أفريقيا برس – مصر. يتلقّى عناصر من الشرطة الفلسطينية في غزة تدريبات في مصر، استعداداً للمشاركة في قوة أمنية يُفترض أن تتولّى إدارة الأمن في القطاع بعد انتهاء الحرب، وفق ما أفاد مسؤول فلسطيني، وكالة فرانس برس. وكان وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي قد أعلن، في أغسطس/ آب، خلال زيارته الجانب المصري من معبر رفح برفقة نظيره الفلسطيني محمد مصطفى، أنّ القاهرة تعمل على خطة لتدريب خمسة آلاف ضابط وعنصر أمن فلسطيني، تمهيداً لنشرهم في غزة فور توقف الحرب.
وقال المسؤول الفلسطيني، الذي اشترط عدم ذكر اسمه لـ”فرانس برس”، إنّ أكثر من 500 عنصر وضابط في الشرطة تلقّوا في مارس/ آذار تدريبات عملياتية ونظرية في القاهرة، وإنّ مئات آخرين يواصلون تدريبات مماثلة منذ نهاية سبتمبر/ أيلول. وقال ضابط فلسطيني يبلغ من العمر 26 عاماً شارك في الدورة، رافضاً الكشف عن اسمه: “أنا سعيد جداً بهذا التدريب”، مضيفاً: “نريد وقف الحرب والعدوان بشكل دائم، ونحن متشوّقون لخدمة الوطن والمواطن”. وأعرب عن أمله في تشكيل قوة أمنية “مستقلّة لا ترتهن لتحالفات وأهداف خارجية… نريدها بولاء لفلسطين فقط”.
وأوضح المسؤول الفلسطيني أن المتدرّبين حديثاً سيشكّلون جزءاً من قوة تضمّ خمسة آلاف شرطي جميعهم من غزة، لكن يتلقّون رواتبهم من السلطة الفلسطينية التي تتخذ من رام الله مقراً لها. وبموجب اتفاق برعاية مصرية تمّ في نهاية عام 2024 بين حركتي حماس وفتح بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، سيُدمَج الخمسة آلاف شرطي المنتسبين إلى السلطة مع خمسة آلاف من عناصر الشرطة التابعة لـ”حماس” في غزة. وستخضع قوة الشرطة لإشراف لجنة “الكفاءات المستقلة” (التكنوقراط)، التي اتفقت حركتا حماس وفتح على تشكيلها لإدارة قطاع غزة، وستنتشر في القطاع بعد انتهاء الحرب.
خطة ترامب بشأن غزة
وتنصّ خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لوقف الحرب على قطاع غزة، التي أُيّدت بقرار صدر عن مجلس الأمن أخيراً، على أن يُحكم القطاع “بموجب سلطة انتقالية موقتة للجنة فلسطينية تكنوقراطية وغير مسيّسة”، تكون مسؤولة عن تسيير الخدمات اليومية تحت إشراف هيئة انتقالية دولية. كذلك تنصّ الخطة على بناء قوة استقرار دولية لدعم قوات الشرطة الفلسطينية في غزة، على أن يجري التنسيق بهذا الشأن بين الولايات المتحدة والأردن ومصر.
ويقول المسؤول الفلسطيني إن خطة التدريب المصرية تُنفَّذ بتنسيق مباشر مع السلطة الفلسطينية. وأكد ضابط أمني رفيع في السلطة، طلب عدم ذكر اسمه، أن محمود عباس أعطى توجيهات لوزير الداخلية زياد هب الريح للتنسيق مع مصر لتأهيل قوات الشرطة والأمن في غزة. وتستمرّ كل دورة تدريبية شهرين، وتشمل تدريبات جسدية ونشاطية ومحاضرات توعوية وأمنية.
ويقول ضابط فلسطيني برتبة ملازم أول، يُدعى محمود (اسم مستعار)، شارك في الدورة الأولى، إنّ التدريب شمل محاضرات أمنية وسياسية تناولت “تبعات” هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و”الأضرار” التي لحقت بالقضية الفلسطينية، وفق قوله. وشملت المحاضرات دور منظمة التحرير باعتبارها “الممثل الشرعي والوحيد للفلسطينيين” وضرورة “حماية حلم إقامة دولة فلسطينية”.
أمن المعابر
وتمكّن الضابط من مغادرة قطاع غزة مع عائلته في فبراير/ شباط من العام الماضي. وفي مارس/ آذار، استُدعي للالتحاق بدورة تدريبية في القاهرة على مدى شهرين، في أكاديمية الشرطة التي كان قد تخرج فيها قبل الحرب. وذكر أنه كان ضمن مجموعة من خمسين ضابطاً “تلقّينا تدريبات عملياتية رائعة باستخدام تقنيات حديثة لمراقبة الحدود والتعامل مع أجهزة الفحص الأمني المتطورة على المعابر”.
وبحسب مصدر مصري مطّلع على خطة التدريب، تسعى القاهرة إلى تجهيز القوة الشرطية الفلسطينية لتمكينها من تولّي أمن القطاع ومعابره. وتغلق إسرائيل كلياً معبر رفح مع مصر، المنفذ الوحيد لسكان غزة إلى الخارج دون المرور عبر إسرائيل، وذلك منذ احتلالها له في مايو/ أيار 2024 خلال الحرب. وفي بروكسل، أفاد مسؤول أوروبي طلب عدم كشف هويته لـ”فرانس برس” بأنّ الاتحاد الأوروبي يعتزم تدريب نحو 3000 شرطي من غزة خارج القطاع.
ويموّل الاتحاد الأوروبي منذ 2006 بعثة لتدريب الشرطة في الضفة الغربية بميزانية تقارب 13 مليون يورو سنوياً. وأشار المسؤول إلى أنه ستكون هناك “ضرورة لتثبيت الاستقرار في غزة بقوة شرطة كبيرة” بعد الحرب. وقال قيادي كبير في حركة حماس لـ”فرانس برس” إنّ الحركة “تدعم التوافقات الوطنية الفلسطينية حول التفاصيل كافة المتعلقة بالأمن وإدارة القطاع”، لكنها في الوقت ذاته ترفض نزع سلاحها. وترفض إسرائيل وخطة ترامب أي دور لـ”حماس” في إدارة القطاع بعد الحرب. وأكد القيادي في الحركة أن التحدّي الأبرز يكمن في “هل سيتمّ الاتفاق مع إسرائيل حول صلاحيات هذه الشرطة واستقلاليتها؟”.
المصدر: فرانس برس
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





