ماذا يحصل عندما تنفد حجج الرئيس؟

29
ماذا يحصل عندما تنفد حجج الرئيس؟
ماذا يحصل عندما تنفد حجج الرئيس؟

أفريقيا برس – تونس. حدثت، خلال الأيام الأخيرة، عدة وقائع مهمّة في تونس تدلّ على خسران الرئيس قيس سعيّد حججه، وبعض أركان حكمه، التي استخدمها للانقلاب على النظام الذي نشأ بعد ثورة 17 كانون أول/ ديسمبر 2010 ولتأسيس نظام يهيمن فيه الرئيس على مقدّرات الأمور.

أولى هذه الوقائع جرت الأحد الماضي، وتمثلت بالعزوف الشعبي الواسع عن المشاركة في الدورة الثانية للانتخابات التشريعية، حيث أعلنت السلطة أن نسبة التصويت كانت 11,4٪، وهو تأكيد جديد لمقاطعة الناخبين التونسيين لهذه العملية الانتخابية التي كان سعيّد يعوّل عليها للتصديق على دعواه بأن انقلابه كان استجابة لإرادة الشعب.

الواقعة الثانية كانت إعلان خفض التصنيف السيادي لتونس مع آفاق سلبية، وهو ما أدى لتخفيض تصنيف البنك المركزي التونسي، وكذلك خفض تصنيف أربعة بنوك، وحسب وكالة «موديز» الأمريكية، فإن سبب التخفيض هو «تواصل حالة عدم اليقين بسبب عدم وجود برنامج تمويل شامل لتلبية الاحتياجات التمويلية الهامة للحكومة» مما يزيد من مخاطر التخلف عن السداد من قبل الدولة. يضاف إلى ذلك أن الاتفاق لم يتم بعد على البرنامج الجديد لصندوق النقد الدولي، رغم التوصل لاتفاق على مستوى الخبراء في تشرين أول/أكتوبر العام الماضي.

غطّت وسائل الإعلام العالمية الحدث الأول، فأشارت صحيفة «نيويورك تايمز» إلى خسارة المقربين من سعيّد في هذه الانتخابات، باعتبارها «علامة أخرى على فراغ مشروعه السياسي: لا رؤية ولا استراتيجية ولا فريق» كما اعتبرت النتائج دليلا على تراجع شعبيته، كما أشارت صحيفة «لوموند» إلى أن الجمهور التونسي صار يحطّم الأرقام القياسية في الامتناع عن التصويت، وأن الفائدة التي جناها سعيّد من الدعم الأولي لمواطنين غاضبين من الانحدار الاجتماعي والاقتصادي تبددت مع إحساس الناس بخيبة أمل، فهو لا يني يردد كلاما شعبويا بدل الأفعال، وهو عاجز عن رفع اقتصاد البلاد الذي هو على وشك الإفلاس، ومعلق على احتمالات إنقاذه من صندوق النقد الدولي.

بعد سقوط هاتين الدعامتين اللتين استند إليهما سعيّد جاء دور «الاتحاد العام للشغل» الذي لعب دورا في تأييد إجراءات سعيّد وإعطاء شرعيّة لها على أرضية عدائه اليساريّ لحزب «النهضة» الإسلامي، فبعد بدء الاتحاد لمجموعة من الإضرابات قامت سلطات سعيّد باعتقال الكاتب العام لنقابة شركة تونس للطرقات السيارة بتهم جرميّة يمكن أن يعاقب عليها بالسجن أكثر من عشرة أعوام، وهو ما دفع «الاتحاد العام للشغل» للتنديد باحتجاز أحد قيادييه، معتبرا ما حصل «ضربا للعمل النقابي» و«خرقا للاتفاقيات الدولية» و«لما ورد في دستور الجمهورية من فصول تنص على احترام الحريات النقابية وحق الإضراب».

وكما هي العادة عندما تنفد حجج الدكتاتور التي ارتكز عليها للانقلاب على الحياة الديمقراطية فقد بدأ التهديد بالقوة، فزار سعيّد أول أمس الثلاثاء، ثكنة العوينة في تونس العاصمة، واجتمع مع قيادات عليا للحرس الوطني (قوات تابعة لوزارة الداخلية) وكما هي العادة أيضا، فقد لجأ سعيّد إلى الشعبوية الفارغة مدعيا إن «الشعب يريد المحاسبة» (محاسبة من وعلى ماذا؟) ومطالبا قيادات الحرس الوطني بـ«التصدي لمن تآمر على الدولة في السنوات الماضية» وهو طلب غريب لأنه تحريض على قوى سياسية صارت خارج السلطة، وتعام مقصود عن مسؤوليته عن الانهيار الاقتصادي والسياسي الذي تعيشه البلاد.

ما يدعو إليه سعيّد، عمليا، هو تهديد التونسيين بالاعتقالات والسجون والقتل.

يقول سعيّد إن «الشعب يريد تطهير البلاد» فهل سيؤدي وضع النقابيين، والسياسيين، في السجون، إلى تحسّن الاقتصاد، وارتفاع مستويات التنمية، وتحقيق العدالة الاجتماعية؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن تونس اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here