دعوات لشراكة مصرية هندية لمواجهة احتكار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

دعوات لشراكة مصرية هندية لمواجهة احتكار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي
دعوات لشراكة مصرية هندية لمواجهة احتكار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

أفريقيا برس – مصر. دعت شركات وجهات حكومية وبحثية مصرية إلى إقامة شراكة عميقة بين مصر والهند لمواجهة تحديات احتكار الدول الكبرى وعدد محدود من شركات لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بهدف جعل إمكاناتها متاحة لخدمة جميع الدول وليس الاقتصادات الكبرى فقط.

وقال رئيس مركز الفكر الهندي سمير ساران، في جلسة مغلقة عُقدت على هامش منتدى القاهرة الاقتصادي الثاني الذي اختُتم أمس إن استطلاعات حول القيمة السوقية للذكاء الاصطناعي بيّنت أن 80% منها تتركز في الولايات المتحدة، وقرابة 20% لنظام موازٍ في الصين، بينما تصل في مناطق مثل أوروبا إلى 10%، و3% في الهند.

أما دول الشرق الأدنى بما فيها سنغافورة واليابان وكوريا فلم تتعد نسبتها بين 3% و5%، مبيناً أن هذه الأرقام تُظهر أن الثروة المستقبلية ستتركز بشكل منحرف جغرافياً لصالح شريحة صغيرة من البشر. وأضاف ساران أنه من المهم إيجاد تمويل فعلي لبعض الشركات الناشئة المتميزة التي تؤدي أداءً جيداً، مشيراً إلى أن مصر تمتلك طاقات بشرية متميزة في مجال التكنولوجيا والبرمجة، ولديها مبرمجون من بين الأكفأ في المنطقة.

ودعا ساران الشركات المصرية إلى المشاركة بقوة في تحدي الذكاء الاصطناعي للشركات الناشئة الذي أطلقته الهند مؤخراً، مشيراً إلى إمكانية بناء “جسر تكنولوجي” بين مصر والهند من خلال الشراكة بين مركز الفكر الهندي والمركز المصري للدراسات الاقتصادية، المنظِّم لمنتدى القاهرة الاقتصادي، بما يعزز التعاون في البحث والتطوير وريادة الأعمال، ويُحقق شمولية الذكاء الاصطناعي وقدرته على خدمة جميع المجتمعات وليس الاقتصادات الكبرى فقط.

من جانبها، أكدت مستشارة وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات هدى بركة، أن استضافة الهند لقمة تأثير الذكاء الاصطناعي في فبراير 2026 تمثل لحظة فارقة في مسار التعاون بين دول الجنوب العالمي، مشيدةً بقيادة دولة من الجنوب لهذه القمة للمرة الأولى، وبمستوى التنسيق القائم بين مصر والهند في الإعداد لها.

وأشارت إلى أنه من المهم الوصول إلى رؤية موحدة لدول الجنوب العالمي في ما يتعلق بـ الحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي، وأن تُصاغ ضمن الأطر الدولية مثل الميثاق الرقمي العالمي والمبادرة العالمية للذكاء الاصطناعي، ليس فقط من خلال العضوية، بل عبر المشاركة الفعّالة في عمليات صنع القرار. وشددت بركة على أهمية التركيز على قضية سيادة البيانات، مضيفةً أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي المسؤول مستحيل دون ضمان وصول عادل إلى البيانات والاستثمار القوي في البنى التحتية الرقمية.

وكان المركز المصري للدراسات الاقتصادية قد عقد جلسة نقاشية مشتركة مع مركز الفكر الهندي، أحد أكبر المراكز البحثية في الهند، على هامش فعاليات منتدى القاهرة الثاني لتبادل الرؤى حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على المجتمعات، والفجوات بين الدول التي تمتلك قدرات في هذا المجال وتلك التي تفتقر إليها، إلى جانب بحث ما يمكن أن تقدمه دول الجنوب من مقترحات خلال مشاركتها في قمة الذكاء الاصطناعي التي ستُعقد في الهند في فبراير/شباط المقبل.

