أسعار المحروقات تعيد التضخم إلى الارتفاع في مصر

0
أسعار المحروقات تعيد التضخم إلى الارتفاع في مصر
أسعار المحروقات تعيد التضخم إلى الارتفاع في مصر

أفريقيا برس – مصر. أظهرت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، اليوم السبت، ارتفاع معدل التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية إلى 13.9% في إبريل/نيسان من 13.6% في مارس/آذار، و12.8% في فبراير/شباط، وذلك مقارنة بـ 24% في يناير/كانون الثاني. بينما سجل معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية 13.5% لشهر إبريل مقابل 13.1% لشهر مارس. كذلك ارتفع معدل التضخم الشهري بنحو 1.3% مقابل 1.6% في مارس 2025.

وتباطأت أسعار الأغذية والمشروبات 1.5% على أساس شهري. بينما ارتفعت على أساس سنوي 6%. وأرجع جهاز الإحصاء الحكومي زيادة التضخم إلى الارتفاع في أسعار الطعام والمشروبات بنسبة 6.2٪، المتأثرة بزيادة الحبوب والخبز بنسبة 12.9٪، والفاكهة والخضروات بنسبة 62٪، وزيادة أسعار الكهرباء والغاز والوقود بنسبة 39.4٪.

ورفعت لجنة تسعير الوقود بوزارة البترول المصرية أسعار الوقود بنسبة تراوح بين 11.8% و14.8% الشهر الماضي، في أول زيادة تطرأ على أسعار الوقود من طريق اللجنة منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2024، عندما رفعت الأسعار بنسبة تصل إلى 17.4% لبعض أنواع الوقود.

تحولات معاكسة للسياسات الحكومية

يشير محللون إلى أن عودة الارتفاع المفاجئ بمعدلات التضخم، تظهر تحولات معاكسة للمسار الذي حدده البنك المركزي وتسعى الحكومة للهبوط بمستواه عند نهاية العام، بما يمكن الطرفين من خفض معدلات الفائدة في حدود ما بين 700 إلى 900 نقطة خلال عام 2025. وأوضح الخبير الاقتصادي أحمد خزيم أن التضخم المتصاعد يأتي انعكاساً للسياسات الاقتصادية، التي تتبعها الحكومة والبنك المركزي، في إدارة الاقتصاد على مدى سنوات، والتي لم تستطع مواجهة التحديات الهيكلية التي تحاصر الاقتصاد المصرية.

وأشار إلى أن هذه السياسات لن تكون ذات جدوى في الحد من التضخم، لأنها تهتم بـ”هندسة الأرقام” التي توظف في تقديم تقارير جيدة لصندوق النقد والمؤسسات المالية الدولية، مرتكزة على حلول نقدية لا تراعي معدلات التنمية الحقيقية للقطاعات الصناعية والإنتاجية، وبخاصة الموجهة لتوليد عملة صعبة دون الاعتماد على القروض.

يؤكد اقتصاديون أن الزيادة الكبيرة في أسعار المحروقات التي تستهدف إعادة هيكلة دعم الطاقة، تظهر عمق تأثيرها بأسعار السلع والخدمات بشدة، حيث أدت إلى زيادة السلع الغذائية المتراجعة أسعارها عالمياً، بسبب الوفرة في الإنتاج والمخزون، واقتراب إنهاء حالة الحرب في روسيا وأوكرانيا، مع تراجع أسعار النفط والغاز بالأسواق الدولية، بما يبشر بتراجع في الأسعار العالمية.

ويرجع خبراء الاقتصاد زيادة أسعار السلع إلى اعتماد مصر على الواردات التي ارتفعت أسعارها نتيجة تراجع قيمة الجنيه أمام الدولار والعملات الصعبة، مشيرين إلى أن عودة التضخم إلى للارتفاع ستقوض جهود البنك المركزي في التحكم بالتضخم الأساسي، وقدرته على خفض أسعار الفائدة، في المدى القريب، بما سيطيل أمد السياسة النقدية المتشددة الانكماشية، بما تحمله من تكلفة على الاستثمار والإنتاج.

ويشير أعضاء بجمعية رجال الأعمال المصريين إلى أن زيادة معدلات التضخم ستعكس آثارها السلبية على القطاع الصناعي، الذي تراجع إلى مرحلة الركود للشهر الثاني على التوالي، في إبريل الماضي، بعد الخروج منها خلال الربع الأول من العام، ليواصل التعثر الذي بدأه القطاع منذ انتشار وباء كوفيد 19 عام 2020.

