بقلم: سحر جمال
افريقيا برس – مصر. كان سقوط نظام مبارك لحظة مفعمة بالأمل ومبشّرة بالنسبة إلى الكثير من الثوار. فقد شجّعت المطالبات بإجراء تغييرات تواجه طغيان واستبداد الدولة في مصر على اندلاع انتفاضة يناير 2011. في هذا الإطار، كانت المؤسّسات العسكرية والمدنية للدولة القديمة والشبكات وجماعات المصالح المرتبطة بها، بالإضافة إلى الرؤية السياسية والمصالح ونظام القيم الخاص بهذه القوى، هي العدو الرئيس. بيد أن هذا النظام لم يتلاشَ بعد إطاحة مبارك في فبراير 2011، وبشّرت إطاحة الرئيس، إلى حدّ ما، بالمزيد مما كان قائماً، أي عملية سياسية سلطوية.
كانت انتفاضة العام 2011 نتيجة تراكمية لعقد من الاحتجاجات ضد الدولة القديمة من جانب قطاعات مختلفة من السكان، بما في ذلك الحركات الشبابية والعمالية والتجمّعات السياسية غير الحزبية. كانت هذه الأطراف الفاعلة إما غير ممثّلة في الدولة أو لم تعد قادرة على تحمّل الظروف المعيشية المزرية ووطأة استبداد الدولة العاجزة والخاوية سياسياً. وقد انضم الكثيرون من أبناء الطبقة فوق المتوسطة، الذين أتيحت لهم، بفضل التعليم والعمل، فرصة الوصول إلى الأسواق الدولية، إلى الانتفاضة احتجاجاً على الفساد الحكومي وانعدام الشفافية والمساءلة لأن رأسمالية المحسوبية في مصر تشكّل تبديداً للموارد ولاتطوّر الاقتصاد أو تجعله قادراً على المنافسة.
كانت الاندفاعة الرئيسة لانتفاضة يناير تتعلّق بالحاجة إلى بعث الحياة السياسية المصرية وتجديدها بطريقة أعمق، أكثر منه بإنشاء نظام انتخابي مشروع. كان هدف الكثير من المصريين هو تفكيك الدولة القديمة التي استبعدت الغالبية العظمى من السكان من عملية اتّخاذ القرار في ظل حكم مبارك، على وجه الخصوص، تحوّلت الدولة “الحديثة” السلطوية بصورة غير رسمية ولكن فعّالة إلى مجموعة من الإقطاعيات المختلفة.
تطلّب تحقيق اهداف الثورة الحقيقية إعادة بناء مؤسّسات الدولة عن طريق إعادة هيكلة العلاقات بين الدولة والمجتمع، وإعادة تشكيل مفهوم سيادة القانون، وإرساء الديمقراطية في الحياة العامة والمجتمع المدني في مواجهة القيود الرسمية والسلطوية، وتوفير الحماية للحريات العامة والخاصة، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق المساواة، والتعدّدية الاجتماعية والسياسية، ودمج الأقلّيات والجماعات الهامشية في الدولة والحياة العامة.
لكن مصر عانت بعد سقوط نظام حسني مبارك من صدمة اقتصادية، فالمستثمرون الأجانب غادروا البلاد والاستثمارات انخفضت والعملة تدهورت والتضخم زاد ووجد المصريون صعوبات كبيرة حتى في دفع أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الأرز والبطاطا والخضروات وتم استخدام ربع ميزانية الدولة لتمويل مساعدات اجتماعية. كما اتسم الوضع بنزاعات سياسية واشتباكات طائفية وتعثرت عملية الانتقال الديمقراطي. واصبحت التقارير عن مصر تدور بالدرجة الأولى حول أعمال عنف والفوضى.
اتسمت الخريطة السياسية لمصر بعد الثورة بالكثير من السيولة والفوضى، فما حدث في يناير 2011 كان مفاجئا للجميع كما أن أحداث الثورة نفسها والوقت القصير نسبيا الذي استغرقته قبل الإطاحة بحسني مبارك، لم يسمحا ببروز قيادة تستطيع أن تزعم أنها الممثل الشرعي والوحيد للثورة. فنشأت بدلا من ذلك عشرات المجموعات التي تعمل على تنفيذ ما تراه مطالب الثورة الحقيقية، من وجهة نظرها.
ثورة يناير جاءت باهداف الحرية والعدالة الاجتماعية فلم يتردد المصريون في الموت لتحقيق اهدافهم الا ان الصراعات التي جاءت بعد الثورة والفترة التي عاشها المصريون من انقسامات واطماع من قبل الاحزاب المختلفة والصراع على السلطة اضافة للعراقيل الداخلية والخارجية والفترة الاصعب خلال حكم الاخوان المسلمين كانت فاصلا جديدا غير مسار الحياة السياسية في مصر.