القوات الجوية المصرية وخطة التطوير

30

حوار: سحر جمال

أفريقيا برسمصر. تولي السلطات المصرية اهتماماً كبيراً بسلاحها الجوي من خلال السعي المستمر نحو تزويد القوات الجوية المصرية بالامكانيات والقدرات المتقدمة عبر عقد صفقات مع الدول المتقدمة في هذا المجال، بهدف امتلاك أحدث الطائرات الحربية القتالية وضمها للقوات الجوية المصرية والحرص على تدريب الطيارين بشكل مستمر على كل ما هو جديد وحديث، وأيضاً من خلال المناورات الجوية المشتركة والتدريبات الجوية مع الكثير من الدول الصديقة لتطوير قدرات الدفاع الجوي والتعرف على القدرات القتالية العالمية والدولية.

و تحتفل القوات الجوية في شهر أكتوبر من كل عام، بذكرى معركة المنصورة عندما فاجأت العدو في 14 أكتوبر 1973 حينما حاول تحقيق أوهامه، بتوجيه ضربة صوب القواعد الجوية والمطارات بمنطقة الدلتا، فتفاجأ بما لم يدر في خلده، عندما تصدت له نسور الجو المصرية، بمهارة واقتدار في مواجهة مباشرة، بين ما تملكه القوات الجوية المصرية من طائرات أقل تقدما وكفاءة، وما يملكه العدو من مقاتلات متطورة، وهنا تجلت براعة ومهارة الطيار المصري، وإصراره في معركة استمرت لأكثر من خمسين دقيقة، وهذا ما جعلها أطول معركة جوية في تاريخ الحروب الحديثة، لتنتهي بانتصار القوات الجوية المصرية.

اشتركت في تلك المعركة أكثر من مائة وخمسين طائرة من الطرفين، فقد فيها العدو 18 طائرة، ولم يكن أمام ما تبقى من طائراته إلا أن إلقاء ما لديها من حمولة في البحر وتلوذ بالفرار.

وسُميت هذه المواجهة بمعركة “المنصورة” و أتخذت القوات الجوية المصرية من هذا الانتصار عيداً سنويا لها.

وفي فترة تشهد فيها المنطقة الكثير من التحديات والتوترات، تتجه مصر لحماية حدودها بكل الطرق و تحقيق الجاهزية لأي هجمات أو خطر قد يحدث، وفي هذا السياق يتحدث لـ”أفريقيا برس” اللواء ناجي شهود نائب مدير المخابرات الحربية الأسبق في الحوار التالي؛

اللواء ناجي شهود، نائب مدير المخابرات الحربية الأسبق

كيف يكمن تقييم القدرات العسكرية للقوات الجوية المصرية؟
تقييم القدرات العسكرية للقوات الجوية المصرية يرتبط بالمهام المكلفة بها، ليصبح التقييم هنا غير مرتبط بالعدد والكفاءة ولكن يكون بقدرة القوات الجوية على القيام بالمهمات المطلوبة منها، ومصر دولة عقيدتها وفكرها مرتبطان بتأمين حدود المياه الإقليمية والأجواء الخاصة بجمهورية مصر العربية، اذا كان هذا الأمر يتوافق مع إمكانيات القوات الجوية إذاً فهي قادرة على تنفيذ هذه المهام، وهذا الأمر منوط بالمهام والتي لا تتعدى الحدود المصرية، وعقيدة القوات الجوية المصرية تلزمها بعدم الاعتداء على حدود دول أخرى.

ما هو عدد طائرات القوات الجوية المصرية والإمكانيات القتالية لديها؟
عفى الزمن على قياس إمكانيات وقدرات أي قوات جوية في العالم بالعدد فقط، فالأمر يتعلق بالنوع والقدرات ما بين طائرات قاذفة وطائرات مقاتلة وطائرات مقاتلة قاذفة وطائرات نقل، وأي قوات جوية لأي دولة يجب أن يتوافر فيها هذه المنظومة التي تحقق للدولة كل إحتياجتها من المهام التي ستطلب من قواتها الجوية سواء تأمين حدودها أو تنفيذ مهام نقل أو تنفيذ مهام إنزال لعناصر المظلات أو لطائرات هليوكوبتر، فنحن هنا غير معنيين بالعدد، فالأعداد في كل دول العالم حتى وإن كانت معلنة  لصفقات مع بعض الدول إلا أن الأهمية هنا تكمن بالإمكانيات القتالية للطائرات المطورة والمحدثة، وهل ستتمكن من تنفيذ المهمات المطلوبة منها أم لا، وهذا ما تبحث عنه مصر بدليل حدوث إضافة جديدة كل يوم للقوات الجوية المصرية.

