لقاء الشيوعي والحركة الشعبية .. جريمة أم حق مشروع

9
لقاء الشيوعي والحركة الشعبية .. جريمة أم حق مشروع

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. في سرية تامة، ومنذ أكثر من أسبوع، انخرط الحزب الشيوعي في مباحثات مكثفة مع الحركة الشعبية قيادات الحلو في معقلها بـ”كاودا”، وهو الامر الذي اعتبره كثيرون بأنه محاولة من الشيوعي للتخابر والتآمر على الدولة، وأن الحزب انتقل من وسائله السلمية في إسقاط الحكومة إلى اللجوء إلى الوسائل العسكرية، فيما يذهب البعض، إلا أن ما قام به الشيوعي ليس جريمة وخيانة عظمى على اعتبار أن التواصل مع الحركات المسلحة ممارسة شائعة وسط القوى السياسية ولا تعني التخابر والتآمر.

ملابسات الاحتجاز

هذا، وعقب انتهاء المباحثات بين الشيوعي والحركة الشعبية احتجزت السلطات في جنوب السودان قيادات الحزب الشيوعي، بجانب أنها حققت معهم حول سفرهم إلى كاودا سيما إنهم لم يخطروا السلطات في جنوب السودان بعملية السفر، ولم توضح السلطات في جنوب السودان سبب الاحتجاز حتى كتابة هذه التقرير، غير أن الحزب الشيوعي إتهم الحكومة في السودان بأنها وراء الاحتجاز وأنها تسعى من هذا اللقاء إلى شيطنته وإتهامها له بالتحريض على الدولة.

خميرة عنكة

العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية
العميد ياسر أحمد الخزين، الناطق الرسمي باسم قوات السلام السودانية

الخبير العسكري ياسر أحمد الخزين أيد خطوة اعتقال قيادات الحزب الشيوعي، وأضاف “لايجوز لأي حزب أو جماعة أو تيار عقد اتفاقات مع أي حركة مسلحة أو إحتوائها لتكون ذراعه العسكري، لذا أبارك وأؤيد إعتقال أي شخص أو جهة تتصل بأي حركة متمردة أو تتبنى أفكارها”، مشيرا إلى ان مهمة الاعتقال من اختصاص القوات النظامية فقط، واردف، “أهل مكة أدرى بشعابها والقوات النظامية فقط هي التي تقدر متى تحارب ومتى تهادن ومن تصالح وليس لحزب الحق في ممارسات هدامة للدولة والمجتمع”. وشن الخزين هجوما عنيفا على الشيوعي، معتبرا إنه “خميرة عنكة في السياسة السودانية، كما قال إنه يعمل بسياسة يد الطوف، أخرى بالمركب ودونك قياداته بالحركات المسلحة الحلو وعرمان”، وهم في نظر الخزين يمثلان قطب التمرد، وقال الخزين لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن الحزب الشيوعي من خلال هذه التحركات يسعى جاهدا بالطرق السلمية والدموية عبر الحركات المسلحة أن يصل إلى غاياته وهي إسقاط الحكومة”، واضاف “الشيوعي فشل في سرقة الثورة لذلك ظل يتخبط دون هدى وبصيرة وهو الأمر الذي جعله يعقد الاتفاقيات والاجتماعات السرية مع الحركات المسلحة”، مستدركا “ولكن هذا لن يحدث على اعتبار أن القوات المسلحة حريصة على حماية البلاد وأنها عصية على التفكيك الذي ظل يطالب به المدنيين الذين في مقدمتهم الحزب الشيوعي”.

