أهم ما يجب معرفته
أعلنت إسرائيل اعترافها بأرض الصومال كدولة مستقلة، مما أثار جدلاً حول أهداف هذا القرار. يربط المحللون هذا الاعتراف باستراتيجية إسرائيلية قديمة في القرن الأفريقي، حيث تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة. كما تسعى أرض الصومال للحصول على دعم دولي من خلال هذه العلاقة. في المقابل، هناك مخاوف من أن يكون لهذا الاعتراف تأثيرات سلبية على القضية الفلسطينية.
أفريقيا برس. منذ إعلان إسرائيل اعترافها الرسمي بإقليم أرض الصومال، تتعدد القراءات والتحليلات حول أهداف هذه الخطوة وعلاقة هذا الاعتراف بحسابات وأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خاصة في منطقة القرن الأفريقي.
وأعلن نتنياهو أمس الجمعة الاعتراف الرسمي بـ”جمهورية أرض الصومال كدولة مستقلة وذات سيادة”، ووضع القرار في إطار “اتفاقيات أبراهام”، بينما اعتبرته الرئاسة الصومالية انتهاكًا لسيادة الصومال ووحدة أراضيه.
ويشير محللون إلى أن الخطوة الإسرائيلية ترتبط باستراتيجية قديمة، إذ اهتمت إسرائيل بمنطقة القرن الأفريقي منذ الخمسينيات والستينات. ويوضح الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية، عبد القادر محمد علي، لبرنامج “ما وراء الخبر” ضمن حلقة (2025/12/27) أن إسرائيل أعادت إحياء هذه الاستراتيجية خلال السنوات الأخيرة، وخاصة بين عامي 2010 و2011.
وعادت إسرائيل إلى الاهتمام بالقرن الأفريقي، وفق محمد علي، بعد صعود حركات المقاومة في قطاع غزة وفي جنوب لبنان، وبسبب تداعيات الربيع العربي، بالإضافة إلى ظهور الدور التركي في المنطقة.
أما السبب الآخر الذي جعل إسرائيل تعترف بأرض الصومال، فهو الموقع الاستراتيجي لهذا الكيان، حيث يشرف على خليج عدن ومضيق باب المندب، ما سيسمح لتل أبيب بالتجسس على جماعة الحوثيين في اليمن ومراقبة الملاحة في تلك المنطقة.
وفق الاعتقاد الإسرائيلي، فإن الاعتراف بأرض الصومال سيجعل هذا الإقليم منطقة معزولة عن محيطها، وسيكون جيبًا إسرائيليًا فقط، وفق ما يقول الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية.
ولا تختلف قراءة الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى، لقراءة الضيف السابق بخصوص القرار الإسرائيلي، فقد حدد أهداف إسرائيل من وراء الاعتراف بأرض الصومال في الاقتراب من الجبهة الحوثية والتحكم في الملاحة المائية في البحر الأحمر، فضلاً عن مواجهة النفوذ التركي في الصومال.
أما الهدف الاستراتيجي الآخر لإسرائيل، بحسب مصطفى، فهو توجيه رسالة للجميع بأنها تقوم فعليًا بتغيير منطقة الشرق الأوسط، وأنها تتحكم في إيقاع هذه التغييرات.
تهجير الفلسطينيين
وبخصوص ما تريده أرض الصومال في المقابل من إسرائيل، يقول الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، لبرنامج “ما وراء الخبر” إن الأمر يتعلق بالأمن وبمساعدات تكنولوجية وزراعية.
كما تريد أرض الصومال، بحسب الكاتب والمحلل السياسي المختص بالشؤون الأفريقية، عبد القادر محمد علي، أن تحصل على الحماية من إسرائيل وأن تكون علاقتها بها مدخلاً للعلاقة مع الولايات المتحدة ودول أخرى، أي الحصول على اعتراف دولي، بالإضافة إلى الحصول على دعم المؤسسات الدولية في مجال القروض والاستثمارات.
ومن جهة أخرى، لا يستبعد مكي أن يكون القرار الإسرائيلي الاعتراف بـ”جمهورية أرض الصومال” له علاقة بمساعي إسرائيل لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، خاصة أن الإقليم سيحصل على أموال في مقابل ذلك. لكنه اعتبر أن هناك عقبات قد تحول دون تحقيق هذا الهدف، تتعلق بالفلسطينيين أنفسهم، لأنهم يرفضون التهجير، والأمر الآخر أن أرض الصومال كيان غير معترف به دوليًا.
وكانت وكالة أسوشيتد برس أفادت في مارس/آذار الماضي أن الولايات المتحدة وإسرائيل عرضتا على مسؤولين في ثلاث دول أفريقية توطين فلسطينيين من قطاع غزة على أراضيها.
وذكرت الوكالة عن المصادر أن التواصل تم مع مسؤولين من السودان والصومال ومنطقة أرض الصومال الانفصالية بشأن المقترح، وكشفت الوكالة أن مسؤولين سودانيين قالوا إنهم رفضوا المقترح الأمريكي، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنهم ليسوا على علم بأي اتصالات في هذا الصدد.
ويذكر أن إقليم أرض الصومال يقع في الطرف الشمالي الغربي من الصومال، ولا يتمتع باعتراف رسمي منذ إعلانه الانفصال عن الصومال عام 1991. وترفض الحكومة الصومالية الاعتراف بالإقليم دولة مستقلة وتعده جزءًا لا يتجزأ من أراضي جمهورية الصومال، وتعتبر أي صفقة أو تعامل مباشر معه اعتداءً على سيادة البلاد ووحدتها.
تعود العلاقات الإسرائيلية مع القرن الأفريقي إلى الخمسينيات والستينيات، حيث سعت إسرائيل لتعزيز نفوذها في المنطقة. بعد أحداث الربيع العربي وصعود حركات المقاومة، أعادت إسرائيل إحياء استراتيجيتها في القرن الأفريقي، مما أدى إلى اعترافها بأرض الصومال كدولة مستقلة. هذا الاعتراف يأتي في إطار محاولات إسرائيل لتوسيع نفوذها في المنطقة وتعزيز علاقاتها مع دول جديدة.
أرض الصومال، التي أعلنت استقلالها عن الصومال عام 1991، لم تحظَ باعتراف دولي حتى الآن. تسعى أرض الصومال من خلال اعتراف إسرائيل إلى الحصول على دعم دولي وحماية، مما قد يساعدها في تحقيق اعتراف أكبر من المجتمع الدولي. ومع ذلك، تبقى هناك عقبات أمام هذا الهدف، خاصة فيما يتعلق بموقف الحكومة الصومالية.





