حوار : سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. مازالت تركيا تبعث برسائل ايجابية لتحسين العلاقات مع مصر ضمن محاولات أنقرة لإعادة ترتيب سياستها الخارجية مع دول المنطقة. حول هذا الموضوع كان لـ “أفريقيا برس” هذا الحوار مع الكاتب الصحفي والخبير الدولي عادل الدندراوي.
لماذا ترسل تركيا برسائل ايجابية لمصر؟
ربما الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أوضح فيما يمكن أن نسميه الرسائل التوددية لاستعادة العلاقات مع مصر فاوضح صراحة أن مصر ليست بلدا عاديا بالنسبة لتركيا فالروابط التاريخية والدينية والثقافية وما الى ذلك تستوجب استعادة العلاقات وأن حجم الخلافات ربما يكون حجم ضيق يمكن تجاوزه وتلافيه ومن ثم كانت أهمية استعادة العلاقات مع مصر بعد ثمانية سنوات من الانقطاع خلال الفترة الماضية.
ولكن أيضا هناك عدة محاور يمكن أن نلخص فيها حرص تركيا على استعادة العلاقات مع مصر وتتلخص فس الآتي : أولا المتغيرات الاقليمية والدولية التي أصبحت متغيرات ضاغطة على كلا البلدين لدفع العلاقات لمزيد من التقارب. ثانيا المتغيرات الداخلية سواء في تركيا أو في مصر أصبحت تستوجب التغيير والإتفاق على حجم الخلافات و هو حجم الى حد كبير يمكن تلافيه ويمكن التفاهم حوله أيضا حجم المتغيرات الخاصة بالإقليم العربي في حد ذاته والرؤية المشتركة خاصة عند تركيا بضرورة لم الشمل والاتفاق على سياسة موحدة خاصة وأنه يجمع تركيا والدول العربية روابط دينية وتاريخية. هذه اجمالا امور تؤكد ضرورة عودة العلاقات بين تركيا ومصر وأنهما قطبين هامين في المنطقة ولا يمكن استمرار هذا التباعد الى أمد بعيد.
لماذا تضع تركيا في حساباتها ضرورة تحسين علاقاتها مع مصر؟
كما قلنا المتغيرات الاقليمية والدولية والإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة بايدن كانت من أهم الضغوط والأجواء التي دفعت بتركيا للبحث عن استعادة العلاقات مع مصر بشكل طبيعى إضافة إلى ما سبق وأكدنا عليه أن الرئيس التركي رجب طيب اردوغان أعلن صراحة قبل شهر من الان أن مصر ليست بلدا عاديا بالنسبة لتركيا وان استعادة العلاقات معها أمر طبيعي خاصة مع العلاقات التاريخية والثقافية بين الشعبين والتقدير الكافي التركي لتاريخ مصر والشعب المصري إذ أن الإتجاه التركي لمصر هو إتجاه طبيعي لمحاولة درء كل المخاطر التي تحيط بكلا الجانبين سواء تركيا أو مصر وهناك متغيرات متسارعة في السياسات الإقليمية وهناك سياسات إقليمية غير واضحة ومتغيرة بشكل سريع وهي في رأيي ما تضغط تماما باتجاه ضرورة استكشاف علاجات جديدة وسياسات جديدة والنأي عن كل الخلافات بين الجانبين وفي رأيي أن تركيا حريصة على دفع المزيد من علاقات الدفئ مع مصر خلال الفترة المقبلة بالمزيد من التفاهمات الكبيرة وربما نحن على طريق ليس ببعيد من التطبيع الكامل بين مصر وتركيا.
وضعت مصر مجموعة من الشروط لتركيا لإعادة العلاقات فهل ستلتزم بها تركيا ؟
نعم وضعت مصر مجموعة من الشروط لاستعادة العلاقات مع تركيا كان أهمها ضرورة وقف التدخل في الشأن الداخلي المصري ومراعاة السيادة المصرية وتقدير السياسة الخارجية المصرية مع الدول الصديقة وكان أيضا من أهم المطالب وقف المنابر الإعلامية التي تتناول الوضع الداخلي في مصر وملف حقوق الإنسان ووقف أنشطة بعض الجماعات المعارضة للوضع الداخلي في مصر كجماعة الإخوان، وكان في رأيى هل استحابت تركيا أم لا ؟ نعم استجابت تركيا بالفعل وأوقفت بعض البرامج التي كانت تتناول الشأن الداخلي في مصر مقابل بعض التهدئة من جانب القوى الأمنية في مصر تجاه بعض العناصر الدينية ومراعاة جانب التهدئة في هذا الملف وهذا ما لحظناه جميعا خلال الفترة الماضية كان في ذلك مقدمة لإجراء المحادثات الاستكشافية التي جرت بالقاهرة وربما تكون هناك تفاهمات حول تلك المطالب خلال الفترة الماضية من خلال الاتصالات الجارية بين الجانبين المصري والتركي حاليا.
هل ستعود العلاقات كاملة بين البلدين وهل يمكن عودة العلاقات الاقتصادية كما كانت؟
عودة العلاقات الكاملة بين مصر وتركيا ربما يحتاج الى فترة من الوقت وان كانت ليست بعيدة في رأيي ولكن العلاقات الاقتصادية وان كانت قبل عام 2012 وصلت لأكثر من 4 مليارات دولار في حجم الاستيراد والتصدير بين البلدين وأيضا خلال العام الماضي وصلت لأكثر من 5 مليارات دولار ، وهذا في حد ذاته يعد من ضمن الأسباب السياسية والاقتصادية. فالأسباب السياسية تأتي أولا في حرص تركيا وبالتالي حرص مصر حالة استجابة الطرفين للشروط المتبادلة للوصول الى حالة من الاستقرار في كافة التوجهات السياسية والدفع بقوة جديدة في التعاملات الإقليمية ومن الناحية الاقتصادية فمصروتركيا بحاجة ماسة إلى مضاعفة التبادل التجاري بينهما وبقوة خاصة وأن العديد من المعاملات التجارية المختلفة يمكن أن يتم تبادلها بين البلدين.
كيف سيكون الوضع في ليبيا إذا استجابت أنقرة للشروط المصرية ؟
الملفات المشتركة الهامة بين مصر وتركيا هي ملفات عديدة أبرزها الملف الليبي وملف البحر المتوسط والاكتشافات البترولية وملف سوريا وملف القضية الفلسطينية ولكن أكثر الملفات خلافا بين البلدين هما ملف ليبيا وشرق المتوسط . الشروط المصرية في ليبيا واضحة وهي ترحيل المرتزقة الذين تدعمهم تركيا وتأمين الحدود المصرية تماما من الجانب الغربي وعدم التدخل في الشأن الليبي بما يسبب قلقا داخليا لمصر. الشروط كانت واضحة من قبل ومعلنة تماما من قبل استقرار الوضع في ليبيا ومصر طلبت صراحة من تركيا عدم دعم المقاتلين و المرتزقة في ليبيا إذا ما تم التوافق على كافة هذه الشروط بين مصر وتركيا تجاه الوضع في ليبيا فستكون الأمور طبيعية الى حد كبير ويمكن التوافق على ذلك. أما فيما يتعلق بشرق البحر المتوسط فتركيا حريصة على دعم هذا التعاون والارتقاء به اقتصاديا وتقديم العديد من الاقتراحات للجانب المصري في جانب الاستكشافات البترولية بما يعد بمزيد من المكاسب الاقتصادية للجانب المصري والجانب التركي، فالمأمول أن يتم التوافق على هذين الملفيين خاصة الملف الليبي كأولوية راهنة.