وفي السياق، قال أبيشيك سينغ، سكرتير وزارة الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في الهند، إن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي المقرر عقدها في فبراير 2026 ستسلّط الضوء على القضايا الأكثر إلحاحاً التي تواجه البشرية في ظل التطور السريع مشيراً إلى أنها امتداد لسلسلة القمم التي انطلقت من لندن عام 2023، مروراً بـ كوريا والهند وفرنسا. وأكد أن هذه هي المرة الأولى التي تُعقد فيها القمة في دولة من دول الجنوب العالمي، ما يمنح الدول الناشئة صوتاً مؤثراً على طاولة المفاوضات العالمية. وأوضح سينغ أن القمة ستركّز هذا العام على تأثيرات الذكاء الاصطناعي في ثلاثة مجالات رئيسية: البشر، والكوكب، والتقدم.

ففي ما يتعلق بالبشر، ستتناول القمة تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل العمل، واستراتيجيات إعادة التدريب وتطوير المهارات لمواكبة التغيرات في سوق العمل، وتعزيز الشمولية باستخدام الذكاء الاصطناعي لضمان استفادة الجميع من هذه التكنولوجيا. أما في محور الكوكب، فستبحث القمة سبل بناء حلول ذكاء اصطناعي مستدامة، والحد من بصمة الكربون الناتجة عن مراكز البيانات، إلى جانب استغلال الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات البيئية مثل تغير المناخ والتنبؤ بالظواهر المناخية المتطرفة. وفي محور التقدم، ستناقش القمة كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يسهم في النمو الاقتصادي عبر تحسين الإنتاجية وزيادة الكفاءة، واستخدامه في تعزيز الرعاية الصحية والتعليم والزراعة، مع تأكيد دوره في تحقيق الرخاء الاجتماعي.

من جانبه، أكد سوريش ريدي، سفير الهند في مصر، أن استضافة قمة عالمية للذكاء الاصطناعي تمثل امتداداً طبيعياً لجهود بلاده خلال رئاستها لمجموعة العشرين، مشيراً إلى أن القمة تهدف إلى أن يكون الجنوب العالمي شريكاً فاعلاً في صياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي، وليس مجرد متلقٍّ له. ونبّه إلى أن الفجوة الرقمية تمثل اليوم أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات، إذ إن الذكاء الاصطناعي – رغم إمكاناته الهائلة – قد يسهم في توسيع هذه الفجوة بسبب تركّز التكنولوجيا والقدرات البحثية في أيدي عدد محدود من الشركات داخل بعض الدول المتقدمة. وقال ريدي: “ما يمكن أن يكون منصة لتسريع التنمية الاجتماعية والاقتصادية لا يتحقق بالكامل لأن الفوائد مركّزة في نطاق ضيّق للغاية”.

وأضاف أن الهند تسعى، من خلال هذه القمة، إلى توحيد صوت الجنوب العالمي في هذا الملف الحيوي، مؤكداً أن التجربة التي قادتها بلاده في قمة صوت الجنوب العالمي خلال رئاستها لمجموعة العشرين عام 2023 كانت نقطة انطلاق مهمة نحو نهج أكثر شمولاً وعدالة في التعامل مع التكنولوجيا. وأشار السفير إلى أن مصر ستشارك في جلسة مهمة خلال فعاليات القمة حول حوكمة الذكاء الاصطناعي، التي تهدف إلى وضع رؤية مشتركة تضمن إتاحة التكنولوجيا بأسعار ميسورة وبطريقة عادلة وشاملة، سواء للحكومات أو للشعوب، مؤكداً أن جوهر القمة يقوم على جعل الذكاء الاصطناعي عملية شاملة ومفيدة للدول النامية التي لا تمتلك الموارد الكافية.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here