أفريقيا برس – مصر. في خطوة فجّرت موجة من الغضب بين مالكي الأراضي بالحزام الأخضر بمدينة 6 أكتوبر في مصر، نشرت “الوقائع المصرية” – الجريدة الرسمية – قرارًا وزاريًا صادرًا عن وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، باعتماد تعديل تخطيط وتقسيم قطعة أرض مملوكة للواء حبيب إبراهيم حبيب العادلي، وزير الداخلية الأسبق في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لإقامة مشروع سكني على مساحة 14.33 فدان (نحو 60 ألف متر مربع)، بمقابل عيني عبر التنازل عن نصف المساحة في موقع بديل.
القرار، الذي يحمل رقم 801 لسنة 2023، صدر بتاريخ 16 سبتمبر/أيلول 2023، ويقضي بتحويل النشاط من زراعي إلى سكني، مع اعتماد التصميمات الهندسية والمخططات الخاصة بالمشروع، ومنح العادلي تسهيلات شاملة، تشمل الموافقة على تعديل النشاط دون تحصيل رسوم تحويل كما هو الحال مع باقي مالكي الأراضي بالحزام الأخضر، الذين يطالبون بدفع ما يصل إلى 2500 جنيه للمتر الواحد لتقنين أوضاعهم وتحويل نشاط أراضيهم من زراعي إلى عمراني، رغم امتلاكهم عقودًا موثقة ونهائية منذ أكثر من 20 عامًا.
ويُعد هذا القرار سابقة لافتة في ظل التوتر المستمر بين الدولة والمواطنين الذين اشتروا آلاف الأفدنة من شركة “6 أكتوبر الزراعية لاستصلاح الأراضي” على مدى عقود، قبل أن تُعلن هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة عن إلغاء تخصيص تلك الأراضي، مطالبة المتعاملين مع الشركة بتقنين أوضاعهم مجددًا وفق شروط مالية صارمة. وقد أدّى ذلك إلى صدامات قانونية ووقفات احتجاجية، وسط اتهامات للحكومة بالتنصل من عقود موثقة وتغيير النشاط لصالح مشاريع استثمارية محمية بقرارات وزارية.
وبحسب القرار الجديد، تُخصص الأراضي لصالح العادلي لإقامة فيلات منفصلة وشبه متصلة ومتصلة على النحو الذي ينظمه المخطط التفصيلي، مع التزام الحكومة بتوفير بديل له في حال التنازل عن نصف الأرض، ما يطرح تساؤلات حول المساواة في تطبيق القانون، ومبررات تقديم هذه التسهيلات لوزير داخلية أدين في قضايا فساد مالي واستغلال نفوذ، في الوقت الذي يطالب فيه آلاف المواطنين بسداد مبالغ ضخمة أو مواجهة الإزالة وعدم الاعتراف بحقوقهم التاريخية.
وترجع جذور أزمة الحزام الأخضر إلى إلغاء الحكومة تخصيص أراضٍ كانت مملوكة لشركة “6 أكتوبر الزراعية” عام 2011، بدعوى مخالفة النشاط واستخدام الأراضي في البناء دون ترخيص. وفي عام 2019، أصدر مجلس إدارة هيئة المجتمعات العمرانية قرارًا بوضع ضوابط لتقنين الأوضاع، سمحت بتغيير النشاط من زراعي إلى سكني مقابل رسوم، وحددت اشتراطات بنائية صارمة. ومع ذلك، يرفض العديد من المالكين دفع مقابل جديد لأراضٍ يمتلكونها بعقود نهائية مسجلة، ويؤكدون تعرضهم لتمييز سلبي مقارنة ببعض “المحظيين” الذين يحصلون على استثناءات، كما هو الحال مع حبيب العادلي.
ويخشى سكان الحزام الأخضر من أن تكون قرارات الدولة انتقائية، تُشرعن امتيازات خاصة لبعض الشخصيات النافذة، بينما تُقصي المواطنين العاديين الذين استثمروا أموالهم على مدار سنوات دون حماية قانونية كافية، في وقت تتصاعد فيه دعاوى قضائية يرفعها المالكون ضد الحكومة لاستعادة حقوقهم في الأراضي التي أقيمت عليها مساكن بالفعل. ويطرح القرار الوزاري تساؤلات حول آلية اتخاذ القرارات العمرانية في مصر، ومدى التزام الحكومة بمبدأ المساواة أمام القانون، خصوصًا مع استمرار معاناة آلاف الأسر المهددة بخسارة استثماراتها، بينما تُسهل الطريق لعودة أسماء ارتبطت بالفساد إلى واجهة المشهد العقاري من جديد.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس