قرنَا الحمار

23
قرنَا الحمار
قرنَا الحمار

أفريقيا برسالصحراء الغربية. يعرف كثيرٌ من الناس المثل العربي الشهير القائل: “رجع بخُفَّيْ حُنَيْن”، ويُضرَب لمن يرجع بالخيبة لمن أضاع الشيء الكبير وعاد بالشيء الحقير، وهو “الخُفّ” الذي يُنتَعل، ولكن الأقلَّ من الناس هم الذين يعرفون المثل العربي الآخر القائل: “رجع بقرنَيْ حمار”، ويُضرَب بمن ضيَّع شيئا ذا قيمة، أو طلب أمرا ذا بال ولم ينل شيئا، لأنَّ الحمار ليس له قرن.

إن هذا المثل الأخير لا ينطبق في وقتنا الحالي على فردٍ أو جماعة كما ينطبق على المسمَّى “العثماني”، وعلى حزبه في المغرب الأقصى المسمَّى “العدالة والتنمية” اللذين خسرَا خُسرانا مبينا.

إن هذا الحزب ورئيسَه “العثماني” وعدَا المغاربة وما وعداهُم إلا غرورا، ولم يحققا لهم لا عدالة ولا تنمية، فعاقبهما المغاربة عقابا أليما في انتخابات 8/9/2021.

كان حزبُ العدالة والتنمية يحتلُّ الصدارة في المجتمع المغربي، وكان له 125 عضوا في البرلمان، وكان رئيسُه “العثماني” رئيسا لحكومة “جلالته” نصره الله على نفسه الأمَّارة بالسوء، فإذا “العثماني” لم ينل حتى عضوية هذا البرلمان، وإذا الحزبُ يُرَدُّ أسفل سافلين، فاحتلَّ المرتبة الدُّنيا ونال المرتبة الثامنة، بعد حصوله على 13 مقعدا، وهي المرتبة الأخيرة، مما ذكَّرني بالبيت الشعري للشاعر الجزائري بكر بن حماد التاهرتي (ت 296 هـ) القائل في المعتصم العباسي، وكان ثامنَ ملوك بني العباس:

ملوك بني العباس في الكُتْب سبعة ولم تأتنا عن ثامن لهم كُتْبُ

كذاك أهل الكهف في الكهف سبعةٌ خيارٌ إذا عُدُّوا وثامنُهم كلبُ

وذلك لمن يقول إن أصحاب الكهف كانوا سبعة، والمعلوم أن “الكلب” لم يكن معهم في الكهف، وإنما كان باسطا ذراعيه بالوصيد.. فحزبُ “العدالة” الظالم لنفسه ولمُناصِريه لم ينل حتى حقَّ تكوين “كتلة” في البرلمان، ولن يكون في الحكومة ولو كشاهدِ زور.

لقد نهى اللهُ –عز وجل– المؤمنين عن أن يركنوا إلى الذين ظلموا، فإذا العثماني وزمرُته “الإسلامية” يرتمون في أحضان “الملك المفترِس” – كما سماه الصحفيان الفرنسيان – الذي لبَّسَ على الناس بتسمية نفسه “أمير المؤمنين”..

لم يكتفِ العثماني بالرُّكُون إلى “الملك المفترس”، الذي “أكل الشوكَ بفمه”، فأحلَّ ما حرَّمه الله وأباح زراعة الحشيش، و”صدَّر” اللغة الفرنسية حتى في المرحلة الابتدائية، وجاءت “ثالثةُ الأثافي”، فاتخذ “أشد الناس عداوة للذين آمنوا” أولياء، واستنْصَر بهم، ظنا منه أن الصهاينة سيضمنون له ما يتمنَّى من “نصر” في الصحراء الغربية، و”تنمية” المغاربة، فدخل إلى ما سمّاه قدماءُ اليابانيين “بحر الشيطان”، وهو السراب. لقد كتب أحد ملوك فرنسا رسالته إلى أمِّه بعد هزيمته في إحدى المعارك، قال لها فيها ما معناه: لقد خسرتُ –يا أمِّي– كل شيء إلا الشرف، ولكنك يا سي العثماني خسرتَ –ورهطك– كلُّ شيء بما فيه الشرف.. وما هي قيمة المرء –فردا وحزبا ودولة– من غير شرف؟ ومن ابتغى العزَّة عند غير الله – عز وجل – أذلَّه الله “ومن يُذلِلِ اللهُ فما له من مُعِزّ”.