ماذا وراء إغلاق الحدود الليبية التونسية ؟

55
الحدود الليبية التونسية

بقلم : إدريس إحميد

افريقيا برسليبيا. شهدت العلاقات بين ليبيا وتونس توقيع اتفاقية جربة أو الوحدة باسم الجمهورية العربية الإسلامية، هو مشروع وحدة بين تونس وليبيا في 12 يناير 1974 ، بين الزعيم الليبي معمر القذافي والرئيس التونسي الأسبق الحبيب بورقيبة، والتي الغيت بعد 48 ساعة لعدة أسباب وأدت لتوترات وخلافات واقفال للحدود بين البلدين.

بعد وصول الرئيس زين العابدين بن علي للحكم في 7 نوفمبر 1987، تطورت العلاقات بين البلدين في جميع المجالات، حيث وصل التبادل التجاري الى “10 مليار دولار”، حتى 2010.

بعد الاحداث التي شهدتها ليبيا في 2011 كانت تونس الوجهة الأولى التي احتضنت آلاف الليبيين الذين وجدوا فيها الملاذ الآمن للإقامة والعلاج في المصحات التونسية، ولكن التعاون الاقتصادي والتجاري تأثر بهذه الأحداث بشكل كبير ، وان تواصل نقل السلع الغذائية والخضروات ومواد البناء ، وازدادت تعاملات السوق الموازية بين البلدين وحركة التهريب وخاصة الوقود وتبادل العملات على الحدود .

أما سياسيا فقد احتضنت تونس المنظمات الدولية الموجهة لليبيا والبعثات الدولية التي أقامت في تونس بسبب الأوضاع الأمنية في ليبيا، وعقد العديد من اللقاءات والحوارات ، وكان آخرها جلسات الحوار السياسي الليبي.

في 17 مارس 2021  بعد أيام من انتخاب المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ادى الرئيس التونسي “قيس سعيد” زيارة هي الاولى من نوعها منذ تسع سنوات، بعد الزيارة التي قام بها الرئيس المنصف المرزوقي لطرابلس عام 2021 . وتلتها زيارة رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي لطرابلس في  23 مايو 2021 وهي أول زيارة لرئيس حكومة تونسية بوفد كبير من رجال الاعمال والمنظمات الوطنية في محاولة لدعم الاقتصاد التونسي الذي يعاني أوضاع صعبة. وتناولت الزيارة آفاق التعاون في اعادة اعمار ليبيا ، والعودة للسوق الليبي وفي اطار  سعى تونس لايجاد مكان بعد دخول تركيا ومصر  للسوق الليبي.
ونعتقد بأن تلك الزيارات بمثابة محاولة من الجانب التونسي للتشاور والاطلاع المباشر على امكانية استعداد ليببا في ظل الادأوضاع السياسية التي تشهدها وآفاق التعاون بين البلدين.

أما من الجانب الليبي حيث قامت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بعد تسلمها لمنصبها بأول زيارة لها الى تونس في 8 أبريل 2021، ولقاءها بالرئيس قيس سعيد وتناول الاجتماع بحث العلاقات الثنائية بين البلدين و مزيد من تطويرها.
كما قام رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي في 30 مايو 2021  بزيارة الى تونس استغرقت 3 ايام، أجرى خلالها مباحثات مع الرئيس قيس سعيد تناولت التعاون بين البلدين، في مجال الأمني والإقتصادي وتعزيز التشاور بين البلدين.

اقتصاديا اقيمت عدة لقاءات بين رجال الاعمال من البلدين ولعل أهمها مشاركة الشركات التونسية والفاعلين حيث اقيم في 23 -26 مايو 2021  بطرابلس معرض اقتصادي مشترك حيث وصل  وفد اقتصادي تونسي ضم رجال اعمال  تونسيين ، تكون من 1200 سيدة أعمال ورجل أعمال ، وهدف المعرض الى دعم التعاون الاقتصادي والاطلاع على تجاربهما ، والانطلاق  نحو أفريقيا بالاستفادة من موقع ليبيا مع الدول الأفريقية. وقد عقدت لقاءات اقتصادية للمنتدى التونسي الليبي في مدينة صفاقس في 2021  بمشاركة ” 200″ من رجال الاعمال الليبيين و بحضور وزراء من الحكومتين.

الجدير بالذكر أن هذا المستوى من التواصل والتعاون بين القطاع الخاص في البلدين يمثل قاعدة متينة لتعزيز  المصالح المشتركة بين البلدين ولمزيد من التكامل بين البلدين ، من خلال آفاق واعدة لضمان توثيق العلاقات على المستوى الشعبي.

ليبيا تغلق المنافذ الحدودية

في 10 يوليو 2021 أعلنت ليبيا عن اغلاق المنافذ البرية والجوية مع تونس لمدة أسبوع احترازيا ، بعد ارتفاع حالات انتشار النسخة المتحورة من فيروس كورونا في تونس وتردى الوضع الصحي، ولكن الاغلاق استمر مما أثار  اعتراضات شعبية في تونس وليبيا ، لما لهذا الاجراء من تداعيات على حركة التنقل والتبادل التجاري .

أما الجانب الرسمي التونسي فقد تفهم هذا الاجراء في اطار الحفاظ على الصحة العامة. قد اتخذت تونس اجراءات وحصلت على دعم دولي باللقاح والمستلزمات الطبية، وخطت خطوة في القيام بعملية تلقيح لعدد كثير  من مواطنيها.

وجاءت القرارات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيد في 25 يوليو 2021 ، بتجميد أعمال مجلس نواب الشعب و اقالة رئيس الحكومة، واجراءت أمنية وقضائية بناء على الفصل “80” من الدستور . وقد أثار هذا القرار ردود فعل داخلية وخارجية متباينة بين من اعتبره شأن داخلي ومن دعا بالعودة لتفعيل المؤسسات الدستورية.

نائب رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا “عبدالله اللافي” قام في 29 يوليو 2021، بزيارة لتونس والتقى بالرئيس قيس سعيد للاطلاع عن الأوضاع ، حيث وضعه الرئيس التونسي في صورة الأمور، مؤكدا على أنها تسير وفق الدستور. من جانبه نقل عبدالله اللافي حرص الدولة الليبية على استقرار تونس واحترام قراره في طار سيادتها.

تهديدات ارهابية

في 19 اغسطس 2021 أعلنت الحكومة الليبية عن فتح الحدود البرية والرحلات الجوية مع تونس بشكل أحادي خطوة لقيت استغراب بسبب عدم تنسيق الجهات الليبية مع نظرائها في تونس مع تكرار نفس خطأ الاغلاق ولكن السلطات التونسية لم تستجيب لهذه  الخطوة معللة بأن القرار راجع للجنة العلمية . وقد ربط بعض المراقبين ذلك بما ذكرته مصادر صحفية نقلا عن مصدر في وزارة الداخلية التونسية تأكيده صحة معلومات متداولة عن محاولة “100” عنصر ارهابي التسللل لتونس من ليبيا. كما نقل على لسان وزير الخارجية الجزائري “رمضان لعمامرة” بوجود  تهديد لعناصر ارهابية تنشط في المنطقة. ومن المفارقة لم تصدر تحذيرات من المخابرات الدولية والولايات المتحدة في اطار محاربة الارهاب؟ ولم تتثمر الزيارة التي قام بها وزيرة الخارجية والداخلية الى تونس عن استنئناف فتح الحدود، ورد عليها الجانب التونسي بأن الامر يتطلب قرار من اللجنة العلمية. ونفى الجانبان ماتم تداوله عن وجود تهديد ارهابي يستهدف الأراضي التونسية.

حتمية العلاقة بين تونس وليبيا
على الرغم من التوثرات السياسية والامنية التي شهدتها البلدان، الا أن الروابط الاجتماعية والجغرافية والمصالح المشتركة تمثل الأساس القوي في العلاقات بين الشعبيين الشقيقين..

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here