لأول مرة بعد الثورة… برلمان تونس دون حركة “النهضة” فمن هم النواب الجدد؟

26
لأول مرة بعد الثورة... برلمان تونس دون حركة
لأول مرة بعد الثورة... برلمان تونس دون حركة "النهضة" فمن هم النواب الجدد؟

أفريقيا برس – تونس. طوى التونسيون صفحة الانتخابات التشريعية وبدأ الحديث عن تركيبة البرلمان القادم، وسط تساؤلات عن مدى قدرته على تغيير واقعهم الاقتصادي والاجتماعي في ظل الصلاحيات الموكولة إليه بالدستور الجديد.

وفقا للنتائج الأولية التي أعلنت عنها حديثا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، ضَمن 154 مترشحا حصولهم على مقاعد في المجلس النيابي الجديد الذي تقلّصت تركيبته بفعل الدستور الجديد من 217 مقعدا إلى 161 مقعدا.

ومن المتوقع أن ينطلق عمل البرلمان في شهر مارس/ آذار المقبل بعد صدور نتائج الطعون والتصريح بالنتائج النهائية للانتخابات. وسيكون البرلمان منقوصا بـ 7 مقاعد تعود لدوائر في الخارج بسبب عدم تسجيل ترشيحات فيها.

وكشفت النتائج الأولية للانتخابات عن ملامح الخارطة البرلمانية المقبلة التي ستشهد صعود قوى جديدة تتشارك في مساندتها لمسار 25 يوليو/ تموز، وهي بالأساس “حركة شباب تونس الوطني” المعروفة إعلاميا بحراك 25 يوليو، وائتلاف “لينتصر الشعب”، وحزب “حركة الشعب”، وجبهة “الشعب يؤسس”.

وبحسب تصريحات ممثلين عن هذه القوى، ضمن “حراك 25 يوليو” الفوز بأكثر من 80 مقعدا، بينما قدّرت “حركة الشعب” فوزها بنحو 22 مقعدا، فيما رجّح حزب “لينتصر الشعب” حصوله على نحو 13 مقعدا، بينما أقر ائتلاف “الشعب يؤسس” بفوزه بنحو 10 مقاعد.

ولأول مرة في تاريخ البلاد ما بعد الثورة، يتشكل برلمان تونسي خالٍ من حركة “النهضة” وحلفائها، في خطوة اعتبرها البعض عقابا للمنظومة السابقة على فشلها في تحسين واقع التونسيين.

حراك 25 يوليو… صاحب الكتلة الأكبر

ويؤكد رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو، محمود بن مبروك، أن الحراك فاز بالأغلبية البرلمانية بما يناهز 86 مقعدا، في انتظار تأكيد هذا العدد بعد استكمال الطعون في نتائج الانتخابات.

ولفت بن مبروك إلى أن البرلمان القادم سيعمل ضمن كتل تشترك في مساندتها لمسار 25 يوليو، مشيرا إلى أن التركيبة الجديدة ستكون متجانسة وبالتالي ستساعد على تمرير القوانين على عكس البرلمانات السابقة التي طغى عليها التشتت والتجاذبات السياسية والسياحة الحزبية.

وأضاف “مهمتنا تشريعية بالأساس بحسب الدستور الجديد، وهدفنا الأول سيكون تحسين الواقع الاقتصادي للتونسيين والاجتماعي وتذليل الصعوبات التي تعيق دعم المستثمرين ورجال الأعمال من أجل تمكين تونس من الخروج من الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة”.

وأشار بن مبروك إلى أن مرور تونس إلى بر الأمان سيكون عبر تغيير التشريعات في اتجاه إلغاء البيروقراطية والاتفاقيات التي أنهكت الاقتصاد التونسي وخاصة الاتفاقيات مع الجانب التركي التي قال إنها أغرقت الأسواق التونسية على حساب الصناعيين والحرفيين المحليين.

ويرفض بن مبروك اعتبار هذا البرلمان منزوع الصلاحيات أو مؤسسة في خدمة الرئيس، مشيرا إلى أن الدستور الجديد يمنح مهمة التشريع للبرلمان بدرجة أولى ثم للرئيس بدرجة أقل.

وأوضح “تدخل رئيس الجمهورية في هذا الجانب محدود جدا ويقتصر على بعض الحالات مثل الاتفاقيات الدولية التي له فيها أولوية النظر، وقد حافظ المجلس النيابي على وظيفته التشريعية وعلى دوره الرقابي في علاقة بعمل الحكومة وعلى دوره أيضا في المصادقة على ميزانية الدولة والتشريعات المهمة”.

برلمان دون حركة “النهضة”

ويرى رئيس المكتب السياسي لحراك 25 يوليو أن البرلمان الجديد سيكون قادرا على تغيير واقع التونسيين، خاصة في ظل التركيبة الجديدة التي تتضمن حضورا ضعيفا جدا لحركة النهضة وشركائها، وفقا لقوله.

وأضاف “لقد ترشحت حركة النهضة عبر وجوه من المستقلين ولكنهم يحملون نفس الفكر، ولكن تمثيليتها لا تتجاوز 7 أو 8 نواب، وبالتالي لن يكون لهم أي وزن في الغرفة التشريعية في البرلمان”.

