كشفت مصادر من داخل سجن “تحقيق” أحد سجون مجمع طرة بالقاهرة، عن تعرض المعتقلين السياسيين وعائلاتهم لانتهاكات واسعة ارتفعت حدتها خلال الأيام الأخيرة.
وتأتي هذه الانتهاكات بعد أيام من نشر السلطات المصرية مقاطع فيديو لزيارات قامت بها وفود حقوقية ونيابية وإعلامية، استعرضوا خلالها أحوال السجون، فيما ما رآه مراقبون محاولة لتجميلها ومحاولة للرد على الانتقادات المتواصلة ضد النظام بشأن انتهاكات حقوقية فيها، وذلك بالتزامن مع المراجعة الدورية الشاملة لملف النظام المصري في الأمم المتحدة.
وحسب مصادر خاصة للجزرة نت، فقد جردت إدارة السجن المعتقلين السياسيين من جميع متعلقاتهم الشخصية، ومنعتهم من العلاج، كما ضيقت عليهم في الزيارات العائلية، إلى جانب التشديد على ذويهم في إجراءات الزيارة.
وكشفت المصادر عن زيادة معدلات التسكين في الزنازين بشكل غير مسبوق، حيث وصل عدد الأفراد المسكنين في الزنزانة الواحدة التي لا تزيد مساحتها عن 10 متر× 3 أمتار، إلى 20 نزيلا في بعض العنابر، بينما ارتفع في إحداها إلى 25 نزيلا في الزنزانة الواحدة.
وأوضحت المصادر أن السجن شهد منذ منتصف أكتوبر/تشرين الأول الماضي، 5 تجريدات لكافة عنابر السياسيين، شملت تجريدهم من الملابس والبطانيات، ومصادرة الكتب الدراسية وكذلك كميات كبيرة من الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي إطار التضييق على الزيارات، قلصت إدارة السجن عدد الزائرين إلى شخصين بعد أن كانوا ثلاثة، كما قلصت كمية الطعام المسموح بدخوله، وكذلك مدة الزيارة من نصف ساعة إلى 10 دقائق، بينما منعت الزيارة بشكل كامل عن نزلاء عنبر (أ) مدة شهر، قبل أن تسمح بزيارة “طبلية” (أي يقوم الأهالي بإيصال الطعام فقط للمعتقلين دون رؤيتهم).
وضمن ما كشفته المصادر من انتهاكات يتعرض لها نزلاء سجن تحقيق طرة، تقليص إدارة السجن عدد المعتقلين المسموح لهم بالعرض على عيادة السجن في كل زنزانة إلى 5 أفراد فقط في الأسبوع الواحد، مما حرم عشرات المرضى من الحق في الكشف وتلقي العلاج، وتأجيل عشرات العمليات والفحوصات والتحويلات الطبية اللازمة.
كما قامت إدارة السجن بتقليص ساعات التريض من ساعتين إلى ساعة لبعض عنابر السجن، كما قامت بحرمان أكثر من 50 مريضا من مختلف العنابر من حقهم في التهوية الطبية رغم اعتماد تقارير من عيادة السجن بحقهم في ذلك.
ولفت المصدر إلى أنه تم تغريب (نقل) قرابة 45 نزيلا من عنابرهم منذ وفاة الرئيس الراحل محمد مرسي، كما تضمنت الإجراءات العقابية منع حركة السجين خارج باب العنبر إلا مقيدا ولو للذهاب إلى العيادة أو الزيارة.
انتهاكات ممنهجة
وفي هذا السياق، يقول الحقوقي أحمد العطار الباحث في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات إن السلطات المصرية ما زالت تمارس أقصى أنواع الانتهاكات والتضييقات بحق المعتقلين في السجون المصرية، وخاصة في سجن طرة تحقيق، مشيرا إلى وفاة أحد المعتقلين الجمعة نتيجة حرمانه من العلاج والدواء.
واستنكر في حديثه للجزيرة نت محاولات السلطات المصرية تصدير صورة مخالفة للواقع، من خلال الزيارات التي قام بها وفود المجلس القومي لحقوق الإنسان والنيابة العامة ونيابة أمن الدولة العليا، ونشر تصريحات وصور تخالف الواقع الذي تكشفه مصادر مختلفة من داخل السجون.
ويرى العطار أن هذه الانتهاكات المتنوعة تدعونا إلى دق ناقوس الخطر المتوقع بفقدان المعتقلين لحياتهم وضرورة مطالبة السلطات المصرية بالعمل على تحقيق المتطلبات الأساسية للمعتقلين، من أجل الحفاظ على حياتهم وليس قتلهم، على حد تعبيره.
المصدر : الجزيرة