أفريقيا برس – مصر. مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية في مصر، الأسبوع المقبل، يبدو صوت الشباب خافتاً في الخلفية. سفيان عبد الحيّ، طالب بكلية الهندسة يبلغ من العمر 20 عاماً، يقول إنه يهتم بالشأن السياسي إلى حد ما، “فالسياسة تؤثر في مختلف جوانب الحياة، ما يجعل تجاهلها أمراً صعباً”. مع ذلك، يعرب عبد الحيّ عن عدم نيّته المشاركة في الانتخابات المصرية المقبلة، مبرراً ذلك بغياب البرامج الواضحة، وتكرار الوجوه ذاتها، وانعدام المصداقية في المشهد السياسي. ويشير إلى أن متابعته للأخبار السياسية تقتصر غالباً على مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لا يشعر بأن لرأيه تأثيراً حقيقياً، مضيفاً أن وعيه السياسي تطور منذ دخوله الجامعة، إذ بات يدرك أن السياسة لا تقتصر على الانتخابات، بل تشمل قرارات يومية تؤثر في حياته.
أما نورهان عماد، الطالبة في كلية الآداب قسم اللغة الإنكليزية، فتقول، إنها لا تهتم بالشأن السياسي، وتفضّل التركيز على دراستها وحياتها الشخصية. وتشير إلى عدم نيّتها المشاركة في الانتخابات المصرية المقبلة، إذ ترى أن صوتها لن يُحدث فرقاً، كذلك فإنها لا تمتلك معلومات كافية عن المرشحين أو النظام الانتخابي. وفي اعتقادها، فإن رأيها السياسي لا يُؤخذ بعين الاعتبار، ما يجعلها تفضّل الابتعاد عن هذا المجال، لافتة إلى أنها على استعداد للتعبير عن رأيها إذا توفرت مساحة آمنة خالية من التهديد.
الطالب في كلية الحاسبات والمعلومات، زين الحداد، يرى بدوره أن السياسة تمسّ مختلف جوانب الحياة اليومية، من ارتفاع الأسعار وتدهور التعليم إلى غياب فرص العمل، موضحاً أن كل هذه الجوانب انعكاسات لقرارات سياسية لا يمكن تجاهلها. وقد يشارك الحداد في الانتخابات المصرية لاختيار البرلمان المقبل إذا شعر بوجود مرشحين يمثلون المواطنين بحق، لا مجرد امتداد للنظام القائم، وإلا فلن يرى جدوى من المشاركة. ويقول إن متابعته للأخبار تجري عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع المستقلة، بينما يرى أن الإعلام التقليدي يقدم رواية واحدة. وتبدأ انتخابات مجلس النواب لعام 2025 للمصريين في الخارج يومي السابع والثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي، وفي الداخل على مرحلتين: الأولى في 10 و11 نوفمبر، والثانية في 24 و25 منه. وتأتي هذه الانتخابات بعد نحو ثلاثة أشهر من انتخابات مجلس الشيوخ التي أُجريت في أغسطس/ آب الماضي، وبلغت نسبة المشاركة فيها 17.1% من إجمالي المسجلين في قوائم الناخبين.
ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات المصرية
في قراءة للوضع قبيل الانتخابات، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، إسماعيل تركي، أن اهتمام طلاب الجامعات بالسياسة لم يتراجع، بل تغيّر في شكله، إذ “باتوا أكثر انخراطاً في القضايا اليومية كالبطالة والعدالة الاجتماعية”. ويظهر هذا الاهتمام، وفق تركي، من خلال التفاعل عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمشاركة في المبادرات المدنية، بدلاً من الانضمام إلى الأحزاب التقليدية.
ويشير تركي إلى أن وعي الشباب السياسي ازداد بفعل الثورة الرقمية وتعدد مصادر المعلومات، رغم تراجع شعورهم بالقدرة على التأثير، معتبراً أن ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات “يعود إلى غياب الثقة، وضعف البرامج، والخوف من التبعات الأمنية”. ويرى أن تشجيع الشباب يتطلب ظهور مرشحين شباب مستقلين، وربط التصويت باحتياجاتهم المباشرة، وضمان الشفافية، موضحاً أن استعادة ثقة الشباب تتطلب إشراكهم فعلياً في صنع القرار ومكافحة الفساد بجدية.
أما أستاذ علم النفس التربوي في جامعة القاهرة، عاصم حجازي، فيرى أن اهتمام الشباب الجامعي بالسياسة لا يزال قائماً، وإن تغيّر في الشكل والممارسة، مشيراً إلى أن “الوعي السياسي لديهم تطوّر بفعل الثورة الرقمية والانفجار المعرفي”. ويعزو حجازي ضعف مشاركة الشباب في الانتخابات المصرية إلى “ضعف أداء المرشحين وغياب خطاب سياسي جاد”، معتبراً أن “تشجيعهم على التصويت يتمثل بوجود مرشحين يمثلونهم بصدق، ووعيهم بأهمية المشاركة”. وفي رأيه فإن “صوت الشباب له قيمة، ويجب ضمان تمثيلهم بنسبة لا تقل عن 50% في البرلمان”.
يُذكر أن نسبة المشاركة في انتخابات مجلس النواب عام 2020 بلغت 28.6%. ولم تختلف النسبة كثيراً عن نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية عام 2015؛ فقد بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى للمرحلة الأولى 26.67%، بينما وصلت نسبة الحضور في جولة الإعادة 21.71%، كذلك بلغت نسبة المشاركة في الجولة الأولى للمرحلة الثانية 29.83%، وفي جولة الإعادة للمرحلة الثانية 22.3%، وبالتالي وصل متوسط المشاركة في المرحلتين إلى 28.3%.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس
            