ولفت بن مبروك إلى أن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة ترجمت رفض الشعب التونسي للمنظومة القديمة التي سبق وأن لفظها حينما امتنع عن الاستجابة لدعوة حركة النهضة وجبهة الخلاص إلى الخروج إلى الشارع يوم 14 يناير.

بدوره، اعتبر عضو مبادرة “لينتصر الشعب” منجي الرحوي، أن خلو هذا البرلمان من حركة النهضة وأتباعها نقطة إيجابية جدا، مؤكدا أن حضور حركة النهضة في المشهد البرلماني القادم ضعيف جدا ويكاد يكون منعدما.

ويرى الرحوي أن التركيبة الجديدة للبرلمان ستسمح بإصدار قوانين وطنية وذات بعد اجتماعي، مؤكدا أن مبادرة “لينتصر الشعب” ستكون ممثلة في البرلمان القادم بعدد محترم من النواب، سيتم الكشف عنه قريبا.

وحول أولويات المجلس النيابي الجديد، قال الرحوي: “سينكب هذا البرلمان على تغيير واقع التونسيين خاصة فيما يتعلق بتحسين المقدرة الشرائية للمواطن وتمرير اصلاحات حقيقية تصب في مصلحة الشعب بعيدا عن تلك التي يسعى صندوق النقد الدولي إلى فرضها”.

وأشار إلى أن البرلمان القادم سيركّز على تمرير تشريعات تحسّن من واقع القطاع الفلاحي وتضمن انتعاش التصدير، مؤكدا أن من بين الاصلاحات التي سيشرع في تنفيذها هي تغيير مجلة الاستثمار ومجلة الثروات والمحروقات وقانون البنوك بما في ذلك البنك المركزي وقانون الطاقات المتجددة والشراكة بين القطاعيْن العام والخاص وقانون المنافسة والأسعار في اتجاه إحداث نمو حقيقي.

وقال الرحوي “سنعمل أيضا على تغيير بعض الصلاحيات الموكولة لهذا البرلمان، على غرار مسألة الرقابة على عمل الحكومة وعلى السلطة التنفيذية ككل بشكل يضمن التوازن بين السلطات والرقابة فيما بينها. كما سنعمل أيضا على تعديل القانون الانتخابي لتجاوز الهنات السابقة”.

تغيير النظام الداخلي وسد الشغور… أول مهمة

وقال القيادي في حركة الشعب الذي فاز بمقعد في البرلمان القادم، عبد الرزاق عويدات، إن المجلس النيابي الجديد الذي جرى انتخابه على الأفراد عوضا عن القائمات، سيضمن تمثيل كل جهات البلاد.

وأضاف “ما يهم الآن هو أن تكون برامج النواب الجدد متقاربة بشكل يضمن تشكيل كتل برلمانية قادرة على طرح تصورات وبرامج تصب في مصلحة البلاد.. صحيح نحن ترشحنا على دوائر انتخابية ضيقة، ولكننا سنمثل كل فئات الشعب”.

وأكد عويدات أن أول خطوة للمجلس النيابي القادم ستكون تعديل النظام الداخلي للبرلمان بناءً على الدستور الجديد الذي حول النظام من شبه برلماني إلى رئاسي، إلى جانب انتخاب رئيس للبرلمان ونائبين له.

وأضاف “أما النقطة الحارقة الثانية فهي استكمال تركيبة البرلمان الذي سيبدأ عمله بـ 7 مقاعد شاغرة تعود لدوائر انتخابية بالخارج، إما بتنظيم انتخابات جزئية في هذه الدوائر أو الحفاظ على التركيبة الحالية كما هي، وهي فرضية مستبعدة”.

وأشار عويدات أنه بعد استكمال هاتين المهمتين، سينكب البرلمان الجديد على النظر في التشريعات التي تهم مصلحة الشعب، مشددا على أن المجلس النيابي سيلعب دورا محوريا في المرحلة المقبلة على عكس ما يذهب إليه البعض ممن قلل من دور هذه المؤسسة وقدرتها على التغيير.

وتابع “موقف هؤلاء مبني على أسس غير سليمة، إذ ليس من الجائز المقارنة بين برلمانيْن في نظاميْن مختلفيْن الأول شبه برلماني والثاني رئاسي”، مشيرا إلى أن الدستور الجديد ضمن صلاحيات واسعة للبرلمان الجديد، ومن أهمها المسألة التشريعية.

وقال عويدات إن المجلس النيابي القادم سيواصل الاضطلاع بدوره في عرض مشاريع القوانين ومناقشتها والمصادقة عليها، نافيا انتزاع الدور الرقابي للبرلمان.

وأشار إلى أن الدستور الجديد أقر السؤال الشفوي والكتابي للنواب في علاقة بعمل الحكومة، كما منحه امكانية الحوار معها. بالإضافة إلى مناقشة ميزانية الدولة التي قال عويدات إنها تترجم عمل الحكومة طيلة سنة كاملة.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here