مصر – افريقيا برس. لم يصدر حتى الآن أي رد أو تعليق مصري رسمي على مطالبات تتردد في أروقة دوائر سياسية وعسكرية أميركية لخفض قيمة المساعدات التي تقدم إلى مصر.
ونشر موقع “ديفينس وان” الأميركي المتخصص في شؤون الدفاع تقريراً يكشف فيه عن تلقي مصر أكثر من 40 مليار دولار من الولايات المتحدة على مدى العقود الثلاثة الماضية (أكثر من أي دولة أخرى)، مشيراً إلى أنه حان الوقت لإعادة الإدارة الأميركية النظر في المساعدات المقدمة للقاهرة، والمقدرة بنحو مليار و300 مليون دولار سنوياً.
وقال الموقع: “لقد مضى وقت طويل جداً لإعادة النظر في هذه المساعدات، لا سيما مع الفوائد المشكوك فيها لأمن الولايات المتحدة”، مشيرا إلى أنه “لفترة طويلة، تعاملت القاهرة وواشنطن مع المساعدة الأمنية الأميركية لمصر كما لو كانت برنامج استحقاق، يجب أن يُقدم بغض النظر عن سلوك الحكومة المصرية”.
وتابع: “منذ الإطاحة بالرئيس المصري الراحل (محمد مرسي) المنتخب ديمقراطياً في عام 2013، بنى الرئيس عبد الفتاح السيسي الدولة الأكثر قمعاً في تاريخ بلاده الحديث، إذ انخرط نظامه في نمط منهجي من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، من قتل المتظاهرين السلميين في الشوارع إلى سجن عشرات الآلاف من المعارضين السياسيين، بمن فيهم الصحافيون، والأكاديميون، والمدافعون عن حقوق الإنسان”.
وأضاف الموقع: “كما فرضت حكومة السيسي قيوداً مشددة على قدرة المنظمات غير الحكومية المستقلة على العمل، بالإضافة إلى استبعاد وحصار الصحافة الحرة والمستقلة”، لافتاً إلى أن “التوترات استمرت بين المسلمين والمسيحيين، نتيجة الممارسات القمعية الضارة في حد ذاتها، والتي باتت تقوض قدرة مصر على أن تكون شريكاً أمنياً موثوقاً به”.
وأوضح المصدر ذاته أنه “بدلاً من استخدام المساعدة الأميركية في تطوير قدرات الجيش المصري، والنهوض بمصالح الأمن القومي المشتركة، أساءت الحكومة المصرية استخدام المساعدة الأميركية لصالح المحسوبية، علاوة على قتل الآلاف من المواطنين في مهمة مكافحة الإرهاب العدوانية، وغير المنضبطة، والعكسية، في مناطق شمال سيناء”.
وزاد قائلاً: “مصر والولايات المتحدة تدعمان طرفين نقيضين في الصراعات في ليبيا وسورية، بينما يستمر نظام السيسي في التعامل مع كوريا الشمالية، إلى جانب تصالحه مع روسيا من خلال إجراء مناورات عسكرية مشتركة، والالتزام بشراء طائرات مقاتلة روسية، فضلاً عن سماحه للقوات الخاصة الروسية بالعمل داخل حدود مصر كمنصة انطلاق لتدخلها في ليبيا”.
ونقل الموقع عن عضو مجلس النواب الأميركي عن ولاية نيوجيرسي، توم مالينوفسكي، قوله إن “الجيش المصري أصبح غير كفء تماماً، وكارثياً، بالإضافة إلى كونه قاسياً، ولا يفعل شيئاً على الإطلاق لصالح الأمن المصري أو أمن الولايات المتحدة”.
من جهته، تبنى الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظام مصر الاستبدادي، ووصف السيسي بأنه “ديكتاتوره المفضل”، متجاهلاً بذلك سجله السيئ في مجال حقوق الإنسان.
في السياق ذاته، اقترح تقرير جديد لمركز “السياسة الدولية ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط” إصلاحات رئيسية في المساعدة الأمنية الأميركية لمصر، مبيناً أن الولايات المتحدة تملك نفوذاً كبيراً في مصر، لأن الجزء الأكبر من المعدات في جيشها وقواتها الجوية، مصدرها أميركي، بما في ذلك غالبية مركباتها المدرعة، وطائرات الهليكوبتر الهجومية، وطائرات النقل العسكرية.
وحسب التقرير، فإن هذه الإصلاحات الرئيسية “لن تؤدي إلى تحويل مصر إلى دولة ديمقراطية، لكنها يمكن أن تساعد في التخفيف من بعض أكثر ممارساتها فظاعة”.
وشدد تقرير المركز على ضرورة خفض المساعدة العسكرية الأميركية لمصر بما لا يقل عن 300 مليون دولار، من أصل 1.3 مليار دولار تحصل عليها الحكومة المصرية بشكل سنوي، بحيث تكون هذه المساعدة ليست مستحقة، ولكنها مرتبطة بسلوكها، مستطرداً أن “المساعدة العسكرية المخفضة يمكن توجيهها في زيادة الاستثمار الأميركي بشأن البرامج المخصصة للتعامل مع جائحة فيروس كورونا”.
وأفاد التقرير بأنه “يجب على الولايات المتحدة أن تفرض شروطاً صارمة على المساعدة الأمنية لمصر، وأن تشمل مجالات القلق المستهدفة وضع حد للتعذيب في السجون المصرية، وتخفيف القيود المفروضة على عمل الصحافيين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمنظمات غير الحكومية الأخرى، وكذلك بالنسبة للقتل والتعذيب وتشريد المدنيين في حملة مكافحة الإرهاب في سيناء”.
وواصل التقرير: “يجب أن يتمثل الجانب الثالث لسياسة المساعدة الأمنية المنقحة في زيادة الشفافية حول كيفية استخدام المساعدات الأميركية، وأن يشمل ذلك السماح للصحافيين والمسؤولين الأميركيين بدخول شمال سيناء لمراقبة تصرفات الجيش المصري، ووسائل إنفاق الأموال الأميركية كحارس ضد الفساد”.
وختم التقرير: “يجب على الولايات المتحدة أن تقصر مساعدتها لمصر على العناصر الأكثر ملاءمة، للتعامل مع التهديدات الأكثر إلحاحاً لأمنها القومي، وأن تشمل تلك الأولويات صيانة المعدات ذات الصلة بمكافحة الإرهاب، وتعزيز أمن الحدود والبحرية وسيناء، في ظل تفضيل الحكومة المصرية شراء معدات عسكرية ضخمة مثل دبابات (M1)، بدلاً من استخدام مساعدات الولايات المتحدة في تعزيز قدراتها على معالجة التحديات الأمنية المشروعة للبلاد”.