ماذا وراء الوساطة المصرية في صفقة تبادل الأسرى؟

40
تحتجز كتائب القسام 4 إسرائيليين، بينهم جنديان أسرا خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عام 2014، وهما شاؤول آرون وهدار غولدن، أما الأسيران الآخران وهما أبراهام منغستو وهشام السيد، فقد دخلا غزة في ظروف غير واضحة.

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. في إطار اتصالات خاصة بين مصر وإسرائيل، وكواليس متعلقة بصفقة الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية حماس وحكومة تصريف الأعمال الإسرائيلية بقيادة يائير لبيد، تأتي الكثير من الضغوط من جانب الرأي العام الفلسطيني والإسرائيلي لضرورة إتمام تلك الصفقة، وخاصة من قبل أهالي الأسرى من الجانبين، لتأخذ الصفقة خلال الأيام الأخيرة منحى يمكن وصفه بالجاد، بعد فترة ركود طويلة في ظل إتصالات مكثفة جرت بين المسؤولين في مجلس الأمن الإسرائيلي، ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية، بشأن التوصل إلى إتفاق قبل انتخابات الكنيست الإسرائيلي الجديدة المقرر إجراؤها في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس” الكاتب الصحفي والمحلل السياسي عادل الدندراوي في الحوار الصحفي التالي:

عادل الدندراوي، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي

بعد فترة ركود طويلة، تجري إتصالات مكثفة بين المسؤولين في مجلس الأمن الإسرائيلي، ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية، بشأن التوصل إلى إتفاق حول تبادل الأسرى فما أهمية هذه الخطوة؟
لا شك أن تسارع الخطى التي تجري حاليا بين المسؤولين في مجلس الأمن الإسرائيلي ومسؤولي الملف الفلسطيني في جهاز المخابرات العامة المصرية بشأن الإتفاق من عدمه حول تبادل الأسرى، بين حركة حماس وإسرائيل لها أكثر من سبب، أولا إزدياد الضغط العام الداخلي الإسرائيلي من جانب أهالي الأسرى الإسرائيليين، أو الجنود الأربعة الإسرائيليين سواء الإثنين الذين على قيد الحياة، والإثنين الأخريين الذين لا يعرف عنهم إذا كانوا أمواتا أو أحياء، ولاحظنا إزدياد الضغط من خلال تنظيم المظاهرات من جانب أهالي الأسرى وهم يحاولون إعادة رفاة ذويهم من جانب حماس، على الجانب الآخر نرى أن حماس لديها أكثر من 700 أسير منهم أكثر من 500 محكوم عليهم بالإعدام، وهذه قضية قيد التحقيق، خاصة وأن هناك بعض القيادات مثل مروان البرغوثي وأحمد سعدة، وهي وضعت إستراتيجية خاصة من جانبها لإتمام تلك الصفقة على مرحلتين.

هل نجاح الصفقة يمكن أن ينعكس ايجابيا على موقع الأحزاب الحاكمة حاليا في الكيان الاسرائيلي خاصة أنها مقبلة على انتخابات مصيرية في نوفمبر المقبل؟
نعم، يمكن أن ينعكس إتمام صفقة تبادل الأسرى بين حماس و إسرائيل إيجابيا على موقع الأحزاب الحاكمة حاليا في الكيان الإسرائيلي، خاصة وأن هناك إنتخابات حاسمة في نوفمبر المقبل، و حاليا بعد أن تم حل الكنيست الإسرائيلي، هناك إتفاق على تبادل المواقع بين نيفاتلي بينت ويائير لبيد، وهذا يتم في إطار مرواغة للحيلولة دون عودة بينامين نيتانياهو للحكم مرة أخرى، وبالتأكيد أي مسؤول إسرائيلي يسعى إلى إتمام صفقة تبادل الأسرى، لإعادة رفاة جندي إسرائيلي بإعتبار أن هذه إستراتيجية عليا لاحترام أبنائهم أمام الرأي العام الإسرائيلي، وبالتالي بث روح الطمأنينة داخل الرأي العام، وهو ما يحرص عليه القادة الإسرائيليون، لكنهم يرون أن شروط حماس شروط تعسفية مقابل إتمام الصفقة، حيث أن العدد المطلوب الإفراج عنهم من جانب حماس 700 أسير فلسطيني من مختلف الأعمار، وإسرائيل تطرح الإفراج عن 300 أسير فلسطيني، بينما الجانب المصري يرى حل وسط وهو الإفراج عن 500 أسير فلسطيني، وهو ما سيتم خلال الفترة المقبلة البت فيه والإتفاق عليه، خاصة وأن هناك حرص رغم الصعوبة على إتمام الصفقة لتهدئة الرأي العام الإسرائيلي، وأيضا من جانب حماس لتحقيق إنجاز أمام الرأي العام الفلسطيني.

هل تعمدت حركة حماس الإعلان عن تردي الحالة الصحية للأسير الإسرائيلي هشام السيّد، لاحراج رئيس الوزراء الإسرائيلي يئير لبيد، أم أنها ترى أن الوقت حاليا مناسب لتمرير صفقة تبادل الأسرى لحاجة الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي لهذه الصفقة؟
إسرائيل لديها إستراتيجية واضحة وهي تلعب لعبة المفاوضات بأعلى درجات الذكاء، وهي لها خطة مفاوضات محددة، وتعرف تماما كيفية المراوغة، لذلك هي عرضت خطة من مرحلتين؛ الأولى الإفراج عن الأسير هشام السيد وهو إسرائيلي، و نير أبيجسيتو وهو من أصل إثيبوبي، ثم المرحلة الثانية من المفاوضات وهي الإعلان عن مصير الجنديين الإسرائيليين رون شائول و هادرا جولدن، حيث لا يعرف حتى الآن إذا كانا على قيد الحياة أم لا، وهي إستراتيجية تقابل المراوغة الإسرائيلية، لأنها إستراتيجية ذكية من جانب حماس، لأجبار إسرائيل على الافراج عن أكبر قدر من الأسرى الفلسطينيين، وهي بذلك تلقي الكرة في ملعب إسرائيل، خاصة وأنها تشترط الإفراج عن قيادات فلسطينية محكوم عليها بالإعدام، وإسرائيل ترى أن ذلك شرط صعب، ولكن سنرى دور الضغط للرأي العام الإسرائيلي في تحقيق نتيجة فاصلة من الصفقة.

