مناشدات واسعة للسماح للسياسي المعتقل محمد القصاص بوداع والدته

مناشدات واسعة للسماح للسياسي المعتقل محمد القصاص بوداع والدته
مناشدات واسعة للسماح للسياسي المعتقل محمد القصاص بوداع والدته

أفريقيا برس – مصر. شهدت الساعات الأخيرة موجة من المناشدات الحقوقية والإنسانية الموجّهة إلى السلطات المصرية، تطالب بالسماح للسجين السياسي محمد القصاص، نائب رئيس حزب مصر القوية، بالخروج من محبسه لتوديع والدته التي توفيت فجر اليوم بعد صراع طويل مع المرض.

محمد القصاص المعتقل منذ فبراير/ شباط 2018، لم يتمكن من رؤية والدته منذ عدة سنوات بسبب تدهور حالتها الصحية وعدم قدرتها على زيارته داخل السجن. وكانت أسرته قد ناشدت الجهات المعنية، قبل أسبوعين فقط، السماح له بزيارتها في أيامها الأخيرة، غير أن مصلحة السجون رفضت تسلّم الطلب المقدم من زوجته، وفق ما أكدته الناشطة إيمان البديني، زوجة القصاص.

كانت إيمان البديني قد وجّهت نداءً مؤثراً، طالبت فيه بالسماح لزوجها، المقيدة حريته منذ أكثر من سبع سنوات، برؤية والدته المريضة ولو لمرة واحدة قبل رحيلها. وأشارت إلى أن حالتها الصحية والنفسية كانت سيئة للغاية، وأنها فقدت القدرة على الحركة، ما جعلها غير قادرة على زيارته منذ اعتقاله عام 2018.

في أعقاب إعلان الوفاة، عبّر عدد من المحامين والحقوقيين عن تضامنهم مع أسرة القصاص، مطالبين وزارة الداخلية بالسماح له بالخروج لتشييع والدته وتلقي العزاء. وكتب المحامي طارق العوضي عبر صفحته الرسمية: “أتمنى أن تتدخل الجهات المعنية وتصرّح له بالخروج لدفن والدته وتلقي العزاء فيها، فهو الابن الوحيد لها. نثق في إنسانية السيد اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية المحترم”.

كذلك كتب المحامي أحمد فوزي: “والدة الزميل محمد القصاص توفيت فجر اليوم، وهو سجين منذ 2018، ولم يرها منذ سنوات. أتمنى أن يُتاح له وداعها الأخير ودفنها وتلقي العزاء عنها، فهو ولدها الوحيد”.

من جانبه، أعرب المحامي الحقوقي خالد علي عن حزنه للواقعة، مؤكداً أن محمد القصاص “لم يرَ والدته منذ سنوات”، ودعا إلى تمكينه من توديعها ودفنها.

منظمات حقوقية عدة، بينها مركز الشهاب لحقوق الإنسان ومنظمة عدالة لحقوق الإنسان، أصدرت بيانات رسمية طالبت فيها السلطات المصرية بالاستجابة السريعة لهذه المناشدة الإنسانية. واعتبرت “عدالة” أن رفض تمكين السجناء السياسيين من وداع ذويهم يمثل “انتهاكاً صارخاً للمعايير الدولية لحقوق الإنسان ولأبسط مبادئ الكرامة الإنسانية”.

ويُعد محمد القصاص من أبرز الكوادر السياسية الشابة في مصر خلال العقدين الماضيين. بدأ نشاطه في صفوف جماعة الإخوان المسلمين قبل أن ينشق عنها عام 2011، ثم شارك في تأسيس حزب التيار المصري قبل أن يتولى منصب نائب رئيس حزب مصر القوية. رغم معارضته الواضحة للإخوان ومشاركته في تنسيقية 30 يونيو، وُجهت إليه اتهامات بالانتماء إلى جماعة محظورة، وحُكم عليه بالسجن عشر سنوات في قضية طوارئ عام 2022، إضافة إلى خمس سنوات مراقبة شرطية.

يرى مراقبون أن قضية القصاص تجسد معاناة السجناء السياسيين في مصر، حيث تمتد معاناتهم لتشمل أسرهم وذويهم. وتحوّل رحيل والدة القصاص دون أن يُسمح له بوداعها إلى رمز جديد لملف إنساني مؤلم، يثير تساؤلات متجددة عن غياب البعد الإنساني في معاملة المعتقلين السياسيين، خصوصاً في لحظات الفقد التي لا تُعوّض.

وتتصاعد الآن الأصوات المطالبة بالسماح لمحمد القصاص بالخروج، ولو لساعات، لدفن والدته وتلقي العزاء، وسط أمل بأن تستجيب وزارة الداخلية لهذه الدعوات انطلاقاً من اعتبارات إنسانية بحتة.

وينظم معاملة المحكوم عليهم في مصر القانون رقم 396 لسنة 1956 في شأن تنظيم السجون. هذا القانون، الذي ألغى تشريعات سابقة مثل المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1949، يمنح وزير الداخلية سلطة إصدار اللائحة الداخلية (اللائحة التنفيذية) لتنظيم تفاصيل العمل داخل السجون. وتُعرف هذه اللائحة بقرار وزير الداخلية رقم 2 لسنة 1999.

على الرغم من عدم توفر نص صريح في مواد القانون نفسه يحدد بشكل قاطع حق الإفراج المؤقت الإنساني، إلا أن الممارسة تُشير إلى أن هذا الحق يُترك للسلطة التقديرية الواسعة للائحة الإدارية ولمساعد وزير الداخلية لقطاع السجون. هذا الغموض المتعمد في التشريع الأساسي وضع قراراً له حساسية إنسانية وقانونية بالغة في يد السلطة التنفيذية المباشرة (الداخلية)، وهو ما يحوله إلى أداة للسيطرة الأمنية والسياسية بدلاً من أن يكون حقاً قضائياً مكفولاً.

ويُعد حاجز “الأمن العام” الذريعة الأكثر استخداماً لرفض أي شكل من أشكال التحرر للسجناء السياسيين البارزين. فالمادة الـ52 من قانون تنظيم السجون تشترط للإفراج الشرطي “ألا يمثل خطراً على الأمن العام”. وقد وجهت المنظمات الحقوقية انتقادات واسعة لعدم تحديد معنى هذا المصطلح، ما يسمح للسلطات باستخدامه بشكل تقديري وواسع.

وقد تزايد هذا التضييق التشريعي، حيث جاءت تعديلات 2020 على قانون السجون لتستثني صراحة جرائم الإرهاب والتجمهر وغسل الأموال من حق الإفراج الشرطي. هذا التوجه بتضييق الخناق القانوني على فئة السجناء السياسيين في الإفراج الشرطي يمتد تطبيقياً لتعطيل الحقوق الإنسانية المؤقتة كذلك، حيث يُنظر إلى السجين المتهم بالإرهاب أو التجمهر على أنه تهديد مستمر لا يمكن إطلاق سراحه مؤقتاً ولو ليوم واحد.

ورغم السماح لحالات نادرة لسجناء سياسيين، بالخروج لدفن ذويهم، تُعد حالة باسم عودة، وزير التموين الأسبق والقيادي الإخواني، النقيض الأوضح. ففي عام 2014، توفي والد باسم عودة، وتصاعدت المطالبات من نشطاء وجماعة الإخوان المسلمين للسماح له بحضور جنازة والده. جاء هذا الطلب في ذروة الصراع السياسي بعد فض اعتصام رابعة، وكان عودة يواجه حينها 12 قضية عنف وتخريب وإرهاب، بالإضافة إلى إحالة أوراقه للمفتي في إحدى القضايا. هذه التهم والتصنيف الأمني العالي جعلته يُصنف كـ”تهديد أمني عالٍ”، وقد قوبلت المطالبات برفض ضمني من السلطات.

اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here