بقلم: سحر جمال
افريقيا برس – مصر. تعد مصر من الدولة الزراعية عالية الخصوبة المعدودة في بين دول العالم ، ويعد الفلاحين أو المزارعين هم السمة الغالبة على أبناء الشعب المصري ، ومن واقع هذا الاساس والجذور المصرية الاصيلة المفيدة والتي لها ابلغ الاثر في صورة مصر وصحتها الغذائية الممتدة على مر العصورحيث تعتمد مصر بشكل أساسي في اقتصادها على الزراعة ويمثل القطاع الزراعي في مصر حوالى١٤.٧ من إجمالي الناتج القومي ويعمل في مجال الزراعة أكثر من ٨ مليون شخص أي ما يعادل حوالي ٣٢٪ من سوق العمل المصري. ومع ذلك فالاهتمام بهذا القطاع والعاملين به لطالما كان أقل بكثير مما يجب أن يكون عليه حتى تتوفر البيئة والمناخ المناسب للحفاظ عليه وتنميته.
وشهد الريف المصري أزمات عديدة علي مر العقود الماضية فواجه التجاهل والتهميش وعدم الاهتمام، من جانب الحكومات المتعاقبة اضافة للازمات العديدة التي واجهت الفلاحين منها زيادة نسبة الفقر والجهل والأمية وانتشار الأمراض.
وعلى الرغم من المشاكل الجسيمة التي يواجها الفلاح المصري في السنوات الأخيرة إلا أنه ما زال يحاول الصمود أمام تلك المشاكل والعقبات التي أصبحت تشكل عبء خطير عليه وإذا استمرت بهذا الشكل سوف تقضى على البقية المتبقية من الحياة الزراعية والثروة الحيوانية في مصر.
مشكلة نقص المياه
بالنظر إلى وضع الفلاح وما يعانيه نجد أن هناك عدة أمور يجب التوقف عندها والعمل سريعاً على إصلاحها حتى يستطيع الفلاح مواصلة دوره والاستمرار في الاستثمار وتنمية الإنتاج الزراعي والحيواني. حيث أن ندرة ونقص مياه الري في بعض محافظات مصر وعدم انتظامها في أوقات كثيرة تتسبب سنوياً في خسائر تكاد تصل لفقدان نصف الإنتاج الزراعي من محاصيل مختلفة بالإضافة إلى عدم توفر الإمكانيات لزراعة محاصيل أخرى تعتبر سلع استراتيجية مثل الأرز.
تلوث المياه
ارتفاع نسبة التلوث في مياه الري في الترع والمصارف تؤثر بشكل كبير على صحة الانسان وجودة المحاصيل بالإضافة إلى المشاكل التقنية الموجودة في بعض الترع وقنوات الري المغطاة والتي تمت بشكل عشوائي في وقت سابق لا تسهل عمليه الري عند انخفاض منسوب المياه.
الامراض التي تهدد الثروة الحيوانية
إذا تتبعنا الإنتاج الحيواني لصغار المزارعين وجدنا الكارثة الكبرى حيث انخفضت في الفترة الأخيرة بشكل ملحوظ أسعار معظم الثروة الحيوانية ورؤوس المواشي ومنتجاتها، وفى المقابل زادت بنسبة ملحوظة تكاد تصل ثلاثة أضعاف أسعار الأعلاف والأدوية المستخدمة في الإنتاج الحيواني بالإضافة إلى عدم النجاح في القضاء على بعض الأمراض المتوطنة التي تحصد مئات الرؤوس من الثروة الحيوانية سنوياً مثل الحمى القلاعية وتسببها في حدوث خسائر فاضحة لصغار المزارعين واضطرار البعض منهم لترك هذا المجال الذى أصبح يشكل أعباء اقتصادية صعبة عليهم بدلاً من أن يساهم في تحسين دخلهم.
مشكلة البذور
يواجه المزارع أزمة كبيرة في البذور وحبوب التقاوي التي يستخدمها في الزراعة فرغم ارتفاع أسعارها إلا أنها ليست جيدة بالشكل الكافي ولا تستطيع مواجهة الظروف البيئة الصعبة وبالتالي يقل إنتاج المحاصيل الناتجة عنها بالإضافة إلى قلة وارتفاع أسعار الأسمدة الزراعية والتي تسببت في صعوبة استخدام الكميات المناسبة لكل فدان من الأسمدة المطلوبة حتى يحصل الفلاح على الإنتاج الصحيح كل موسم زراعي.
يرى كثيرون تن ضرورة القضاء علي تلك المشاكل إذا أردنا تنمية الإنتاج الزراعي والحيواني ومضاعفة نسبته وهذا لن يحدث إلا إذا تعاونت كل الجهات المعنية وشكلت لجنة أزمة ممثلة في وزاره الزراعة، ووزارة الري والبيئة والصحة وإعادة هيكلة بنوك التنمية والائتمان الزراعي وتعديل سياساته ومساره، وعودته إلى الهدف الذى أنشأت من أجله وهو دعم الفلاح المصري في المقام الأول بالإضافة إلى تشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في المجال الزراعي وتطوير البحث العلمي الخاص بالقطاع وإعادة هيكلة الجمعيات الزراعية الموجودة في كل قرية لمساندة الفلاح ودعمه بكل الإمكانيات الفنية واللوجستية المتاحة ومساعدته في استخدام الأساليب الحديثة في الري وإدخال أنواع محاصيل جديدة غير المتعارف عليها والتي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من المياه مثل زراعة المحاصيل التقليدية.
مشروعات الدولة
وضعت الحكومة المصرية خطة استراتيجية لأقامة المشروعات القومية الكبرى لتحقيق طفرة تنموية هائلة لضمان الارتقاء بجودة حياة المواطنين المصريين، وترسيخ العدالة فى توفير الموارد، وكان من ضمن أولويات تلك الاستراتيجية تطوير القرى المصرية ، ليبدأ مشوار طويل لتغيير وجه الريف فى مصر، وتحويله إلى ريف نموذجى قائم على الإنتاج والاقتصاد، وتوج ذلك التوجه بإطلاق المشروع القومى لتطوير القرى المصرية، في إطار مبادرة “حياة كريمة” وهو المشروع الأهم الذي يمس حياة ومستقبل 58 مليون مواطن مصري، لتحقيق التنمية الشاملة لكافة القرى المصرية حيث تم البدء في عدد معين من القرى منذ عام 2019، وخاصة القرى الأكثرًا فقرًا، وتم الوصول إلى أكثر من 1000 تجمع ريفي، تُمثل التجمعات الأكثر فقرًا على مستوى الجمهورية بإجمالى 4584 قرية، وتوابعها، وذلك بتكلفة تقديرية 515 مليار جنيه مصري.
ويهدف المشروع إلى تقديم حزمة متكاملة من الخدمات الصحية والاجتماعية والمعيشية، وتنفيذ البنية الأساسية والمرافق فى الطرق والنقل، والصرف الصحى ومياه الشرب، والكهرباء والإنارة العامة، وتطوير الوحدات المحلية، والشباب والرياضة، والخدمات الصحية والتعليمية فى كافة المراكز الريفية، وذلك من خلال الاستهداف العاجل لتنمية كافة المراكز على مستوى الجمهورية، والتي يصل عددها إلى 175 مركزًا وتضم 4209 قرى، إلى جانب نحو30900 تابع وعزبة ونجع، على أن يستكمل تنفيذ هذا المشروع خلال ثلاث سنوات.
كثيرة هي الفوائد التي ستعود من مشروع تطوير الريف المصري حسب ما يقول القائمون عليه، فتحويله إلى وحدات إنتاجية واقتصادية سيكون له مردود كبير وإضافة قوية للاقتصاد المصري، ويدفع بمعدل النمو إلى الارتفاع، خاصة أن الريف يتمتع بالعمالة غير باهظة التكاليف، وسيكون قاطرة لها ثقلها الكبير في التنمية ودفع عجلة الاقتصاد، كما أن زيادة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في القرى سيؤدي إلى تقليل هجرة سكان الريف إلى المدن والحضر، مما يقلل الكثافة السكانية في المدن إلى المعدل الطبيعي، كما يحد بشكل كبير من ظهور العشوائيات في ظهر المدن، والتي كان يلجأ إليها سكان الريف العاملين بتلك المدن، ناهيك على أن تطوير الريف والقرى حسب الحكومة سيقضي على أي فرصة لتسييس الريف واستغلال ظروف الشباب وأحوالهم المعيشية.