مصر ذهبت إلى تسليح القوات الجوية وتطويرها من خلال الاتفاقيات العسكرية مع عدد من الدول، ما هي أبرز تلك الصفقات وأهمها من وجهة نظرك؟
طبعا هناك اتفاقيات مع العديد من الدول ومصر تحررت من كافة القيود وحتى من الاتفاقيات مع الولايات المتحدة الأمريكية في معاهدة السلام، والتي تشمل قدراً من المنحة المالية بقيمة 1.3 مليار دولار، حيث وضعت على مصر في وقت من الأوقات الكثير من القيود في إمكانيات التسليح، ولذلك انطلقت مصر نحو تطوير قدراتها الجوية مع كل الدول؛ قد يكون أبرزها طائرات الرافال مع فرنسا والتي تعتبر أبرز الصفقات خاصة وأن الرافال طائرة حديثة وتستخدم في العديد من الدول وتتوافق مع كافة أنواع الطائرات المستخدمة لدى القوات المصرية وهذا كله يعتمد على قدرات وإمكانيات الطيار المصري وقدراته على استيعاب التكنولوجيا الحديثة والتطورات الجديدة المستحدثة في الجهاز القتالي.

كانت هناك العديد من المناورات الجوية المشتركة مع الكثير من الدول العربية والأوروبية، كيف أبرزت مصر قدراتها الجوية في تلك المناورات وما أبرزها من وجهة نظرك؟
التدريب المشترك والمناورات الجوية مع دول صديقة أو شقيقة أمر انطلقت فيه مصر بقوة لأسباب متعددة، فهناك دول كثيرة اكتشفت القدرات العسكرية المصرية حتى في عام 1973، كانت الإمكانيات القتالية للقوات الجوية متواضعة للغاية وكانت مسؤولة عن تأمين العمق المصري إلا أن الطيارين أكتسبوا خبرات هائلة يتم دراستها حتى الآن و يتم توارثها عبر الأجيال وهذا الأمر يعطي الفرص للكثير من الدول للتدريب مع القوات الجوية المصرية لاكتساب خبرة قتالية إضافة إلى الخبرة المكتسبة في التعامل مع الإرهاب وتلك هي أخطر التحديات هذا العصر في مصر، وهذا ما حدث في مصر خاصة في سيناء؛ حيث يتم انتقاء الأهداف بدقة متناهية وسط المدنيين واستهداف معاقل الإرهاب مع المحافظة على حياة أهالي سيناء وفقا لخطط معلومات موثقة ومرتبة، وكل هذه الخبرات متوفرة لدى الطيار المصري خاصة وأننا نحصل من الدول الموردة للطائرات على أعلى الإمكانيات والتدريب المشترك بما يحقق لمصر إضافة للتعرف على إمكانيات الطيارين وفرصة لتوسيع المجال مستقبلاً لإجراء المزيد من الصفقات والاتفاقيات العسكرية لا سيما الجوية.

كيف تسعى مصر لتطوير قدراتها العسكرية الجوية وما أهمية ذلك خلال تلك الفترة التي نشهد فيها الكثير من التوترات في المنطقة؟
هناك عدة بنود خاصة بتطوير القوات الجوية، أولاً التدريب وتطوير التدريب وأساليبه وطرقه عند الطيار المصري، وثانياً تنويع الطائرات بأنواعها من عدة مصادر، وثالثاً كيف يتم التطوير داخل الطائرة نفسها مع المجال الجوي المصري، والمسألة مرتبطة بالتحديات التي تمر بها مصر، ولهذا تطوير القوات الجوية العسكرية يجب أن يتوافق مع هذا الأمر وبما يحقق الهدف من إنشاء القوات الجوية لتنفيذ مهام محددة، فمهمة القوات الجوية تحقيق القصف للأهداف البعيدة وإذا حققت ذلك فهي قادرة على قتال القوات المعادية، والقوات المسلحة المصرية عقيدتها تفرض عليها ألا تتجاوز حدودها أو مياهها الإقليمية.

عندما نتحدث عن التوازن العسكري بين مصر والكيان الإسرائيلي على مستوى القوات الجوية فكيف يمكن تقييم الميزان الحالي بين الطرفين؟

هناك معاهدة سلام بين مصر وإسرائيل  وهذا السؤال يمكن أن يكون في مظهره بريء لكن في جوهره ليس كذلك، بمعنى أننا لسنا في حالة عداء مع إسرائيل فهناك معاهدة سلام موقعة، فطالما احترم الآخرون المواثيق والمعاهدات كمعاهدة السلام والقوانين الدولية التي تنظم العلاقات بين الدول والحدود فنحن أيضا سنلتزم بهذا الأمر وعندما يجري الحديث حول تحقيق  توازن مع إسرائيل فهذا يخلق صراعاً بشكل أو بآخر فهناك مهام محددة للقوات الجوية وعقيدتنا وفكرنا لا يسمحان لنا بتجاوز حدودنا الإقليمية أو البحرية ولا حتى أجوائنا الجوية، فنحن مكلفون بحماية حدود وأجواء هذه الدولة فقط وكل شعب مصر  مؤمن بهذا الأمر ونحن لا نبحث عن أي توازن هنا خاصة وأن  هناك حرص من الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا على ضرورة أن يكون لإسرائيل التفوق الجوي كماً ونوعاً على الدول المحيطة بها وعندما أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا اليهود إلى المنطقة في 1948 أرسلوهم لاستباحة المنطقة العربية ولهذا ما قام به المصريون في عام 1973 وتحقيق النصر العظيم  ثم 1979 من خلال معاهدة السلام كانت المرة الأولى التي توقع فيها إسرائيل على حدودها وكان الأمر نقطة تحول في المنطقة.

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here