جريمة وخيانة

الفاتح محجوب، أستاذ في العلاقات الدولية ومحلل سياسي

يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب في تصريح لموقع “أفريقيا برس”؛ “إن التعامل مع حركات متمردة تحمل السلاح ضد الدولة والتنسيق مع تلك الحركات المتمردة سياسيا ضد حكومة البلد او التعاون مع دولة أجنبية ضد حكومة بلدك في قانون اي دولة في العالم يعتبر جريمة وخيانة عظمى للدولة”، مستدركا، “لكن في السودان بلد العجائب لا يعتبر هذا الفعل ممارسة تدخل صاحبها في جريمة الخيانة العظمى لأنها ممارسة شائعة وسط كل القوى السياسية السودانية بدون استثناء ولهذا لا يعتبر تصرف الوفد القيادي الشيوعي في العرف السوداني جريمة بل هو ممارسة عادية لحزب سياسي سوداني”، ويقول الفاتح “لتطبيق العرف الدولي في حب الوطن وعدم خيانته نحن بحاجة لتربية وطنية وقوانين رادعة تحدد بوضوح حدود المعارضة للنظام وما هو مقبول كمعارصة وما هو غير مقبول ويعتبر خيانة للوطن”، وأكد محجوب، “أن معظم الأحزاب السياسية السودانية تقريبا تعاملت مع دول أجنبية بعضها تلقى أموال وبعضها قاتل مع جيوش عدوة لبلده وبعضها حرض دول كبرى ضد وطنه وساهم في حصارها وتجوبع وطنه وكثير من تلك الأحزاب السياسية متحالف مع حركات متمردة وينسق معها جهارا نهارا”، وعليه وبحسب الفاتح لا صحة لإدانة الحزب الشيوعي على فعل ممارسة شائعة وسط معظم الأحزاب السياسية السودانية.

ماذا قال الشيوعي؟

كمال كرار : الدولة عسكرية بنسبة 100%
كمال كرار ، قيادي بالحزب الشيوعي السوداني

لكن القيادي بالحزب الشيوعي، كمال كرار يذهب بعيدا عن الحديث السابق، إذ يرى في حديثه لموقع “أفريقيا برس” أن حزبه لا يحرض على الدولة، وأن ما قام به من لقاءات مع قيادات الحركات المسلحة يعد عملا طبيعيا في سياق التعاون مع هذه الجماعات”، محذرا في ذات الوقت من اتهام الحزب بالعمالة ومتوعدا بملاحقة كل من يصفه بذلك، وقال كرار “إن الحزب ظل يستخدم الأدوات السلمية في مقارعة الأنظمة الشمولية منذ قيامه وأن ما تم في جوبا كان مجرد إتفاقيات وبروتوكلات مع الحركة الشعبية”، مشيرا إلى أنها ليست بالجديدة حيث بحسب كرار سبق للشيوعي أن وقع عددا من الاتفاقيات مع الحلو وعبد الواحد نور. واستنكر كرار عملية اعتقال قياداته، مشيرا إلى أن ذلك يخالف الأعراف والبرتكولات الدولية، وأردف متسائلا “كيف تعتقل أجنبي من دون تهمة تذكر ولا حتى تبرر عملية الاعتقال”، معتبرا ذلك عملا كيديا يقوم به العسكر في السودان واختتم كرار مؤكدا أنهم في الحزب الشيوعي لن يحرك فيهم ساكن بل يجعلهم أكثر قوى مع الشعب السوداني حتى سقوط الانقلاب.

لمحة عن الحزب الشيوعي السوداني

الحزب الشيوعي السوداني هو حزب شيوعي في جمهورية السودان، تأسس سنة 1946. يُعتبر إحدى القوى السياسية المؤثرة في السودان، كما كان يُعتبر واحدا من أكبر حزبان شيوعيان في العالم العربي مع الحزب الشيوعي العراقي قبل سنة 1971. تم كبح جماح الحزب بعد محاولة انقلابية فاشلة في 19 يوليو 1971 ضد نظام الرئيس جعفر النميري، على إثر ذلك تم إعدام أهم قادة الحزب مثل جوزيف قرنق، وعبد الخالق محجوب وهاشم العطا، كما يصدر صحيفة الميدان منذ العام 1954م وحتى الآن . ظل الحزب الشيوعي يرفض المساومة والدخول في مفاوضات مع كل الحكومات العسكرية التي مرت على السودان، حتى بعد سقوط نظام البشير ظل ينتهج العمل السلمي ويرفض الحوار مع العسكر باستثناء دكان جزء من الشراكة بين العسكر والمدنيين الأخيرة، لكن سرعان ما تخلى عنها وأصبح يناور عبر الشارع وعقد اتفاقيات مع الحركات المسلحة التي ترفض حكم العسكر في السودان.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here