الأزهر ينتصر على جمعة.. مجلس النوّاب لم يعد “سيّد قراره”

0
الأزهر ينتصر على جمعة.. مجلس النوّاب لم يعد
الأزهر ينتصر على جمعة.. مجلس النوّاب لم يعد "سيّد قراره"

أفريقيا برس – مصر. “مجلس النواب سيد قراره”، بهذه الكلمات استدعى رئيس لجنة الشؤون الدينية في المجلس، النائب المصري المعيّن علي جمعة، مقولة شهيرة سبق أن وظفها رئيس مجلس النواب الأسبق رفعت المحجوب، وكررها لمدة عقدين من بعده خليفته بالمنصب الراحل فتحي سرور، في مواجهة أحكام قضائية تقضي بإسقاط العضوية عن بعض أعضاء البرلمان، ممن حصلوا على العضوية بطرق ملتوية أو مخالفة للدستور. ومنح رئيس مجلس النواب بعض أعضاء المجلس حصانة جعلتهم أقوى من الدستور والقانون، وفرصة لعدم التقيد بالأحكام القضائية الصادرة ببطلان عضوية بعض الأعضاء نتيجة الطعن بالتزوير في صحة انتخابهم.

وحاول جمعة الأسبوع الماضي توظيف الجملة من جديد للانقضاض على دور الأزهر في الفتوى، خلال مناقشات مشروع قانون تنظيم إصدار الفتوى الشرعية المعدّ من الحكومة، الذي ينتظر تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي بعد موافقة مجلس النواب النهائية على القانون، في جلسته المنعقدة بتاريخ 12 مايو/أيار الحالي. ولطالما وظفت الجملة في إصدار تشريعات مخالفة لأحكام الدستور، غير أن الأزهر تصدى لمشروع الحكومة بشأن الفتوى، واستطاع فرض إرادته بتمرير كل التعديلات التي قدمها على القانون، ليخرج منتصراً على جمعة، ومن خلفه وزير الأوقاف أسامة الأزهري.

ما حدث في البرلمان لم يكن مجرد تمرير تعديلات على مشروع قانون، بل إعادة تثبيت لمكانة الأزهر مؤسسةً دينية مرجعية في الدولة، بعد محاولات سابقة لإعادة توزيع الأدوار بين مؤسسات أخرى، خصوصاً دار الإفتاء ووزارة الأوقاف، في سياق ما وُصف بـ”تجديد الخطاب الديني”. ويقضي الدستور بأن مؤسسة الأزهر هي الراعية للعلوم الدينية والشؤون الإسلامية، بما يحق له الاعتراض على أي قوانين مخالفة للشريعة أو تتعارض مع دوره.

وبالعودة إلى جملة “المجلس سيد قراره”، يقول النائب أحمد الشرقاوي، عضو اللجنة التشريعية في البرلمان، إن الجملة لم يعد لها محل من الإعراب، بعدما اختص دستور 2014 محكمة النقض (الأعلى قضائياً) بالفصل في صحة عضوية الأعضاء، وتنفيذ أحكام بطلان عضويتهم من تاريخ إبلاغ المجلس بها.

ويضيف الشرقاوي أنّ البرلمان ليس أقوى من أحكام القضاء والدستور، ولا يستطيع فرض إرادته منفرداً بعيداً عنها في الوقت الراهن، إذ إنه ملتزم بتنفيذها حتى لا يطعن أمام المحكمة الدستورية بعدم دستورية مواد القوانين الصادرة عنه.

واستدرك الشرقاوي بقوله إن مجلس النواب السابق، أثناء رئاسة علي عبد العال، خلال الدورة البرلمانية السابقة، عمد إلى تعطيل تنفيذ بعض الأحكام القضائية، وأهمها حكم تصعيد الكاتب عمرو الشوبكي بدلاً من المحامي أحمد مرتضى منصور، الصادر عن محكمة النقض بعد إعادة فرز أصوات جولة الإعادة بدائرة الدقي بالجيزة في انتخابات عام 2015، والتأكد من حدوث تلاعب في نتائجها لصالح الأخير.

أكمل النائب المصري أنه بالرغم من عدم تنفيذ حكم تصعيد الشوبكي، فإن منصور لم يحصل على عضوية المجلس منذ صدور حكم بطلان عضويته، وحتى انتهاء الفصل التشريعي في عام 2020، بما يعني انتهاء عهد “المجلس سيد قراره”، حتى وإن كان هناك تباطؤ أو تعطيل للأحكام القضائية.

ودلل على حديثه قائلاً إن المحكمة الدستورية حين تصدر حكماً ببطلان مادة أو أكثر من أي تشريع أصدره البرلمان في السنوات الماضية، فإنه سرعان ما يعود إلى مجلس النواب لإعادة مناقشته، وتعديله بصورة تتوافق مع الحكم الصادر بشأنه، وهو ما لم يكن يحدث في العهود السابقة. وكانت المادة 93 من دستور 1971 تنص بأن “يختص مجلس الشعب (البرلمان) وحده بالفصل في صحة عضوية أعضائه، وتختص محكمة النقض بالتحقيق في صحة الطعون المقدمة بعد إحالتها إليها من رئيسه. ويجب إحالة الطعن إلى المحكمة خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ علم المجلس به، والانتهاء من التحقيق خلال تسعين يوماً من تاريخ إحالته إلى محكمة النقض”.

ورغم ما شاب انتخابات مجلس الشعب من تزوير في دورتي 2005 و2010، فقد ظل رئيسه السابق يردد عبارة أن “المجلس سيد قراره”، دفاعاً عن أعضاء الحزب الوطني الحاكم آنذاك، ممن حصلوا على مقاعدهم النيابية عن طريق “شراء الأصوات وتسويد البطاقات الانتخابية”، بحسب ما وثقته حينها الصور والفيديوهات.

إلغاء مبدأ “سيد قراره” إلى “غير رجعة”

من جهته، قال الدكتور فتحي فكري، أستاذ القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، إن دستور 2012 ألغى مبدأ “سيد قراره” إلى غير رجعة، بعد أن اختص محكمة النقض بالفصل في صحة عضوية النواب، لينهي بذلك عقوداً من اختصاص البرلمان بالفصل في صحة العضوية، وإهداره توصيات محكمة النقض بشأن أوجه البطلان.

وأوضح فكري أن الدستور الحالي 2014، يضع القواعد المنظمة لعمل المجالس النيابية، بحكم تمثيلها للإرادة الشعبية، مع ترك التفاصيل للائحة الداخلية لكل من مجلسي النواب والشيوخ التي باتت تصدر بقانون، بما أوجب إخضاعها للرقابة اللاحقة من المحكمة الدستورية، حتى تكون الآثار المترتبة على الحكم بعدم دستورية أي من مواد اللائحة هي نفسها المترتبة على عدم دستورية القانون، وبالتالي تعديلها بما يتفق مع الحكم الصادر ببطلانها. وزاد بالقول إن صدور لائحة البرلمان الداخلية بقانون قضى على عبارة “المجلس سيد قراره”، لأنها أصبحت خاضعة لرقابة المحكمة الدستورية، وبالتالي لا يستطيع مجلس النواب أن يفرض وصايته بتمرير نص مخالف للدستور، أو عدم تنفيذ حكم ببطلان عضوية أحد النواب.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here