خبير اقتصادي: الحكومة لم تتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد

خبير اقتصادي: الحكومة لم تتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد
خبير اقتصادي: الحكومة لم تتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد

أفريقيا برس – مصر. كشف زياد بهاء الدين، الخبير الاقتصادي المصري ونائب رئيس الوراء الأسبق، عن عدم توصل الحكومة إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي حول المراجعة الخامسة التي يجريها صندوق النقد لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، المقررة خلال نهاية الخريف الحالي، مؤكداً أن هناك اتفاقاً على ربط إنهاء المراجعة الخامسة بالمراجعة السادسة التي يجريها الصندوق المجدولة في نهاية العام 2025.

وقال بهاء الدين إن هناك خلافات عميقة ما زالت قائمة بين إدارة الصندوق والحكومة حول التزامها ببرنامج التخارج من الأصول العامة، ومدى التزامها بتنفيذ برنامج الطروحات الذي تعهدت به على مدار السنوات الأربع الماضية، وخاصة في ما يتعلق ببيع أصول شركات تابعة للجيش وجهات سيادية، لم تبدأ الحكومة بحسم أمورها، رغم تكرار الحديث عن طرحها أمام المستثمرين الرئيسيين أو في بورصة الأوراق المالية، الأمر الذي يحول دون قدرة القطاع الخاص على النمو بشكل مرض.

وأدلى بهاء الدين بهذه التصريحات على هامش لقاء نظمته شعبة المحررين الاقتصاديين في نقابة الصحافيين، يوم الأربعاء الماضي، في حضور النقيب خالد البلشي والمحررين الاقتصاديين المصريين، عقب تصريحات حكومية أكدت موافقة مجلس صندوق النقد، الذي عقد الشهر الماضي، على إتمام عمليات المراجعة الخامسة والسادسة، وانتظار وزارة المالية الإفراج عن 1.7 مليار دولار قيمة القسطين المقررين من قرض إجمالي بقيمة 8 مليارات دولار. تجاهلت الحكومة ذكر أي معلومات حول حصول مصر على قرض الاستدامة الذي وعد الصندوق بمنحه لمصر مطلع العام الجاري، وتأجل عدة مرات، بقيمة 1.3 مليار دولار.

ويذكر كذلك أن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي قال في مؤتمر صحافي، السبت، إن هناك توافقاً إيجابياً مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج التعاون القائم، مشيراً إلى أنه سيُعلن خلال أيام قليلة عن موعد قدوم بعثة الصندوق إلى القاهرة لإجراء المراجعة الدورية. كما أشار مدبولي إلى أن بطء الحكومة في بدء برنامج الطروحات الحكومية يعود إلى الظروف الاستثنائية التي عاشتها المنطقة على مدى العامين الماضيين، مضيفاً أن الحكومة ستبدأ في تنفيذ البرنامج قريباً.

وبخصوص تصريح مدبولي حول اقتراب نهاية برامج مصر مع صندوق النقد بحلول عام 2027، اعتبر بهاء الدين أن هذا التصريح لا يعني أن الحكومة لن تجدد تعاونها مع الصندوق في أية مشروعات مستقبلية، مبيناً أن تلك التصريحات توحي للعامة بأن الصندوق مسؤول عن رفع أسعار السلع والخدمات، وخاصة المحروقات والكهرباء والسلع الأساسية، أمام المواطنين، بينما الواقع يؤكد أن هذه الزيادات لا تأتي بقرار من صندوق النقد ولكن تأتي عبر تفاهمات تجرى بين الحكومة والصندوق حول ترشيد النفقات الحكومية وعلى رأسها الدعم السلعي، وضبط الموازنة العامة، وزيادة الإيرادات العامة، وخفض معدلات التضخم والاقتراض المحلي والخارجي.

ويعتبر زياد بهاء الدين من المرجعيات المعروفة في دراسة الاقتصاد المصري من خلال خبرته في التعامل مع الصندوق وداخل الحكومة المصرية. وقد تولى بهاء الدين عدة مناصب داخل الجهاز الحكومي خلال الفترة من 2004 إلى 2013، إذ ترأس الهيئة العامة للرقابة المالية، والهيئة العامة للاستثمار، وكان وزيراً للتعاون الدولي ونائبَ رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية، حيث انخرط في ذلك الحين في مناقشات القاهرة مع صندوق النقد.