يرى محللون أن الكشف عن مجزرة نفذتها قوات الإحتلال بحق عدد من الأسرى المصريين خلال حرب 1967، هدفه إفشال صفقة الأسرى وبالتالي منع يئير لبيد من توظيف موقعه الحالي في رئاسة الحكومة لكسب مزيد من الأصوات الإنتخابية والظهور كبطل شعبي؟
الكشف عن المقبرة الجماعية بحق قرابة 80 جندي وضابط مصري تم حرقهم أحياء خلال حرب 1967 هي بداية جريمة تحكمها المعاهدات الدولية والخاصة بالتعامل مع الأسرى في الحروب، ولابد من إجراء تحقيق دولي لكشف أبعاد تلك الجريمة التي تستنكرها كل المواثيق الدولية، ولكن مسألة أنها تدخل ضمن محاولة إفشال صفقة الأسرى، هذه القضية كانت ربما ترواح مكانها منذ أواخر التسعينات وعطلتها إسرائيل فترة، وأيضا هناك عدم تقبل الرأي العام المصري لهذه المسألة، ولكن حرية تداول المعلومات كانت ضاغطة على إسرائيل لكشف هذه المعلومات، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد وعد بتحقيق لكشف أبعاد هذه المجزرة، وبالتالي تقديم تقرير حول هذه المجزرة، وتحديد المسؤولين عنها آنذاك، وبالتالي المحاسبة مع ظهور ضاغط من جانب الرأي العام المصري لمعرفة أبعاد هذه القضية، ومن جانبها الخارجية المصرية طالبت بالكشف عن مصداقية هذه الرواية من عدمها، في إطار طمث معالم تلك القضية منذ عام حرب 1967، وهي أمور تحدث في الحروب، ولكن هناك معاهدات لاحترام الأسرى ومعاملتهم، وإسرائيل لم تحترم تلك المعاهدات، وبالتالي عليها أن تقدم نتائج واضحة، وعلى مصر أن تطالب بكل ما لها من حقوق بحق هؤلاء الجنود، وتقديم المسؤولين من القيادات الإسرائيلية من منهم على قيد الحياة للمحاكمة، أو تقديم تعويضات خاصة بهؤلاء الجنود المصريين.

بعد الكشف عن هذه المجزرة هل ستعلق مصر المفاوضات الجارية بشأن صفقة الأسرى لحين الحصول على إجابات واضحة بشأن المجزرة؟
لا أعتقد أن السياسة المصرية سيكون قرارها هو تعليق المفاوضات الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى، لحين الحصول على إجابات واضحة بشأن المجزرة بحق الجنود المصريين، ولكن ربما تكون هناك مطالبات واضحة للكشف عن أبعاد تلك القضية وخاصة أن الرأي العام المصري يتابع هذه الجريمة النكراء بحق الأسرى، خاصة وأن مصر كانت دائما تعامل الأسرى الإسرائيليين بما تنص عليه المواثيق والمعاهدات الدولية، فلا أعتقد أن مصر ستعلق المفاوضات الجارية بشأن صفقة تبادل الأسرى لحين الحصول على إجابات واضحة بشأن المجزرة بحق الجنود المصريين.

يرى متابعون أن مصر تهتم بتحقيق إنجاز في ملف صفقة الأسرى، لكسب مزيد من المساحات لدى الإدارة الأميركية، هل تتفق مع ذلك؟
مصر تلعب دائما دورا محوريا كوسيط في مفاوضات تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، وهي بالتالي تقع موقع القريب من الإدارة الأمريكية، و الإدارة الأمريكية دائماً تطلب من مصر أن تكون وسيطا في هذا الموضوع، وبالتالي هو إنجاز في حالة إتمامه، ومصر تسعى لإتمام هذه الصفقة بين حماس وإسرائيل، وإن كنت أرى أنها ستكون صعبة للغاية، ولكنها ستتم في النهاية لحرص الطرفين حماس وإسرائيل على تهدئة الرأي العام لكليهما.

كذلك هناك من يرى أن مصر تفضل الاستثمار في يئير لبيد بحال أصبح رئيساً للحكومة المقبلة أفضل من التعامل مع رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو، وبالتالي يهمها إنجاح صفقة الأسرى؟
ربما هذا يكون صحيحا أن مصر تفضل التعامل مع يائير لبيد عن التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بينامين نيتانياهو، وهي تسعى في ذلك لدعمه في الإنتخابات المقبلة، ليكون رئيسا للحكومة الإسرائيلية، وفي ذلك يكون التعامل ربما أفضل في تفاصيله من التعامل مع رئيس الوزراء السابق بينامين نيتانياهو، الذي لا يلقى ترحيبا سواء داخل الرأي العام المصري و ربما داخل الرأي العام الإسرائيلي أيضا، و هو معروف بتعنته وعداوته الشديدة، ويتفق أغلب القادة الأسرائيليون على ذلك، لكن هناك نوع من التعاملات المختلفة، خاصة مع رؤساء الحكومات الجدد.

 

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here