أغسطس 2021 – كيف تفاعلت وسائل التواصل الإجتماعي مع الأحداث في الصومال؟

25

بقلم: الهضيبي يس

أفريقيا برسالصومال. سيطرت عدة مواضيع خلال شهر أغسطس من العام الحالي 2021 على مرتادي منصات التواصل الاجتماعي في الصومال، وتوزع طابع الاهتمام بالنسبة المواضيع ما بين التفاعل السياسي والاجتماعي، وكذلك الرياضي إثر مشاركة البلاد في أولمبياد ألعاب القوى لعام 2020 في العاصمة اليابانية طوكيو، ليرتفع “ترند” المشاهدات والتعليقات عند الصوماليين إلى الملايين في الداخل والخارج، خاصة على مستوى بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” عبر صفحات مثل “أنا صومالي” و”اعرف بلدك”.

اهتمام متزايد

من أبرز القضايا التي لاقت تفاعلاً وصدىً كبيراً عند رواد مواقع التواصل الاجتماعي وردود فعل متسارعة داخلياً وخارجياً نسبة إلى حجم الكتابات والتعليقات التي نالتها؛ كانت قضية تمدُّد حركة الشباب الصومالي وما تواتر عبر وسائل الإعلام المحلية ببسط سيطرتها على مدينة “عمارة” شرقي البلاد والتوجُّه نحو العاصمة مقديشو، الأمر الذي شكَّل ضغطاً على الجيش الحكومي بالتحرك برفقة القوات الأممية “أميصوم” لدحر قوات الحركة، وقتها أعلنت السلطات الصومالية أن غارةً جويةً في إقليم مدج وسط البلاد أسفرت عن مصرع 90 من عناصر حركة الشباب التي تقاتل القوات الحكومية، وذلك عبر بيان نشر على صفحة تابعة للجيش في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

ولا شك أن تمدد حركة الشباب الصومالي لم تكن القضية السياسية الوحيدة التي تفاعل معها الصوماليون، بل وجد الخلاف المكتوم ما بين رئيس الوزراء محمد روبلي ورئيس الدولة عبدالله فورمانجو، قدراً من المتابعة والتغريدات على موقع التواصل الأكثر انتشاراً عالمياً “تويتر”، عقب رفض روبلي قرارات رئيس البلاد في يوم 12  من شهر آب أغسطس بإيقاف أنشطة مجموعة من المنظمات الدولية العاملة في الصومال، التي يعمل بعضها على تقديم بعض المساعدات الإنسانية.

أزمة الصيادين

بينما حظيت قضية مراكب الصيادين الصوماليين الذين قضوا جراء عاصفة مطرية بولاية جويالاند باهتمام كبير من الناشطين ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة وأن البعض وجدها فرصة لصب جام غضبه على الحكومة وتحميلها مسؤولية ما حدث.  تفاصيل الحادثة تتحدث عن مصرع 5 صيادين على الأقل منتصف شهر آب أغسطس الماضي جراء تعرضهم لعاصفة مطرية ضربت المناطق الساحلية في ولاية جوبالاند “جنوب”.

وحذَّر الوزير، الصيادين وسكان المناطق الساحلية من “الاقتراب من السواحل خلال استمرار العواصف المطرية”، مشيراً إلى أنه “حسب توقعات الوزارة فإن العواصف ستستمر حتى منتصف أيلول سبتمبر الجاري”. وتتكرر الخسائر البشرية والمادية جراء العواصف المطرية في سواحل الصومال نتيجة غياب نظم الإنذار المبكر للإعصار وارتفاع مستوى سطح البحر.

قصة الحرب

وتُعدُّ قصة الشابّيْن الصومالييْن اللذين اختفيا منذ نحو عامين بحلول مطلع العام 2021 ليتم اكتشاف وفاتهما في شهر آب أغسطس من العام 2021، من أهم الموضوعات التي حازت على قدر كبير من الاهتمام والمتابعة في أوساط الصوماليين رغم رداءة خدمة الإنترنت؛ العنصر الأساسي في ربط الصوماليين ببعضهم البعض.

