حوار: سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. في إطار التعاون المصري الدولي في قطاع الكهرباء والطاقة المتجددة، تم توقيع مذكرة تفاهم بين مصر واليونان، ثم مذكرة بين مصر وقبرص لإنشاء كابل بحري ستصدر مصر من خلاله فائض الكهرباء لديها إلى اليونان.
يأتي مشروع الكابل البحري كجزء من مشروع “يورو أفريكا” الذي تبلغ استثماراته 4 مليارات دولار، والذي يربط بين شبكات الكهرباء في مصر واليونان وقبرص ويعد جزءاً من طموحات مصر لأن تصبح مركزاً إقليميا للطاقة ومصدراً للطاقة الخضراء إلى أوروبا.
وفي وقت سابق، تعهدت الحكومة المصرية بإنتاج 42% من احتياجاتها من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، حيث تنتج مصر فائضاً من الطاقة الشمسية والذي يصعب تخزينه. وستعمل المرحلة الأولى من المشروع بقيمة 2.5 مليار يورو على ربط شبكات الدول الثلاث، ومن المقرر البدء بتشغيلها بحلول ديسمبر 2023 بقدرة أولية تبلغ 1 غيغاوات. واستغرق الإعداد للمشروع بعض الوقت، حيث كانت القاهرة وأثينا ونيقوسيا وقعت الاتفاقية الإطارية للمشروع في عام 2019.
وتتمتع مصر بفائض في الإنتاج الكهربائي، وبدأت في مفاوضات قبل عام لبيع الطاقة للقارة الأوروبية، مستغلة ميزتها باعتبارها منتجا للطاقة المتجددة رخيصة الثمن، في محاولة لأن تصبح محوراً إقليمياً للتصدير. وخلال الفترة الماضية، أجرت مصر محادثات مع كل من اليونان وقبرص لمد كابل إمداد كهربائي تحت البحر يربط البلدان الثلاثة.
وفي يونيو الماضي، اهتمت وسائل الإعلام اليونانية بشكل لافت، بمشروع الربط الكهربائي بين مصر وأوروبا، وذلك بعدما كتب رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على موقع “تويتر”، أن الخطة جاهزة للتنفيذ وهو ما أثار ترحيباً واسعاً بين النشطاء اليونانيين.
وقال ميتسوتاكيس: “أعلق أهمية كبيرة على توصيل الكهرباء بين اليونان ومصر، من خلال كابل بحري عالي السعة سينقل إلى اليونان وأوروبا الكهرباء التي سيتم إنتاجها حصرياً من مصادر متجددة.. إنه مشروع أخضر، وهو أحد أكبر المشاريع في جنوب شرق البحر الأبيض المتوسط، سيوحد دولنا وقاراتنا بناءً على احتياجات عصرنا والمذكرة ذات الصلة التي ستطلق تفاصيل هذا التعاون جاهزة عملياً والمشروع هو عبارة عن كابل سوف يتجه من مصر إلى قبرص ثم إلى اليونان، حيث سيبلغ طول الكابل نحو 1650 كيلومتراً بقدرة 2000 ميغاوات”.
وسيتم ربط مصر بقبرص بكابل يبلغ طوله 498 كيلومتراً، ثم توصيل قبرص بجزيرة كريت اليونانية بكابل يبلغ طوله 898 كيلومتراً. ويوفر اتصالاً بشبكة الكهرباء لعموم أوروبا، ويصل عمق مد الكابلات إلى 3000 متر تحت مستوى سطح البحر في بعض المناطق بين جزيرة كريت وقبرص.

