معبر رفح المهجور… هل انتهى دوره في إمداد غزة بالغذاء والوقود؟

4
معبر رفح المهجور... هل انتهى دوره في إمداد غزة بالغذاء والوقود؟
معبر رفح المهجور... هل انتهى دوره في إمداد غزة بالغذاء والوقود؟

أفريقيا برس – مصر. أنهت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأمل في عودة الحياة إلى معبر رفح البري على الحدود المصرية الفلسطينية، بعد أن أحكمت قبضتها على مدينة رفح الفلسطينية جنوب قطاع غزة، ونشرت الفرقة 36 المدرعة التي تعد أكبر فرقة لدى جيش الاحتلال، لتبقى منطقة عسكرية عازلة على الحدود المصرية لأول مرة.

تجهز قوات الاحتلال لفرض أمر واقع جديد، قبل التوصل إلى هدنة مدعومة من قطر ومصر وواشنطن. يسعى الاحتلال إلى فصل غزة اقتصادياً عن مصر وإحداث هوة عميقة بالقطاع.

تبقي مصر أبواب معبر رفح مفتوحة على مصراعيها، وفق ما نقله شهود عيان، انتظاراً لسماح قوات الاحتلال بدخول الجرحى والمصابين والمرضى الفلسطينيين الباحثين عن فرصة علاج في مصر أو الخارج، بينما ترفض دخول المساعدات الإنسانية من الغذاء والوقود والبضائع والإغاثية كالأدوية ومعدات إزالة الركام وبناء المخيمات لأكثر من شهرين.

مئات الشاحنات المحملة بالأغذية

أكد شهود العيان سماح السلطات المصرية بوقوف مئات الشاحنات المحملة بالأغذية الجافة ومواد الإغاثة غير القابلة للتلف السريع، بالقرب من معبري رفح وكرم أبو سالم، أملاً في أن تسفر المفاوضات التي تجري حاليا على تثبيت هدنة طويلة المدى، بين حماس وقوات الاحتلال، عن اتفاق عاجل يسمح بدخول المساعدات العاجلة، بما يوقف زحف المجاعة على أبناء القطاع.

قالت البرلمانية السابقة عن محافظة شمال سيناء سهام جبريل إن الاستعدادات تجري على قدم وساق، بأجهزة المحافظة ولجان الإغاثة الشعبية والدولية، لتوفير المساعدات الإنسانية التي يحتاجها الغزاويون، معبرة عن أملها في أن تلتزم إسرائيل بقرارات الهدنة الموقعة 15 يناير/ كانون الثاني 2025، وتثبيت وقف إطلاق النار، وبدء دخول المساعدات المتوقفة منذ 2 مارس الماضي، إلى المعابر.

في المقابل تدفع قوات الاحتلال الفلسطينيين تجاه الحدود المصرية، دون المرور على مدينة رفح، وتجهيز مسرح قوات الفرق المدرعة، بما يلغي دور معبر رفح تماما، أمام حركة الأفراد والبضائع، ليصبح التواصل المتاح أمام دخول المساعدات الإنسانية، عبر منفذي العوجة وكرم أبوسالم، المدرجين ضمن الحدود المشتركة بين مصر والاحتلال الإسرائيلي.

تسد قوات الاحتلال منافذ الاتصال المباشر، بين غزة وسيناء، ينما تحشد دولياً ضد مصر، وترفض دخول الشاحنات المحملة بالمساعدات، رغم وقوف بعضها منذ شهر رمضان أمام منافذ العبور مستهدفة إجبار مصر على قبول نزوح الأسر الفلسطينية التي تدفعها للهرب أمام الهجوم العسكري المتكرر على الخيام وما تبقى من منشآت مهدمة بالمناطق الحدودية المتصلة بمصر.

عزل غزة عن مصر

يؤكد الخبير الاقتصادي على الإدريسي، استهداف الاحتلال عزل غزة عن مصر بشتى السبل، ليكون التواصل الجغرافي والاقتصادي عبر بواباته التي يحددها دون غيرها، ليحكم قبضته على القطاع ويسيطر رقابياً على نوعية السلع والمنتجات.

يشير الإدريسي إلى أن اقتصاد غزة قائم على الواردات التي تأتيه من مصر، خاصة السلع الغذائية والاحتياجات الإنسانية اليومية، التي اعتاد الغزاويون استيرادها لرخص أسعار، مؤكداً أنّ هذه المنتجات لا تمثل أهمية اقتصادية لأنها لا تتعدى مئات الملايين من الدولارات، لكن تظل مهمة جداً من الجانب الإنساني الذي يربط القطاع بالشعب المصري، لافتاً إلى أنّ البدائل تصب في صالح الاحتلال الذي يخطط لجني كافة المنافع من الحصار الاقتصادي لصالح شركاته ومؤسساته الأمنية، التي تدير الاقتصاد في غزة واقعياً، وتفرض على الغزيين التعامل بالشيكل الإسرائيلي.

يوضح الخبير الاقتصادي أنّ كثيراً من الشركات المصرية ستظل تعمل مع غزة، عبر قنوات إسرائيلية، وإن كانت لا تحب الإعلان عن ذلك مستفيدة من عدم قطع العلاقات السياسية مع الاحتلال ووجود شراكات تجارية وصناعية ضمن اتفاقية “الكويز” التي تسمح بالتبادل السلعي والمنتجات الصناعية التي تتجه للأسواق الأميركية، من دون حصص أو تعرفة جمركية.

تبقى العمليات العسكرية الإسرائيلية بالمنطقة في حالة استنفار أمني على مدار الساعة، بما يجعل السلطات المصرية عاجزة عن إدخال أية مساعدات إلى غزة، في وقت تستمر الأوضاع الإنسانية في التدهور.

أخبر شهود عيان أن قوات الاحتلال سمحت بدخول مساعدات قدمتها منظمة الصليب الأحمر، تشمل شحنات مجانية من الوقود لتشغيل الأفران ومحطات المياه عبر معبر كرم أبو سالم، قادمة من الضفة الغربية، مع رفضها دخول نفس السلع المحملة على شاحنات أمام منفذ العوجة وكرم أبو سالم من تجاه مصر، منذ شهرين، فيما يظهر رغبة قوات الاحتلال بعزل القطاع عن مصر تماما، وممارسة المزيد من الضغط على السلطات، لتقبل دخول الفلسطينيين إلى سيناء، وفقاً لما تسميه إسرائيل بــ”الهجرة الطوعية”.

أكد شهود العيان أن قوات الاحتلال سمحت لبعض المرضى ومصابي العمليات العسكرية من المرور عبر معبر رفح إلى مصر، في حدود ضيقة للغاية خلال شهر إبريل، ويجري تحميل الحالات على نقالات الإسعاف، دون السماح لأي طرف بالعبور من مصر إلى داخل غزة.

كان القطاع يستقبل يومياً نحو 600 شاحنة من الاحتياجات الصحية والإنسانية قبل العدوان، إلا أن العدد تدنى بشكل كبير قبل أن يتم وقفه بشكل كامل منذ الثاني من مارس/ آذار الماضي بسبب إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لكافة المعابر ووقف إدخال المساعدات الإنسانية والسلع إلى القطاع.

ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي المدمر على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول عام 2023، قطعت إسرائيل إمدادات الماء والغذاء والأدوية والكهرباء والوقود عن سكان غزة، وهم نحو 2.3 مليون فلسطيني يعانون بالأساس من أوضاع متدهورة للغاية؛ جراء حصار متواصل منذ 17 عاماً. وحذر برنامج الأغذية العالمي في تقرير حديث من أن الآلاف من سكان غزة يواجهون مجددا خطر الجوع الحاد وسوء التغذية مع تناقص مخزونات الغذاء في القطاع وإغلاق الحدود أمام المساعدات. وفي الوقت نفسه، يعيق توسع النشاط العسكري في غزة بشدة عمليات المساعدة الغذائية ويعرض حياة العاملين في مجال الإغاثة للخطر.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here