ما مدى نجاح مبادرة “فولكر” في حل الأزمة السياسية؟

140
ما مدى نجاح مبادرة

أحمد جبارة

أفريقيا برس – السودان. ردود فعل متباينة خلفتها مبادرة “فولكر” بشأن حل الأزمة السياسية في السودان، وفيما اعتبرها البعض، لشرعنة الانقلاب الذي قام به البرهان، رأى آخرون أن المبادرة الاممية تمثل بارقة أمل للسودان بحيث يمكن أن تجنبه الإنزلاق والوقوع في الفوضى، وبين هذا وذاك، يبرز سؤال عريض لدى المراقبين فحواه؛ ما مدى نجاح مبادرة “فولكر” في حل الازمة السياسية؟

مشاورات أولية

وأعلن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الانتقال بالسودان “يونيتامس” فولكر بيرتس، إطلاق مشاورات “أولية” لعملية سياسية شاملة بين الأطراف السودانية لحل أزمة البلاد، وأوضح أنه ستتم دعوة أصحاب المصلحة الرئيسيين، من المدنيين والعسكريين للمشاركة فيها، دون تحديد موعد لها.

ظروف مساندة

الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية
الفاتح محجوب، أستاذ العلاقات الدولية

المحلل السياسي الفاتح محجوب قال لـ”أفريقيا برس”؛ إن مبادرة فولكر المقدمة باسم الأمم المتحدة هي مبادرة تحظى بدعم دول الترويكا وموافقة حلفاء السودان الاقليميين اي السعودية والإمارات، وتابع: “إذن نظريا توافرت ظروف مساندة لنجاح المبادرة الأممية لكن العقبة الأساسية أمام نجاح المبادرة هي وجود جهات سياسية تقف خلف لجان المقاومة وتجمع المهنيين ترفض اي مبادرة تعطي المكون العسكري اي دور في الفترة الانتقالية وترغب في سيطرة كاملة على الفترة الانتقالية”، وهو ما عبر عنه متحدث باسم تجمع المهنيين، عندما طالب بإحالة ممثلي المكون العسكري إلى التقاعد وأن يكون رئيس مجلس الوزراء المدني هو نفسه القائد العام للقوات المسلحة، بجانب إشرافه على إعادة هيكلة القوات المسلحة ودمج الدعم السريع وبقية الحركات المسلحة فيها، وأن تمتد الفترة الانتقالية الي أربع سنوات اخرى، ونبه محجوب إلى أن مثل ذلك الطرح يقوم على فكرة الانتصار التام للتظاهرات على المكون العسكري والاطاحة به وليس التفاوض معه إلا على شروط التسليم، ويمضي الفاتح قائلا: “أما قوى الحرية والتغيير التي تم أبعادها عن لجان المقاومة وتجمع المهنيين وباتت خارج حلبة الصراع فهي نظريا موافقة علي المبادرة”، مستدركا: “ولكنها لا تستطيع المضي فيها قدما إلا بعد موافقة لجان المقاومة وتجمع المهنيين ومن يقف خلفهم على اعتبار أن اي اتفاق يتم بدون موافقة هؤلاء سيكون مصيره مثل اتفاقية حمدوك والبرهان اي غير قابل للتنفيذ”، ورأى محجوب؛ أن المكون العسكري من جهته حريص على التفاوض خوفا من انزلاق البلاد في هوة العنف والفوضى سيما مع استمرار التظاهرات بنفس الطريقة التي يتعطل فيها دولاب العمل ويتم فيها إراقة الدماء في كل تظاهرة، وهو ما يؤدي تدريجيا إلى بروز العنف والفوضى والعنف المضاد، وربما تدخل حركات التمرد التي تمتلك اصلا خلايا مسلحة في الخرطوم، وختم محجوب قائلا: “إذن مبادرة فولكر تمثل أهم بارقة أمل للسودان لتجنب التحول إلى سوريا او ليبيا او الصومال”.

مبادرة ملزمة

الدكتور عبد الرحمن أبوخريس - أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية
الدكتور عبد الرحمن أبوخريس – أستاذ العلاقات الدولية في المعهد الدبلوماسي، التابع لوزارة الخارجية السودانية

في السياق ذاته، يرى أستاذ العلاقات الدولية عبد الرحمن أبوخريس في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ أن مبادرة فولكر تعد أعلى مبادرة حتى الآن، على اعتبار أن فولكر ممثل الامين العام والمسؤول الأول والمفوض أمميا من تحقيق التحول الديمقراطي، بجانب فرص بحثه ودعمه وتحقيقه وتحديد آليات ذلك كمهمة رسمية وجدت دعما من المجتمع الدولي ومؤسساته. ويقول ابوخريس؛ إن مبادرة فولكر ملزمة للأطراف خاصة الأحزاب على اعتبار أنها منظمات مجتمع مدني معنية بالانتخابات، وهذا يتسق مع قرار تكليفه كأعلى منصب أممي ذو تفويض محدد، فالحوار والتفاوض والاتصال الدبلوماسي -بحسب ابوخريس- هي آلياته الرئيسية حتى الآن على اعتبار أن السودان مازال في الفصل السادس، داعيا الرافضين للمبادرة أن يعيدوا قراءة قرار تكليف فولكر ومعرفه حجم ما يترتب عليهم من تداعيات نتيجة تمنعهم تحت حجج تتعارض مع طبيعة عمل تنظيماتهم وأهدافها في الحصول على السلطه عبر “الانتخابات”.

هذا وقد رفضت عدد من القوى السياسية مبادرة فولكر، واعتبرتها محاولة لشرعنة إنقلاب البرهان، كما أكدت القوى السياسية، سيما قوى التغيير؛ أن المبادرة تسعى لدفع قوى الثورة للتطبيع مع العسكرين، وقطعت القوى السياسية أن حل الأزمة ليس في المبادرة بل في إسقاط قرارات الجيش بشكل تام، وتقديمهم قياداته للعدالة على جرائمهم التي اقترفوها.

لكن ابوخريس، يرى أن الرافضين للمبادرة هم الذين أتوا بالبعثة لتأمين التحول ولجم التدخلات العسكرية في السلطة، فالمبعوث فولكر في- نظر أبوخريس- يمارس مهامه الرسمية، لذلك فإن الاعتراض على المبادرة ورفضها يعتبر رفضا لقرارات اممية متخذة من مجلس الأمن الدولس وبرغبة الحكومة السودانية، مما يدفعه الى اتخاذ خيار يدعم فيه الأمم المتحدة على أن تتبنى قرار الانتخابات المبكرة، وهذا خيار له تداعياته على الرافضين وعلى الاستقرار العام، مشددا على ضرورة ان تتعامل القوى السياسية مع الواقع السياسي بشكل مرن خاصة وأن الوضع قبل 25 اكتوبر لم يكن ديمقراطيا بالإجماع الدولي، فمعظم التوصيفات الدولية بحسب أبوخريس وصفتها بغير الانقلاب باعتبار انه لم يؤسس على انتخابات او استفتاء عام رسمي، ويضيف أبوخريس: “المبادرة سانحة مواتية لصياغة وثيةه برعاية اممية ونتجنب فيها الاخطاء السابقة وفق فترة طويلة جديدة فما عجزت عنه الاحزاب في الفترة السابقة”، مضيفا “يمكن انجازه في مبادرة فولكر، مشددا على ضرورة أن تدرس القوى السياسية مبادرته وتحليلها قبل إعلان رفضها.

لماذا المبادرة؟

عادل خلف الله
عادل خلف الله، الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي السوداني، وقيادي في قوى الحرية والتغيير “المجلس المركزي”.

في غضون ذلك، شن القيادي بقوى الحرية والتغيير، عادل خلف الله، هجوما عنيفا على فولكر، إذ اعتبر أن الحوار بين الفرقاء السودانيين ليس من مهامه، وإنه يسعى لشرعنة الانقلاب وإعفاء قتلة المتظاهرين السلميين من القصاص، مؤكدا في حديثه لـ”أفريقيا برس”؛ رفضهم التام للمبادرة، التي يعتبر هادفة لتطبيع القوى الحية سيما لجان المقاومة مع العسكريين الذين قاموا بالانقلاب على السلطة المدنية،وتابع: “نحن في قوى الحرية والتغيير درجنا على مقاومته وليس مفاوضته”، واردف: “ايضا الامم المتحدة مهمتها دعم التحول الديمقراطي وليست شرعنة الانقلاب”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن السودان اليوم عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here