توثيق حقوقي لـ75 حالة تعذيب بمقار الاحتجاز في مصر

0
توثيق حقوقي لـ75 حالة تعذيب بمقار الاحتجاز في مصر
توثيق حقوقي لـ75 حالة تعذيب بمقار الاحتجاز في مصر

أفريقيا برس – مصر. أطلقت حملة “لا تسقط بالتقادم- خريطة التعذيب” بالمفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرًا رصدت فيه 75 حالة تعذيب في السجون ومقار الاحتجاز الرسمية في مصر خلال الفترة من يناير/كانون الثاني 2024 حتى يونيو/حزيران 2025.

وصدر التقرير السنوي، اليوم السبت، بعنوان “توثيق ممنوع وتقاضي معطل: تواطؤ ممنهج يرسخ للإفلات من العقاب في جرائم التعذيب”، يأتي في سياق متصاعد من الانتهاكات الجسيمة داخل أماكن الاحتجاز في مصر واستمرار غياب المساءلة وسياسة الإفلات من العقاب، لا سيما مع توثيق العديد من حالات الوفاة تحت التعذيب، ووجود نمط متكرر من حجب الأدلة، وتهديد الشهود، وتقديم روايات رسمية مضللة. واستند التقرير إلى تحليل كمي ونوعي لـ75 حالة جرى رصدها وتوثيقها في ظل بيئة سياسية وأمنية شديدة التقييد. وظهر من توزيع الحالات أن 50.6% منها وقعت خلال عام 2024، بينما حدثت 49.3% في النصف الأول من العام 2025، ما يشير إلى استمرار وقوع الانتهاكات بوتيرة شبه مستقرة بين العامين، ما يعكس غياب مؤشرات التراجع أو اتخاذ إجراءات للحد من تلك الممارسات، طبقًا للتقرير الذي أظهر أيضًا من خلال التوزيع أن 91% من الحالات وقعت في أماكن احتجاز رسمية، مثل السجون وأقسام الشرطة، ما يضع المسؤولية القانونية بشكل مباشر على الجهات الأمنية والرقابية التابعة للدولة.

وأشار التقرير إلى أن محافظة البحيرة سجّلت النسبة الأعلى من حالات التعذيب الموثقة، حفقد مثلت وحدها نحو 32% من إجمالي الحالات خلال الفترة محل الرصد. ويعكس هذا التركيز الجغرافي احتمال وجود نمط ممنهج من الانتهاكات أو ضعف واضح في رقابة مراكز الاحتجاز بالمحافظة. وسلط التقرير الضوء على المعوقات التي تواجه عمليات الرصد والتوثيق في قضايا التعذيب وسوء المعاملة في مصر، إضافة إلى العقبات التي تعترض طريق الإبلاغ والتقاضي.

وطبقًا للشهادات التي جرى توثيقها عبر التقرير، فإن التكلفة الاقتصادية المرتفعة للتقاضي تقصي الفئات الأكثر فقرا والأكثر هشاشة من الوصول إلى العدالة؛ وتترسخ بذلك بنية قانونية وإجرائية تفرغ العدالة من مضمونها وتعزز الاستمرار في الإفلات من العقاب. وأكد التقرير أن مسارات الإبلاغ والتقاضي لا تزال معطلة بفعل تراكمات قانونية ومؤسسية. وشدد على أن التصدي للتعذيب لا يكتمل دون إصلاحات جذرية في منظومة العدالة، إلى جانب تمكين الضحايا وأسرهم من آليات الإبلاغ وتوفير الدعم القانوني.

ودعت المفوضية المصرية للحقوق والحريات إلى إجراء إصلاحات تشريعية جوهرية لتعريف وتجريم جريمة التعذيب دون قيود. كما طالبت بإصدار تعليمات ملزمة للنيابة العامة بشأن آليات التحقيق في بلاغات التعذيب، وتعزيز الإشراف القضائي الفعلي على جميع أماكن الاحتجاز، بما في ذلك مقار الأمن الوطني. وشددت المفوضية على ضرورة تمكين الضحايا من الوصول إلى العدالة عبر تسهيل إجراءات التقاضي وتوفير الدعم القانوني المجاني، والوفاء بالتزامات مصر الدولية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، والانضمام إلى البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب.

كما أكدت المفوضية أهمية تعزيز دور المجتمع المدني في التوثيق والدعم القانوني عبر توسيع آليات الإبلاغ والحماية، والاستثمار في حملات التوعية القانونية، والتوسع في التقاضي الاستراتيجي لإحداث تغيير تشريعي ومؤسسي فعال، وتوثيق النجاحات الحقوقية وتعميمها لتعزيز ثقة المجتمع.

يشار إلى أن منظمة هيومن رايتس ووتش كانت قد أكدت أنّ جلسة المراجعة الدورية الشاملة في جنيف (يناير/كانون الثاني 2025) شهدت أكثر من 370 توصية دولية لمصر، ركّزت في جزء كبير منها على التعذيب والاحتجاز التعسّفي، وسط “مناخ قمعي مطّرد”. كما أن منظمة العفو الدولية قالت، في تقريرها عن مصر لعام 2024، إن الإفلات من العقاب ظلّ “القاعدة” في جرائم التعذيب، مؤكّدةً أن السلطات لم تقدِّم أي مسؤول أمني رفيع إلى المحاكمة رغم الأدلة المتزايدة. كذلك، أعرب لجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة، في رسالة متابعة في مايو/أيار 2025، عن “قلق بالغ” إزاء إخفاق مصر في تنفيذ التوصيات الأساسية، بما في ذلك غياب تشريع موحَّد يجرّم التعذيب بصورة مطابقة للمعايير الدولية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here