حيث كان علي جاماك يعتقد أن ابنه يعمل حارس أمن في دولة قطر في إطار الإعداد لنهائيات كأس العالم لكرة القدم التي تقام عام 2022. وفي أحد الأيام في شهر أبريل نيسان الماضي وصل مسؤولون من وكالة المخابرات الصومالية ومعهم عشرة آلاف دولار نقداً.

وقال جاماك (48 عاماً) “عرضوا عليَّ صورة من واتساب وسألوني “هل تعرف صاحب هذه الصورة واسمه بالكامل؟” فقلت “نعم هو ابني”. فقالوا لي: “ابنك مات” وبكيت”.

كان ابن علي واحداً من ثلاثة شبان صوماليين قالت أسرهم إن الحكومة الاتحادية الصومالية جندتهم للعمل في وظائف في قطر، لكنهم ظهروا في إريتريا حيث سافروا للخدمة في جيشها رغماً عنهم. وقالت أسرتان أخريان إن اثنين من أبنائهما اختفيا ببساطة.

ويثير هذا التجنيد السري فيما يبدو لشبان صوماليين للانخراط في قوة مقاتلة في إريتريا غضباً عاماً في الصومال، وهو بلد فقير يسعى فيه الجميع وراء فرص العمل في الخارج، وتفجرت احتجاجات الأسبوع الماضي في العاصمة مقديشو وفي مدينتي جوري عيل وجالكعيو بسبب المجندين المفقودين.

وشعر صوماليون بالقلق على أبنائهم بعد ورود تقارير عن مشاركة قوات إريترية في الاشتباكات التي وقعت في نوفمبر من العام 2020 في شمال إثيوبيا المجاورة.

ويقول حسين ورسامي إن ابنه صدام “21 عاماً”، سافر للعمل في قطر في أكتوبر من العام 2019 ولم تصله أي أخبار منه لأكثر من عام، وآخر اتصال كان هاتفياً في نوفمبر الماضي حتى لحظة سماع نبأ وفاته في شهر أغسطس.

ونقل عن ابنه قوله له “كنا كلنا مصدومين عندما نزلنا في إريتريا، كنا نعتقد أننا سنطير إلى قطر يا أبي، لا توجد حياة هنا. لم أرى طعاماً سوى كسرة أو شريحة من الخبز منذ غادرت الصومال في 2019”.

القصة بدورها أيضاً كانت بمثابة صدمة أخرى للمجتمع الصومالي الذي لطالما ظل يتعرض أبناؤه للبيع بأرخص الأثمان، حسب وصفٍ كتبه أحد المتابعين على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”.

الواقع الصومالي

على الجانب الآخر نالت مشاركة الصومال في أولمبياد ألعاب القوى لعام 2020 في اليابان مستوىً جيداً من المتابعة نتيجة لتوجيه بعض الصفحات لتشجيع البعثة الصومالية رغم قلة المشاركين بنحو لاعبيْن فقط ما بين لعبتي التجديف والملاكمة، وهو ما عدَّه هؤلاء الناشطون خطوة بعد انقطاع دام لسنوات عن الوجود الصومالي رياضياً بسبب ما تمر به الدولة سياسياً واقتصادياً.

وسيطرت أيضاً مسألة الكشف عن توقعات محتملة بحدوث مجاعة قد تضرب البلاد بنهاية العام 2021  نتيجة لارتفاع حجم نسب التصحُّر والجفاف مقابل قله الغذاء، وهو ما قد يتأثر به نحو 5 ملايين مواطن صومالي خلال الأشهر القادمة.

ليسارع المشتركون على متن العالم الافتراضي ومواقع التواصل بإطلاق نداء استغاثة وُجِّه إلى المنظمات المحلية والدولية لمجابهة الأمر، وتوفير أكبر قدر من احتياجات المساعدات الإنسانية؛ تفادياً لتكرار مجاعة ثمانينيات القرن الماضي التي خلفت عشرات الآلاف الضحايا.

ولم يغب وباء فيروس كورونا – كوفيد 19 عن المشهد الصومالي رغم تناقص الاهتمام، ولكن يظل ارتفاع حالات الإصابة بشكل يومي يفرض نفسه على التناول والتداول من قبل النشطاء في دولة تعاني من توفير أبسط معينات الحياة الصحية، وتكاد تعتمد على توفير احتياجاتها الصحية والتعليمية عن طريق المنح والمساعدات.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here