلاقة والهندسة والطبخ وحتى مغازات ومنازل صغيرة تحمل أسماء الأطفال.

كما يصنع فوزي مختلف أنواع السيارات وحتى الجرارات والرافعات، ويتفنن في إخراج تفاصيلها حتى تبدو للناضر وكأنها نسخ مصغرة عن الماركات الأصلية.

ألعاب صديقة للبيئة

ويؤكد فوزي أن قطعه الخشبية تحظى اليوم باهتمام العديد من التونسيين، قائلا “يختار الناس الألعاب الخشبية التي أصنعها أولا لأنهم يلاحظون الجودة فيها، وثانيا لأنها ألعاب صحية وصديقة للبيئة ولا تمثل أي ضرر على صحة الأطفال”.

ولفت إلى أن “الألعاب المصنوعة من الخشب ليست أمرا دارجا في تونس خاصة وأن الألعاب البلاستيكية تكتسح الأسواق بقوة دون منازع، غير أن وعي الناس بمخاطر البلاستيك تعمّق أكثر في السنوات الأخيرة وأصبحوا يتجهون إلى كل ما هو بيولوجي وطبيعي”، حسب قوله.

وأضاف فوزي أنه يحرص دائما على أن تطابق ألعابه المعايير الدولية وأن تستجيب لكراس الشروط التي تطلبها رياض الأطفال والمدارس، مشيرا إلى أن الخشب من أكثر المواد الآمنة على صحة الأطفال.

وكثيرا ما يحذّر الخبراء في تونس من مخاطر الألعاب البلاستيكية، وخاصة منها التي تنتشر في الأسواق الموازية ولا تخضع للرقابة وتتسبب في مشاكل صحية للأطفال بسبب احتواء بعضها على مواد سامة ومسرطنة.

قصة عصامي بدأ من الصفر

قبل سنوات قليلة، لم يكن فوزي يمتلك ورشة ولا عملا قارا ولم يكن حاله يختلف عن حال المئات من شباب محافظة جندوبة التي تحتل المرتبة الثالثة وطنيا من حيث ارتفاع معدلات البطالة، وهو ما يدفع أعدادا كبيرة منهم إلى مغادرة موطنهم وركوب قوارب الهجرة غير الشرعية.

ولكن فوزي اختار أن يسلك طريقا آخر وأن يكتب قصة نجاحه بيديه وبأنامله المبدعة. فتحدى الظروف المالية الصعبة وندرة مواطن العمل في محافظته وتسلّح بشغفه بتحويل الخشب إلى ألعاب ليؤسس مشروعه الخاص.

في البداية، انطلق فوزي في صناعة الألعاب الخشبية داخل منزله في منطقة عين دراهم، وبعد عامين تلقى تكوينا في نفس الاختصاص. ثم افتتح ورشة صغيرة زاده الوحيد فيها هو شغفه وخبرته المتواضعة.

وتدريجيا، شرع فوزي في تطوير عمله وابتكار نماذج جديدة شارك بها في عدة معارض وحصل بفضلها على الجائزة الثانية لأفضل باعث شاب. يقول “بدأت من الصفر، ولم تكن الانطلاقة سهلة.. لقد تطلب مني الأمر الكثير من الصبر حتى أحصد ثمار مشروعي”.

اليوم يمتلك فوزي مورد رزق لنفسه ولعائلته، ولكن أيضا لمجموعة صغيرة من الشباب الذين يشاركونه طموحه ورغبتهم في تطوير مشروعه وإيصال قطعه الخشبية إلى الأسواق العالمية.

وينشر فوزي صورا لألعابه الخشبية على حسابه على مواقع التواصل الافتراضي، مؤكدا أن الكثيرين أصبحوا يتهافتون على اقتناء قطعه سواء الناس العاديون أو أصحاب المشاريع ودور الأطفال.

ويحرص فوزي على نقل ثقافته في العمل إلى الأجيال القادمة، قائلا “وصفة النجاح الحقيقية هي أن تؤمن بإمكانياتك وأن تثق في قدرتك على الوصول إلى الهدف مهما تطلب منك ذلك من صبر ومشقة وخسائر، لأن المهم هو ما تجنيه في النهاية”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن الجزائر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here