كما لفت بهاء الدين إلى ضرورة أن تحدد الحكومة ما هي الخطوة التالية لاستمرار خطط الإصلاح الاقتصادي في مرحلة ما بعد الاتفاق مع صندوق النقد، وما إذا كانت تملك برنامجاً وطنياً آخر كفيلاً بأن تقول للصندوق “شكراً على ما جرى تنفيذه، ونحن سنبدأ مسيرة جديدة بمفردنا، أم أنها ستتراجع عما حققته من نتائج جاءت عبر سياسات فرضت شروطاً قاسية حملت المواطنين والمؤسسات ضغوطاً هائلة، تمثلت في تراجع سعر العملة والقوى الشرائية وزيادة هائلة في الأسعار، واللجوء إلى قروض وبيع أصول مهمة مكنتها من السيطرة على معدلات التضخم وخفض الفائدة تدريجياً ومنع الانهيار الشامل للجنيه، والاتجاه نحو استقرار نسبي لسعر الصرف”.

ويرى بهاء الدين أن التعاون مع صندوق النقد الدولي ليس عيباً، لأن مصر، “بمكانتها وحصتها المالية داخل الصندوق، تمارس دورها لخدمة اقتصادها و9 دول أخرى تمثلها في مجلس المديرين”، لافتاً إلى أنه رغم عدم اهتمام صندوق النقد بخطط تطوير التعليم والصحة والحد من الفقر، إلا أن الشهادة التي يصدرها عن حالة الاقتصاد للدول تجعلها قادرة، في وجهة نظر المؤسسات المالية والدول الأخرى، على سداد التزاماتها المالية، وتحسين التصنيف الائتماني الذي يمكنها من جذب الاستثمار والحصول على قروض بأقل تكلفة، بما يضمن استقرار الاقتصاد الكلي وسوق الصرف.

كما حذر من تأرجح مصر بين برامج إصلاح اقتصادي تؤدي إلى عدم استكمال ما بدأناه بالفعل، بعد أن دفعت الدولة ثمناً باهظاً، جاءت تكلفته من “جيوب المواطنين”، قائلاً: “لا نريد العودة إلى خطوات قديمة بهدف إصلاح دفعنا قيمته بثمن قاس، ولا نريد العودة إلى الوراء، فالحكومة مسؤولة عما جرى من صدمات اقتصادية، ويجب ألا نعود إلى المسار نفسه لأن ما دفعناه أثمان باهظة”.

وأوضح بهاء الدين أن بيع الأصول العامة بهدف توسيع قاعدة الملكية ودخول القطاع الخاص من القضايا المهمة التي يمكن أن تؤدي إلى تحسين الاقتصاد، مشدداً على أن الحكومة اتبعت أسوأ ما في البيوع من إجراءات، حيث لجأت إلى بيع الأصول مقابل الحصول على المال، بينما هناك أنواع أخرى من البيوع، تحفز المستثمرين على مزيد من الاستثمارات وزيادة طاقة الأعمال، بما يساهم في زيادة الإنتاج وتوليد فرص عمل جديدة، مع توسيع قاعدة الملكية للشعب وجذب مستثمرين جادين لديهم من الأموال والخبرات التي تدعم الاقتصاد في الدولة.

وسبق لبعثة صندوق النقد، التي زارت القاهرة مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن حددت معيارين لتجديد الثقة بقدرة الحكومة على تنفيذ تعهداتها لصندوق النقد، وهما، الحفاظ على استقرار حقيقي لسعر الصرف دون توجيه منفرد من البنك المركزي، وخضوعه للعرض والطلب، وزيادة حصيلة الطروحات العامة خلال الأشهر المقبلة، والتي لم تتجاوز 50% من المعدل المتفق عليه خلال عام 2025. بلغت حصيلة الحكومة من الطروحات العامة 3.5 مليارات دولار خلال العام المالي 2024-2025، بمعدل أقل متوقع عند حدود 6 مليارات دولار خلال العام الجاري.

كما يرى مسؤولون في صندوق النقد أن القاهرة تقترب من استكمال المرحلتين الخامسة والسادسة لبرنامجها مع الصندوق قبل نهاية العام الجاري 2025، وأن الطريق لا يزال محفوفاً بتحديات تمويلية واجتماعية، تتطلب توازناً دقيقاً بين الانضباط المالي والحفاظ على الحماية الاجتماعية، واستمرار الإصلاحات المالية وهيكلة الدين والطروحات الحكومية، وهي معادلة يترقبها الصندوق من كثب قبل استكمال المراجعتين المقبلتين للبرنامج. ويشير خبراء إلى أن عدم التزام الحكومة بتلك الضوابط سيؤدي إلى تأجيل التوصل إلى اتفاق المرحلتين الخامسة والسادسة لاجتماعات مجلس مدير صندوق النقد في شهر فبراير/شباط القادم، لصرف مستحقات تصل إلى 1.7 مليار دولار في نهاية مارس/آذار 2026.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here