وللحديث أكثر عن تفاصيل هذا التعاون يتحدث إلى “أفريقيا برس” المحلل الاقتصادي والمتخصص بقطاع الكهرباء والطاقة محمد صلاح في الحوار الصحفي التالي:
في مشروع هو الأول من نوعه في البحر المتوسط، وقعت مصر واليونان اتفاقا يمهد لمد كابل تحت سطح البحر ينقل الكهرباء المولدة من الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا إلى أوروبا فما هي أهمية هذا المشروع بالنسبة لمصر؟
المشروع يدعم فكرة تحول مصر كمركز إقليمي لتداول الطاقة ومن ثم بدء أعمال الربط الكهربائي أو تصدير الكهرباء لأوروبا مباشرة، ونحن نعلم أنه سيتم إنشاء خط ربط بين مصر وقبرص لمسافة أكثر من 1650 كم عبر خط كابل بحري يمتد بين البلدين للمساهمة في عملية نقل الطاقة الكهربائية لقبرص ومن ثم نقل الطاقة الكهربائية إلى جزيرة كريت اليونانية تمهيداً لتصدير الكهرباء المنتجة إلى أوروبا، وهذا سيساهم بشكل كبير في تنمية الدخل القومي لمصر من خلال العائد بالعملة الصعبة الناتج عن بيع الطاقة الكهربائية وفقاً للمعدلات العالمية بالإضافة إلى حصول مصر على نسبة من عملية نقل الطاقة الكهربائية وضخها عبر خط الربط ومن ثم سنحصل على عائد مادي من ضخ الكهرباء وأيضا سترتفع قيمة الطاقة الكهربائية المصرية إلى الأسعار العالمية.
هل تعتقد أن تلك الخطوة ستمهد الطريق لمصر لتكون ممراً للطاقة من اليونان إلى أفريقيا؟
هناك الكثير من الاتفاقيات بين مصر واليونان لتنفيذها على مدار السنوات المقبلة في ظل تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي والذي أولى الملف المصري اليوناني أهمية خاصة من الناحية الإقتصادية من خلال التعاون في مجالات الطاقة والكهرباء من خلال الحديث عن الربط الكهربائي بين قارات العالم بالإضافة إلى التعاون في مجال البترول من خلال التعاون فى العمليات الاستكشافية في شرق المتوسط ومن ثم تسييل الغاز القبرصي في المحطات المصرية وأيضا سيتم ضخ الغاز الطبيعي المصري عبر خط الأنابيب القبرصي تمهيداً لتصديره لأوروبا في ظل دعم فكرة تحول مصر كمركز إقليمي لتداول الطاقة.
مشروع بهذا الحجم كيف يمكن تحقيقه خاصة وأنه يتطلب إمكانيات مادية ولوجستية كبيرة ربما تخرج عن طاقة الدول الأفريقية وحتى مصر؟
هذا المشروع بالغ الأهمية سيتم تنفيذه من خلال شركات عالمية حيث نفذت مصر العديد من المحطات وأشهرها محطة شركة سيمنز بتكلفة 6 مليار يورو وأيضا مشروع الربط الكهربائي وإنشاء كابل بحري بين مصر واليونان سيتم من خلال تحمل كل جانب التكلفة المادية الخاصة به ومصر قادرة على إنشاء الخط في أقصر مدة زمنية.
اهتمت مصر كثيراً خلال السنوات الماضية بقطاع الطاقة خاصة المتجددة، فما هي أهم المشروعات التي اتجهت لتنفيذها وما حجم إنتاج الكهرباء في مصر وما هي توقعاتك لهذا القطاع بمصر خلال الفترة المقبلة؟
كان هناك إهتمام كبير جدا من قبل القيادة السياسية المصرية بقطاع الطاقة حيث قامت مصر بتنفيذ مشروعات في مجالات الطاقة والكهرباء والبنية التحتية باستثمارات بلغت 517 مليار جنيه إضافة إلى الانتهاء من واحد من أكبر المشروعات في منطقة الشرق الأوسط والذي حصل على جائزة البنك الدولي و هو مشروع بنبان القائم على استثمارات أجنبية بحتة فنحن نتحدث عن مشروعات طاقة جديدة ومتجددة من خلال تنفيذ أكثر من 7 مشاريع لطاقة الرياح سيتم إنشاؤها في منطقة الزعفران و خليج السويس وأيضا مشروعات الطاقة الشمسية في بنبان وكومومبو وأيضا محطة الضخ والتخزين في جبل عتاقة لتوليد الكهرباء من مياه الصرف الصحي، حيث يتم تحليتها مرة أخرى.
وهناك الكثير من الآليات التي تتخذها مصر ممثلة في وزارة الكهرباء والطاقة لتنمية قطاع الطاقة المتجددة، فهناك أيضا محطة الضبعة النووية والمرتقب بدء عملها خلال 2024 وهناك خطة للدولة المصرية للاعتماد على ما يقرب من 42 % من إجمالي الطاقة المنتجة بحلول عام 2035 وكل هذا يمثل الكثير من الأهداف تسعى مصر لتحقيقها وهذا يعزز مكانة مصر الإقتصادية والإقليمية.