موجة محاكمات في مصر تكذّب حديث الانفراجة السياسية

موجة محاكمات في مصر تكذّب حديث الانفراجة السياسية
موجة محاكمات في مصر تكذّب حديث الانفراجة السياسية

أفريقيا برس – مصر. رصد محامون ومنظمات حقوقية مصرية في الأيام القليلة الماضية، إحالة عدد كبير من القضايا من نيابة أمن الدولة العليا في مصر إلى محكمة جنايات الإرهاب. ولدى استعراض نوع التهم المكررة، يتبين أن “الانفراجة السياسية” التي يتحدث عنها موالون في الإعلام ليست سوى ترويج لا صلة له بالواقع السياسي في مصر. وفي الثالث من ديسمبر/كانون الأول الحالي أفادت منظمات حقوقية بأن نيابة أمن الدولة العليا أحالت 108 متهمين، بينهم سيدتان وطفل، إلى محكمة جنايات الإرهاب، وذلك في القضية المعروفة إعلامياً بـ”ميدان”، وتحمل رقم 3865 لسنة 2025 حصر أمن الدولة العليا، لاتهامهم بـ”تأسيس والمشاركة في جماعة إرهابية أُنشئت على خلاف أحكام القانون، إضافة إلى تمويل هذه الجماعة في مخالفة صريحة للدستور والقانون المصري”.

وأفاد أمر الإحالة بأن المتهمين، أنشأوا واستخدموا موقعاً إلكترونياً وصفحات على منصّات التواصل الاجتماعي المختلفة ــ شملت فيسبوك، ويوتيوب، وإنستغرام، وإكس. وذكر الأمر أنهم استخدموا هذه الصفحات، إلى جانب حساباتهم الشخصية، للترويج لأفكار دعت إلى التجمهر واستخدام العنف وارتكاب أعمال عدائية ضد مؤسسات الدولة والقائمين عليها، بهدف منعها من أداء أعمالها، والتحريض على الامتناع عن إيداع الأموال في النظام المصرفي أو سداد الضرائب، الأمر الذي رأت النيابة في مصر أنه يهدف إلى الإضرار بالنظام المالي والاقتصاد الوطني. وشملت قائمة المتهمين الذين أحيلوا إلى الجنايات كلا من السيدتين: سها عمر سليمان مفضل حساب، وروضة صلاح الدين عبدالحي يوسف، والطفل خالد شريف جابر ابراهيم محمد.

إحالة العشرات إلى محكمة الجنايات

وقبلها بأيام، وتحديداً في 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، رصدت منظمات حقوقية مصرية، إحالة نيابة أمن الدولة العليا، خمسين مواطناً ما بين غيابي وحضوري إلى محكمة الجنايات في القضية رقم 1282 لسنة 2024 (حصر أمن دولة عليا)، وذلك على خلفية اتهامات ذات طابع سياسي. وشملت الإحالة الناشط السياسي المقيم بالخارج أنس حبيب، بتهمة قيادة جماعة أُسِّست على خلاف القانون وتمويلها، والمعارضين السياسيين في الخارج إسلام لطفي وعبد الرحمن فارس ومحمد عفان، والمحامية المصرية بالنقض فاطمة الزهراء غريب محمد حسين علي، إلى جانب آخرين.

وفي السياق ذاته، أعلنت منظمات حقوقية مصرية، أن نيابة أمن الدولة العليا، أحالت في الثاني من ديسمبر الحالي، 11 متهماً ومتهمة في القضية رقم 1568 لسنة 2024 حصر أمن الدولة العليا إلى محكمة جنايات الإرهاب، من بينهم الصحافي ياسر أبو العلا وزوجته، نجلاء فتحي شامل، مع استمرار حبسهما احتياطياً على ذمة القضية. وذلك على خلفية اتهامات تتعلق بـ”الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون” و”ارتكاب جريمة من جرائم التمويل”. كما رصدت منظمات حقوقية، من بينها “بلادي”، إحالة نيابة أمن الدولة العليا، أربع سيدات (تيمنى يوسف محمود هاشم دخان، وأسماء فتحي شامل حسن، وأسماء عبد الرحمن عبد القادر عبد القادر، وسلسبيل حسن غرباوي شحاتة) إلى محكمة جنايات الإرهاب بتهم مشابهة للمتهمين المذكورين أعلاه.

وفي سياق متصل، وبعد مرور حوالي 7 سنوات من الحبس الاحتياطي، قررت محكمة جنايات القاهرة تحديد أولى جلسات محاكمة القضية رقم 800 لسنة 2019 حصر أمن الدولة العليا، والمدرج على ذمتها المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم، وعائشة خيرت الشاطر. ومن المقرر أن تعقد الجلسة في 9 ديسمبر الحالي أمام الدائرة الثانية إرهاب.

مفاجأة قضائية غير مسبوقة في مصر

وفي السياق، قال المحامي والحقوقي خلف بيومي، مدير مركز الشهاب لحقوق الإنسان، إن المشهد القضائي في مصر خلال الأسابيع الماضية شهد “مفاجأة غير مسبوقة”، تمثلت في التوسع الكبير في قرارات الإحالة الصادرة عن نيابة أمن الدولة العليا، والتي “تجاوزت حتى الآن حاجز 500 قضية، تمت إحالتها إلى محكمة جنايات الإرهاب”. وأشار إلى أن هذا التطور “لم يكن متوقعاً على الإطلاق”، خصوصاً في ظل الحديث المتكرر خلال الفترة الماضية عن تعديل قانون الحبس الاحتياطي ووجود اتجاه لـ”تفكيك ملف المعتقلين”. وأضاف بيومي أن هذا النهج يوحي بأن “السلطات ماضية في الإبقاء على المحبوسين احتياطياً داخل السجون، عبر إحالتهم المتتابعة للمحاكمة من دون معالجة جذرية لملف الاحتجاز”.

واعتبر أن ما يحدث “يعكس إرادة سياسية واضحة لإغلاق الأبواب أمام أي تحركات جدية تُبشّر بانفراجة للمعتقلين عموماً، وللمحبوسين احتياطياً على وجه الخصوص”. وأوضح أن دوائر الإرهاب بدأت بالفعل النظر في عدد من هذه القضايا، وأصدرت أحكاماً “تشبه إلى حد كبير الأحكام المعتادة في هذا النوع من الملفات، والتي يغلب عليها طابع الإدانة بناءً على تحريات الأمن الوطني، من دون الالتفات إلى الظروف الفردية لكل متهم أو ضمانات المحاكمة العادلة”.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here