ويشير أعضاء لجنة الصناعة والطاقة بالجمعية إلى أن الارتفاع الحاد في تكلفة المحروقات والمواد الخام، إلى جانب ضعف الطلب المحلي على شراء المنتجات المصرية، بسبب تراجع القوة الشرائية، مع ارتفاع تكلفة الاقتراض نتيجة أسعار الفائدة الكبيرة التي تصل إلى 30٪، يسبب ضغطاً هائلاً على المصنعين، ما يحول دون قدرتهم على الإنتاج بالكميات المتاحة بقوة المصانع أو التوسع في خطوط جديدة، خشية من زيادة الأعباء المالية.

وتظهر دراسات اقتصادية أن زيادة التضخم تأتي في اتجاه معاكس لقدرة المواطنين على مواجهة أعباء المعيشة وشراء السلع الأساسية، ومع إسراع المواطنين في تغيير أنماط الاستهلاك وزيادة الاستدانة لتوفير الحد الأدني من متطلبات الحياة اليومية والإنفاق على التعليم والصحة، مع تراجع قيمة الدعم السلعي وتحجيم عدد المستفيدين منه، يعمق مؤشرات الاحتقان المجتمعي، وعدم ثقة المواطنين بقدرة الحكومة على مواجهة أزمة اقتصادية تتفاقم منذ التعويم الأول للجنيه عام 2016، الذي انخفض خلال رحلته “العشرية” أمام الدولار من مستوى 7.25 جنيهات إلى 51.50 جنيهاً.

يتوقع محللون أن يواصل التضخم ارتفاعه خلال الشهر المقبل، مدفوعاً بزيادة أسعار المحروقات والنقل والنولون، إلى السلع المخزنة والواردة من الخارج، التي لم تصل إلى الأسواق إلا مع بداية شهر مايو الجاري، بما يثير مخاوف من أزمة تضخم أعمق تهدد الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في آن واحد، داعين الحكومة إلى سرعة التراجع عن السياسات المالية والنقدية المتشددة، وتوسيع مظلة الحماية الاجتماعية، وتحفيز الإنتاج المحلي لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

مصر تستهدف خفض معدل التضخم

وقال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، في مارس/ آذار الماضي، إن بلاده تستهدف خفض معدل التضخم إلى 10% بحلول عام 2026، عازياً تراجع التضخم إلى “إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذتها الدولة، وبدأت تؤتي ثمارها خلال الفترة الأخيرة، بعد فترة صعبة عانى منها الشعب المصري من ارتفاع معدلات التضخم”.وأضاف مدبولي أنه “مستمر في عقد الاجتماعات الدورية مع محافظ البنك المركزي لبحث أسعار الفائدة”.

والتقى مدبولي، نهاية إبريل الماضي، محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، في إطار بحث التنسيق والمتابعة الدورية بين الحكومة والبنك بشأن مؤشرات الاقتصاد الكلي، وجهود خفض معدلات التضخم الضاغط، وزيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية. وبدأ التضخم في مصر بالارتفاع بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق المال المصرية. ولجأت الحكومة المصرية إلى طباعة الجنيه للمساعدة في سد عجز الموازنة. وبلغ معدل التضخم في المدن أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 % في سبتمبر/ أيلول 2023. وأظهرت بيانات البنك المركزي المصري أن المعروض النقدي (ن2) ارتفع خلال العام حتى نهاية مارس/آذار، ولكن بمعدل أبطأ إذ انخفض إلى 25.8% من أعلى مستوياته على الإطلاق عند 33.9% في نهاية فبراير/شباط.

وقال صندوق النقد الدولي الأربعاء الماضي إنه سيبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في مصر الذي تبلغ قيمته ثمانية مليارات دولار مع وصول فريق من الصندوق إلى القاهرة. وكان مجلس إدارة الصندوق قد وافق على المراجعة الرابعة في 11 مارس/آذار، ما أتاح صرف 1.2 مليار دولار في برنامج قرض الصندوق الذي تبلغ مدته 46 شهراً ونال الموافقة لأول مرة في 2022 قبل أن يتوسع لاحقاً بعد اندلاع القتال في غزة.

ووقّعت مصر اتفاقاً مع صندوق النقد الدولي العام الماضي يشمل حزمة إصلاحات مالية، تحصل بمقتضاها على قرض قيمته الإجمالية ثمانية مليارات دولار، إثر إبرامها اتفاقاً مع صندوق ثروة سيادي في الإمارات، ضمنت بموجبه 24 مليار دولار لإقامة مشروع استثماري عقاري على ساحل البحر المتوسط. وخفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الشهر الماضي، لأول مرة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بواقع 225 نقطة أساس (2.25%) إلى 25% للودائع و26% للإقراض و25.5% للائتمان والاقتطاع، على وقع تراجع معدل التضخم إلى 13.6% على أساس سنوي في مارس/آذار الماضي، وهو أدنى معدل للتضخم، منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here