“الاتفاقية الليبية التركية قديمة واللوم يقع على الجانب اليوناني في الأزمة بينها وبين ليبيا”

3
"الاتفاقية الليبية التركية قديمة واللوم يقع على الجانب اليوناني في الأزمة بينها وبين ليبيا"

نسرين سليمان

أفريقيا برس – مصر. خلال الفترة الماضية، برز اسم ليبيا في عدد من المحافل الدولية ووضعت على رأس قائمة الاهتمامات من قبل المجتمع الدولي، ومحليا استطاعت وزارة الخارجية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية أن تمثل الدولة بشكل جيد ومميز في عدد من المؤتمرات والمحافل رغم المشاكل التي تمر بها البلاد على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

وعلى اعتبار أن جسم وزارة الخارجية هو من أهم الأجسام التي تمثل صورة الدولة الليبية أمام العالم الخارجي، وبالنظر إلى الأحداث السياسية الخارجية المتعاقبة من رغبة ليبيا في الاستثمار مع دول الجوار إلى علاقتها مع دول كاليونان ومصر وإلى المشاكل التي تمر بها داخليا بمسببات خارجية كان الأولى أن نتابع شؤون العالم بشكل عام وليبيا بشكل خاص أن نحاور ممثلا متميزا من هذا الجسم.

عمر كتي وكيل وزارة الخارجية من الجنوب الليبي والذي مثل ليبيا في محافل عديدة باسم وزارة الخارجية وباسم حكومة الوحدة الوطنية يقول إن سبب استمرار مشاكل البلاد هو عدم الاتفاق الدولي حول الأزمة الليبية وتراجع الاهتمام بالملف الليبي بعد الحرب الروسية الأوكرانية. وهذا ما يحب أن يعيه الليبيون، فالحل يجب ان يكون ليبيا ليييا الحل لن يأتينا من الخارج، ويرى أن التدخلات الأجنبية هي التي ستزيد من النزاع وتشظي الموقف الوطني وهذا يدور خارج مصلحة الليبيين والأجيال القادمة. ويقول، نعمل على تعاون دولي مثمر يخلق فرص عمل للشباب ويحقق الاستقرار والازدهار لتجاوز ما نعيشه من وضع متردي ونعمل على تعزيز البناء الاقتصادي في البلاد.

وهنا نص هذا الحوار:

○كأول سؤال وكأبرز حدث خلال اليومين الماضيين كان لك حضور متميز في مؤتمر الاستثمار الأفريقي بليبيا الذي عقد في اسطنبول، فهل يمكننا الحصول عن معلومات أكثر حول المؤتمر وكيف سيعود بالفائدة على ليبيا؟

•فيما يتعلق بهذا المؤتمر فهو حول الاستثمار الأفريقي في ليبيا ويأتي على خلفية البحث عن شركاء لتعزيز الاستثمارات الليبية في أفريقيا في مختلف المجالات الصناعية والزراعية والسياحية. نحن لدينا بعض الشركاء الحاليين ولكن نبحث عن شركاء جديين من ذوي السمعة الطيبة والخبرة والباع الطويل في إدارة الأعمال للمحافظة على الاستثمارات وتعزيزها.

الاستثمارات الليبية موجودة في عدد كبير من الدول الأفريقية كما تعلمون وهؤلاء الشركاء الجدد سواء شركات أو مؤسسات أو رجال أعمال، سنستفيد من خبرتهم في إدارة الاستثمارات التي تتبع الدولة الليبية وكذلك لنعمل على تعزيز وجودها بشكل أقوى وأكبر في القارة الأفريقية لما تملكه من قيمة اقتصادية عالية وهذا المشروع مفتوح لكل الدول، وسيكون لليبيا حرية الاختيار بين الشركاء الذين سيحققون أكبر عوائد ممكنة من هذه المشاركة.

○الاستثمارات الخارجية الخاصة بليبيا والأموال المجمدة كيف تتابعهم الوزارة وما الجهود المبذولة في هذا الإطار؟

•نحن نبحث عن تعزيز الدور الاقتصادي في الحياة العامة بليبيا من خلال بناء الاستثمار والشراكات الاقتصادية والصناعية مع الدول في العالم.

ليبيا تملك تجربة جيدة في الشراكات الاقتصادية في أفريقيا وبعض الدول الأوروبية وأمريكا اللاتينية، من هذا المنطلق بدأنا البحث عن مصادر تمويل بديلة للدولة بعيدا عن قطاع النفط واستثمار العوائد الضخمة التي تملكها ليبيا على مدار السنين الماضية في مشاريع مشتركة داخل ليبيا كالبنية التحتية، وفي ظل تردي الوضع الأمني الحالي يمكن القول إن البدء بالدول التي نملك فيها استثمارات خيار أفضل بالتوازي مع مشاريع داخل ليبيا.

الأموال المجمدة للصناديق السيادية الليبية هي أموال للشعب الليبي، ولهذا ندفع عبر الطرق القانونية بأنه لا يمكن أن يسري التجميد على أموال تديرها محافظ وصناديق سيادية.

وهذه الأموال المجمدة ليست ملكا حكوميا ولكنها أموال خاصة بالشعب وقد جمدت من قبل مجلس الأمن لهذا السبب، وهي مخصصة للأجيال المستقبلية وستعود عليهم بالفائدة ونحن نؤمن بانها ملك خاص للشعب ولا يجوز المساس بها.

○حصلت ضجة في مرات عديدة حول مصاريف وعدد السفارات التابعة لليبيا؟ فكيف ترى الموضوع؟

•الحجم الهائل للسفارات الليبية في الخارج كان نتيجة لسياسة سابقة بالتوسع في إقامة العلاقات الدبلوماسية مع كافة دول العالم لدور معين وسياسة معينة كانت الدولة الليبية تريد الوصول إليها في ذلك الوقت، وهي أن ليبيا يجب أن تكون متواجدة في كل المحافل وعلى كافة الأصعدة ولكن نظرا للظروف الحالية كان لزاما علينا أن نعيد النظر في خريطة توزيع العمل الدبلوماسي في العالم.

وهذا الأمر يتطلب وجود جهة تشريعية لأن قطع العلاقات أو إغلاق السفارات يتطلب قرارا من البرلمان وهو ما لا يمكن فعله في ظل الحكومات الانتقالية.

حاولنا في وزارة الخارجية تقليص التواجد الدبلوماسي والأعباء الملقاة على ميزانية الدولة وتعزيز وجودنا في الدول المهمة بدلا من ذلك ولكن ذلك يتطلب خطة متكاملة مع وزارة العمل والخدمة المدنية لوضع برنامج تنفيذي. ويبدو سيظل الأمر على ما هو عليه إلى حين وجود حكومة مستقرة في ليبيا ترتب الأولويات لسياسات العمل الخارجي والدبلوماسي بشكل مقنن.

○على الصعيد التنظيمي، هناك العديد من المنظمات الخارجية التي تعمل من داخل ليبيا، كيف تقومون بتنظيم عملها؟

•موضوع المنظمات الدولية شائك ومعقد، وفي عام 2011 دول العالم سحبت سفاراتها واستبدلت وجودها بوجود منظمات حكومية وغير حكومية وهو ما أربك عمل المجتمع المدني في ليبيا جراء وجود منظمات تعمل بأجندات خفية. في هذا الإطار أصدر رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة قرار تشكيل لجنة لتنظيم عمل المنظمات الدولية عام 2021 وقرارا آخر يقضي بتشكيل لجنة لتنظيم عمل منظمات المجتمع المدني وهو ما أسفر عن تنظيم عمل هذه المنظمات وآلية تمويلها وطبيعة الأنشطة التدريبية لها.

نأمل أن تعيد الدول سفاراتها إلى ليبيا وتسحب هذه المنظمات ويكون التعامل بيننا وفق الأطر الدبلوماسية والقانونية وليس عبر منظمات لا نعرف خلفياتها وأيديولوجياتها المختلفة، ما يهدد موروثنا الثقافي ووحدة شعبنا الليبي.

○ما الموقف الحالي للخارجية الليبية مما حدث من قبل الدبلوماسية اليونانية؟ وهل هناك موقف فعلي سنشهده قريبا؟

•العلاقة مع اليونان كانت جيدة وفي مسارها كما أن المسؤولين اليونانيين زاروا ليبيا عديد المرات، وقد شاركت الدولة أيضا في مؤتمر دعم الاستقرار الذي عقد في ليبيا .

وزيارة وزير الخارجية اليوناني الأخيرة كانت «خطأ دبلوماسيا» وأي مسؤول في العالم عندما يصل يجب أن يتم استقباله من قبل وزارة الخارجية وهي التي تمنح الأذن بالزيارة وتمنح تصاريح الدخول.

وكان لزاما أن تقوم وزيرة الخارجية باستقباله ورغبت في ذلك احتراما لمكانة الدولة اليونانية ولم تكن ترغب في الخوض في أي محادثات، خاصة وأنه أبدى رغبته في لقاء رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. يقع اللوم فيما حدث على الجانب اليوناني، والحادثة أضرت بهم أكثر من إضرارها بليبيا.

○هل الاتفاقيات التي أبرمتها ليبيا مع تركيا فيما يتعلق بترسيم الحدود المائية والتنقيب عن الكربوهيدرات تمثل أي تعديات على دول أخرى مثل مصر واليونان؟

•اتفاقية المناطق البحرية الخالصة الليبية التركية مشروع قديم جدا ويعود إلى ما قبل عام 2011 والاتفاقية كانت جاهزة للتوقيع وليبيا هي التي كانت ترفض نتيجة لاشتراطها إضافة بعض البنود وهو حدث بالفعل عام 2008 ولكن لم تجد الوقت المناسب للتوقيع عليها.

الاتفاقية تعطي ليبيا حقوقها التي يقرها قانون البحار وقانون الجرف القاري باعتبار ليبيا أكبر مطل على البحر المتوسط من بين الدول الجارة وهو ما يجعل منطقتها الاقتصادية الخالصة أكبر من الجميع .الموضوع فني بامتياز ولا علاقة له بالسياسة وموضوع يتعلق بالعملية الفنية والاقتصادية.

○ما أبرز الرسائل التي تحملها الخارجية الليبية في المحافل الدولية حين يتعلق الأمر بالأزمة الليبية وسبل حلها؟

•فيما يتعلق بالحلول السياسية للأزمة الليبية فالموقف واضح جدا، فالمسألة مسألة اتفاق حول القاعدة الدستورية واتفاق بين المشرعين الليبيين حول آليات إنهاء المراحل الانتقالية وأيضا الاتفاق بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب لطريقة الخروج من هذا المأزق.

نحن نعتقد أن الأمر لا يتم بتغيير الحكومات لان هذا لا يفيد بشيء بل يمدد من عمر المراحل الانتقالية بل يجب ان يكون هناك اتفاق تشريعي واضح المعالم بتواريخ واضحة معينة محددة بدقة للوصول لانهاء تام لكافة مراحل الانتقال السياسي بليبيا وكذلك وضع القوانين والتشريعات المنظمة للانتخابات الليبية والتي يأمل الليبيون في الوصول إليها في القريب العاجل، وإزالة فكرة السيرة نحو المجهول في مراحل انتقالية لا نهاية لها.

○هل استطاعت وزارة الخارجية والتعاون الدولي تغيير وجهة النظر الدولية نحو إنهاء المراحل الانتقالية والتوجه بشكل جاد لدعم الانتخابات في ليبيا؟

• نعاني من مشكلة تنازع القوى الدولية حول الوضع في ليبيا فكل يرى من منظاره الخاص بعيدا عن مصالح الليبيين، واعتقد أن سبب استمرار هذه المشاكل هو عدم الاتفاق الدولي حول الأزمة الليبية وتراجع الاهتمام بالملف الليبي بعد الحرب الروسية الأوكرانية. وهذا ما يحب أن يعيه الليبيون، الحل يجب ان يكون ليبيا ليييا الحل لن يأتينا من الخارج، التدخلات الأجنبية هي التي ستزيد من النزاع وتشظي الموقف الوطني وهذا يدور خارج مصلحة الليبيين والأجيال القادمة.

لذا علينا ان نعمل بسرعة لبناء ليبيا التي نحلم بها جميعا بعيدا عن التدخلات الأجنبية وهذا مهم جدا في الوقت الحاضر وهذه وجهة نظري يجب ان لا نعول على الأطراف الدولية لانهم مختلفون حول عدد كبير من القضايا ولن تجمعهم ليبيا في اتفاق.

○ما طبيعة المقترحات التي تتلقونها من الأطراف الدولية والإقليمية لإنهاء الأزمة السياسية في ليبيا؟

•في ما يتعلق ببرنامج عمل وزارة الخارجية في الفترة المقبلة فسنركز على تعزيز التعاون الدولي والعمل في مجال التنمية المستدامة، وتكثيف الاتصالات مع الدول الجارة حول موضوع الهجرة غير الشرعية وتعزيز التنمية المكانية من خلال الحوار مع المنظمات الدولية وخاصة بعثة الأمم المتحدة. وأساس الاستقرار هو الحديث عن الاستثمار والعمل الاقتصادي، فضلا عن أن الاستقرار الأمني سيوفر فرص العمل، وسيعزز من قوة الاقتصاد.

نعمل على تعاون دولي مثمر يخلق فرص عمل للشباب ويحقق الاستقرار والازدهار ويكون لدينا الفرصة للعمل لصالح ليبيا، ولتجاوز ما نعيشه من وضع متردي ونعمل على تعزيز البناء الاقتصادي في البلاد.

المصدر: القدس العربي

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here