أفريقيا برس – مصر. بين ليلة وضحاها تبدلت أحوالهم، ووجدوا أنفسهم مطالبين بالرحيل عن بلاد يعيشون فيها لسنوات، والتوجه إلى مصير مجهول، في رحلة لم تخل من الخوف والمخاطر. القاهرة – سبوتنيك. فمع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا قبل نحو أسبوعين، لم يجد الآلاف من الطلاب العرب الذين كانوا يدرسون في أوكرانيا أمامهم سوى الرحيل، وفي الطريق كان التضامن بين بعضهم سبيل النجاة.
في حديث مع وكالة “سبوتنك” يروي طلاب مصريون وعرب عن رحلاتهم للخروج من أوكرانيا، حيث يقول الطالب المصري أحمد زهران، والذي كان يدرس طب الأسنان في جامعة دنيبرو “فجر يوم الخميس (24 فبراير/شباط) سمعنا صوت ضرب [انفجار] في المطار الحربي في مدينة دينبرو التي كنا نعيش فيها، وهي مدينة تقع شرقي أوكرانيا”.
ويضيف زهران: “يوم الجمعة قررت إنشاء مجموعة على تطبيق واتسآب لتجميع الأشخاص الراغبين في السفر ومغادرة المدينة، كنا حوالي 130 طالبا، وتوليت مهمة ترتيب سفرهم، في هذا الوقت لم يكن هناك أي توجيهات سواء من السلطات الأوكرانية أو السفارة المصرية، أحضرنا حافلتين، وكان معنا طلاب من جنسيات مختلفة، من المغرب وتونس وفلسطين ولبنان، أي شخص كان يتواصل معي من أجل السفر كنت أساعده على السفر، واتجهنا إلى الحدود الرومانية، وكنا في ذلك الوقت تواصلنا مع السفارة ومع وزيرة الهجرة المصرية ونواب من مجلس الشعب”.
ويستذكر زهران الرحلة من مدينة دنيبرو إلى الحدود الرومانية قائلا، إن “الطريق إلى الحدود استغرق نحو 18 ساعة، وقابلنا العديد من نقاط التفتيش للجيش الأوكراني، كانوا يسألون إذا ما كان أي شخص يحمل أسلحة أو هناك مواطنون رجال أوكرانيون لأنهم كانوا ممنوعون من الخروج، ثم يغادرون الحافلة بكل احترام”.
لم يكن هناك تمييز على الحدود
وحول إجراءات العبور على الحدود، يقول: “لم يكن هناك أي تمييز على الحدود في التعامل، الفكرة أن الشعب الأوكراني كانت له الأولوية لأنهم كأوكران يحق لهم عبور هذه الحدود في أي وقت بمجرد الختم على جواز سفرهم، لكن نحن كعرب الوضع بالنسبة لنا مختلف، كان يجب تسجيل بياناتنا وهذا كان يحتاج إلى وقت”، مؤكدا “لم يكن الأمر تمييزا، ولكن الإجراءات كانت مختلفة لعبور الأوكران أو العرب”.
مصطفى إسماعيل، طالب مصري آخر كان يدرس الطب في جامعة دنيبرو واضطر إلى الرحيل حين اندلعت المعارك، يقول في حديث لوكالة “سبوتنيك”، إن “الأمور كانت صعبة جدا أثناء الحرب، نجحنا أن ننجو بأنفسنا على مدار ثلاثة أيام، ويوم الأحد (27 فبراير) تحركنا إلى الحدود الرومانية”.
ويضيف إسماعيل “واجهتنا صعوبات مثل التعب الذهني والبدني، رحلة السفر كانت 18 ساعة، وانتظرنا على الحدود الرومانية في طوابير طويلة وطقس شديد البرودة، كان يدخل عدد قليل من الأشخاص وتغلق الحدود لمدة ساعتين، ثم تفتح مرة أخرى، حتى إننا أشعلنا نيران للتغلب على البرد وتدفئة أنفسنا”، مؤكدا “كان الوضع شديد الصعوبة”.
ويتابع الطالب المصري “بعد عبور الحدود خضنا رحلة لمدة 7 ساعات للوصول إلى مدينة بوخارست، وفي رومانيا لم يكن معي أي نقود، ولا حتى دولار واحد. آخر نقود كانت معي دفعتها للحافلة التي نقلتني من مكان سكني إلى الحدود الأوكرانية، حتى إن التاكسي الذي أوصلنا أنا وزملائي إلى السفارة المصرية أخذنا أجرته من السفارة بالعملة الرومانية، وهذه الأمور جعلتني أشعر بالفخر لكوني مصريا”.
رحلة طويلة محفوفة بالخوف
طالب آخر فلسطيني الجنسية يدعى حسن أبو زعنونة كانت رحلة خروجه من أوكرانيا بسبب النزاع المسلح هي الثالثة في حياته، بعد اضطراره للرحيل عن غزة إلى اليمن، ثم الرحيل من اليمن إلى أوكرانيا، ثم الرحيل من أوكرانيا إلى هولندا بسبب النزاعات المسلحة.
يقول الطالب الذي كان يدرس في جامعة دنيبرو، في حديث مع وكالة سبوتنيك، إن “رحلة الخروج من أوكرانيا كانت طويلة، استغرقت 6 أيام”. ويضيف “كنا نشعر بالخوف خاصة وأننا كنا نسافر في وقت وقف إطلاق النار بين المدن، لكن من وقت ما بدأت الحرب ونحن نحاول تنظيم المساعدة والحافلات للطلاب من جميع الجنسيات للخروج من أوكرانيا”.
ويتابع أبو زعنونة: “أنا اتحدث ثلاث لغات، العربية والإنجليزية والروسية، حين كنت في دنيبرو ساعدت ما يقرب من 500 طالب على الخروج من أوكرانيا، وحتى بعد سفري حاولت أنسق خروج الطلاب وإلى الآن أحاول التنسيق، وكنت أحاول التخفيف من حدة التوتر بكل الطرق/ على الحدود اشتريت 35 تذكرة قطار ووزعتها على الناس مجانا، وحاليا أحاول التواصل مع الأوكران الذين يريدون الخروج من أجل توفير طرق لخروجهم بالتنسيق مع أصحاب الحافلات، لأنهم كانوا يسلكون الطريق بين القري تجنبا للمشكلات”.
وواصل الطالب الفلسطيني “كنت أحاول مساعدة الناس لأني أشعر بانزعاج شديد مما يحدث، وأفهم شعور أن لا يكون عندك وطن تعيش فيه لأني أعيش هذا الشعور، فمنذ ولادتي وأنا أبحث عن مكان للعيش”.
جهود استقبال للطلبة العرب على قدم وساق
على الجانب الآخر، على الحدود البولندية الأوكرانية، كانت عمليات استقبال الطلاب خاصة العرب تجرى أيضا على قدم وساق، حيث تروي الطبيبة المصرية يارا خربوش والتي تعيش في بولندا منذ 6 سنوات أنها من بداية الأزمة وهي بدأت في استقبال المصريين الذين خرجوا من أوكرانيا.
وتقول خربوش: “أنا من بداية الأزمة وأنا أستقبل المصريين الذين خرجوا من أوكرانيا، لقرب منزلي من معبر كراكوفيتش، في البداية كنت اكتفى بمنزلي، لكن مع زيادة الأعداد استأجرت منزل أخر، ليكفي عدد الأشخاص الذين جاءوا”.
ولا توجد أرقام محددة عن عدد الطلاب العرب الذين كانوا يعيشون في أوكرانيا، لكن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين كانت قد أعلنت أن 1.7 مليون شخص قد فروا من أوكرانيا منذ بدء النزاع المسلح في 24 فبراير. وتنفذ القوات المسلحة الروسية، منذ الـ 24 من فبراير الفائت، عملية عسكرية الخاصة لحماية إقليم دونباس، جنوب شرقي أوكرانيا.
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا لا تخطط لاحتلال الأراضي الأوكرانية؛ موضحا أن هدف روسيا يتلخص في حماية الأشخاص، الذين تعرضوا على مدى ثماني سنوات، إلى الاضطهاد والإبادة الجماعية، من قبل نظام كييف.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس





