أفريقيا برس – مصر. أحالت نيابة أمن الدولة العليا في مصر الناشط الطالبي والحقوقي معاذ الشرقاوي إلى المحاكمة الجنائية، إلى جانب 70 مواطناً آخرين، في القضية رقم 540 لسنة 2023، التي كانت نيابة أمن الدولة طوارئ قد وجّهت فيها تهم “نشر أخبار وبيانات كاذبة” و”إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي” و”الانضمام إلى جماعة إرهابية” مناهضة للدولة.
وجاء في المستندات الخاصة بالتحقيقات أنّ نيابة أمن الدولة العليا في مصر وجّهت إلى هؤلاء اتهامات بـ”الانضمام إلى جماعة أُسّست بخلاف أحكام القانون”، تهدف إلى “تعطيل العمل بالدستور ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من أداء مهامها”، وإلى “الإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي”. وأفادت تحقيقات النيابة بأنّ المتّهمين حرّضوا على استخدام العنف وعلى نشر أخبار وبيانات كاذبة على منصات إعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي، إلى جانب تنظيم عدد منهم تجمّعات تجاوزت خمسة أشخاص من دون الاستحصال على تصريح من قبل الجهات الأمنية، وحيازة منشورات دعائية ذات طابع تحريضي، بالإضافة إلى تداول هؤلاء محتوى إلكترونياً تضمّن “دعوات لهدم مؤسسات الدولة وبثّ الفوضى” بحسب وصف النيابة.
وكانت نيابة أمن الدولة العليا في مصر قد رفضت فتح تحقيق في بلاغ رسمي قدّمه محامو معاذ الشرقاوي، في مارس/ آذار 2023، يتّهم فيه السلطات بارتكاب انتهاكات جسيمة ضدّ موكّله في فترة احتجازه. وأوضحت هيئة الدفاع عن الناشط المصري أنّ “البلاغ ما زال معروضاً أمام النيابة، من دون تحقيق حتى تاريخه، على الرغم ممّا تضمّنه من أدلّة وشهادات توثّق تعرض الشرقاوي لتعذيب بدني وإخفاء قسري”. وأكّد محامو الشرقاوي، في بلاغهم، أنّ الشرقاوي تعرّض لإخفاء قسري لمدّة ثلاثة أسابيع من دون الكشف عن مكان احتجازه، وقد تعرّض لضرب على وجهه وكتفَيه بالأيدي والأحذية من قبل أفراد لم يستطع التعرّف إلى هويتهم، إذ كان معصوب العينين طوال فترة احتجازه. أضافوا أنّ الناشط الشاب حُرم من التواصل مع أسرته أو محاميه، في مخالفة واضحة للدستور المصري ولأحكام قانون الإرهاب المعدّل في عام 2015.
وينصّ قانون الإرهاب المذكور على أنّ “فترة التحفّظ الاستثنائي على المتهم لا تتجاوز 14 يوماً، قابلة للتجديد لمرّة واحدة فقط، على أن تتوفّر في خلالها ضمانات أساسية، من بينها الإخطار بمكان الاحتجاز وحقّ المحتجز في الاتصال بذويه والاستعانة بمحامٍ، بالإضافة إلى إيداعه في مكان احتجاز قانوني وصدور أمر مسبّب بالتحفظ من محامٍ عام على الأقلّ، مع حقّ المتّهم في الطعن أمام المحكمة في خلال ثلاثة أيام من صدور قرار التحفّظ أو تمديده، وإلا وجب الإفراج الفوري عنه”.
لكنّ بلاغ محامي الشرقاوي بيّن أنّ كلّ تلك الضمانات القانونية والدستورية لم تُحترَم في حالته، إذ أنكرت السلطات المصرية، بما فيها جهاز الأمن الوطني ونيابة أمن الدولة، معرفتها بمكان احتجازه على الرغم من تقدّم أسرته ومحاميه ببلاغات عدّة تطالب بالكشف عن ذلك. كذلك حرمت النيابة المحتجز من حقّه القانوني في الطعن على قرار التحفّظ، وأبقت عائلته ومحاميه في “حالة تضليل متعمّد”، الأمر الذي يمثّل جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان وفقاً للبلاغ نفسه.
من جهتهم، نفى محامو الدفاع عن المتّهمين السبعين الآخرين كلّ الاتهامات الموجّهة إلى موكّليهم، وأشاروا إلى أنّ القضية تفتقر إلى أدلّة مادية يمكن البناء عليها لإصدار إدانة حقيقية، وأنّ الاتهامات استندت فقط إلى تحريات أمنية من دون توفّر وثائق أو مضبوطات ملموسة تدعمها. ووصف فريق الدفاع التحريات بأنّها “إخلال جسيم بضمانات المحاكمة العادلة”، لافتاً إلى أنّ القضية بأكملها تثير شكوكاً كبيرة بشأن مصداقيتها.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس