
سحر جمال
أفريقيا برس – مصر. تعتبر العلاقات المصرية الصينية من أقوى العلاقات الدولية على كافة الأصعدة السياسية والإقتصادية، فمنذ عقود طويلة وقعت الدولتان الكثير من الإتفاقيات في مختلف المجالات والقطاعات الهامة، وخلال حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الـ24 بالصين، تم عقد مباحثات قمة لبحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية التي تشهد طفرة نوعية خلال الأعوام الأخيرة على كافة المستويات، بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين والشعبين، بالإضافة إلى مواصلة المشاورات والتنسيق المتبادل حول عدد من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ويرى كثيرون أن تلك المباحثات ستعزز التعاون بين البلدين خلال الفترة المقبلة بكافة المجالات الاقتصادية الهامة وخاصة في القطاعين التجاري والصناعي، وللمزيد من التفاصيل يتحدث إلى “أفريقيا برس”، الكاتب الصحفي والمحلل الإقتصادي الدكتور عبد النبي عبد المطلب في الحوار الصحفي التالي:

مع زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الصين لحضور افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية الـ24 تجري بعض المباحثات بين الجانبين المصري والصيني، لتوطيد العلاقات بين البلدين، فكيف تقيم تلك الزيارة؟
تعد الصين من أهم الشركاء لمصر سواء على المستوى التجاري أو على المستوى الإقتصادي أو على المستوى الإستثماري و حتى على المستوى السياسي لمصر، وحجم التجارة بين مصر والصين يبلغ حوالي 15 مليار دولار، صحيح الجزء الأكبر من حجم التجارة هو عبارة عن واردات من الصين لكن هذا لا يمنع أن هناك جزء من تلك الواردات عبارة عن مدخلات إنتاج يتم الإستعانة بها في المنتجات المصرية.
كانت العلاقات الإقتصادية والتجارية أساس وبداية التعاون بين مصر والصين، إذ شهدت الأعوام السابقة إقامة العلاقات الدبلوماسية الرسمية بينهما إضافة لقيام البلدين بإتخاذ العديد من خطوات التعاون الإقتصادي والتجاري، بالإضافة إلى وجود 63 إتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية بين مصر والصين فكيف ترى ذلك؟
العلاقات التجارية والإقتصادية بين مصر والصين هي علاقات تاريخية وعلاقات متميزة، و حجم التجارة يصل إلى 15 مليار دولار منها مليار دولار صادرات مصرية، خلال عام 2021، ولكن من المرجح أن ترتفع هذه الصادرات إلى ما يقرب من 1.8 مليار دولار خلال عام 2022، هناك العديد من الإتفاقيات و الحوافز التي تقدم من الجانبين لتنمية التبادل التجاري، وحجم الإستثمارات الصينية في مصر يبلغ حوالي 7 مليار دولار، ولولا جائحة كورونا لكانت الأمور أصبحت مختلفة، ولكانت قيمة الإستثمارات الصينية في مصر تضاعفت، وحجم التجارة بين مصر والصين كان ممكن أن يصل إلى أرقام كبيرة جدا، ومن الواضح أن هناك أعمال كثيرة جدا وتعاون ما بين مصر والصين في مجال التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي، وإقامة المنطقة الصناعية الصينية، يعني هناك كم كبير جدا من التعاون، وأنا في إعتقادي أن زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الصين هذه الأيام قد تدفع بشكل كبير جدا إلى تنمية العلاقات المصرية الصينية، خاصة وأن الصين لديها الكثير من الطموحات في أن تحقق إنجازات في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا بالكامل، ويمكن القول أن المناخ الإستثماري المصري هو مناخ مشجع وجاذب ومحفز على قدوم إستثمارات من كافة دول العالم، وأعتقد أن الإستثمارات الصينية قد تكون في مقدمة هذه الإستثمارات التي تسعى الحكومة المصرية لجذبها.
يرى البعض أن مبادرة الحزام والطريق التي شملت مجالات: الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتنمية البشرية والتدريب والذكاء الاصطناعي، والصناعة طفرة كبرى في التعاون بين مصر والصين، فهل تتفق مع ذلك؟
عن مبادرة الحزام وطريق الحرير، أعتقد أنها أحد أهم الملامح المميزة للفترة الحالية وربما العقد القادم، الصين تسعى بجهد كبير جدا من أجل أن يكون لها أسواق ثابتة ومستقرة، سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في أفريقيا، ومعلوم أن مصر مدخل أساسي لأفريقيا، والصين تحاول بقدر كبير جدا أن توسع التعاون على المستوى الإقتصادي والتجاري وحتى السياسي مع مصر، وأعتقد أن دخول مجالات مثل مجالات التكنولوجيا والإتصالات والتنمية البشرية والتدريب وغيرها من مجالات التعاون على المستوى الإقتصادي والسياسي سوف تكون مهمة جدا للبلدين، و مصر تحتاج إلى هذه الإستثمارات وتحتاج إلى التكنولوجيا الصينية، والصين تحتاج إلى وسيط جيد تستطيع من خلاله ضخ المنتجات الصينية إلى السوق الأفريقية، وأعتقد أنه لن تجد أفضل من مصر سواء من حيث الموقع أو من حيث العلاقات أو من حيث حجم السوق، فكل هذه الأمور تساهم في وضع مصر على الخريطة التنافسية، ليس في التعاون مع الصين فقط ولكن كمحط أنظار لدول العالم.
من حين لآخر نشهد معارض تجارية صينية ضخمة في مصر والعكس صحيح، فكيف يكون لذلك دور في نمو العلاقات التجارية بين مصر والصين؟
بالتأكيد سياسة المعارض وإقامة المعارض في البلدين هو جزء مهم جدا لتعريف المستثمر وتعريف المستهلك بالفرص والمنتجات التي يقدمها الطرفان، وتكون فرصة لعرض التقنيات والتكنولوجيا التي توصل إليها الإنتاج في البلدين، وإقامة المعارض سواء في الصين أو في مصر هي جزء مهم جدا للإقتصاد ومهم جدا للمستهلك، لأن هذه المعارض تشمل السلع والألات والمعدات وتقدم الكثير من الخبرات من خلال بعض الندوات والنقاشات التي تتم على هامش هذه المعارض، وإقامة المعارض التجارية هو جزء مهم جدا من سلسة تنشيط وتنمية العلاقات الإقتصادية بين مصر والصين.
بلغ حجم الاستثمارات الصينية في مصر نحو 7 مليارات دولار، كما زاد حجم الإستثمارات الصينية المباشرة في مصر بمقدار 74.9 مليون دولار، بزيادة قدرها 66%، فكيف حدث ذلك وما عوامل نجاح الإستثمارات الصينية في مصر؟
حجم الإستثمارات الصينية في مصر هو أقل من المأمول، ولولا جائحة كورونا ربما كان هناك قيمة أكبر بكثير جدا من الرقم المعلن للإستثمارات الصينية في مصر، وكما معروف أن الصين منذ فترة بدأت الإعلان عن مبادرة الحزام والطريق، وأرى أن مصر ستكون أهم ركائز هذا المشروع، والنقطة الأساسية لإنطلاق هذا المشروع إلى أفريقيا، أيضا هناك مجالات كثيرة جدا للتعاون ومذكرات تفاهم وإتفاقات تبلغ ما يزيد عن 60 إتفاقية في كافة المجالات، وأعتقد أن هذه الاتفاقيات سوف تساهم بشكل كبير جدا في جذب رأس المال الصيني للمساهمة في التنمية داخل مصر، أو حتى في تحقيق أرباح للشركات الصينية، طبعا هناك الحديث عن التعاون المصري الصيني في مجال تصنيع الرخام والجرانيت وغيره، أيضا هناك حديث عن إقامة منطقة صناعية صينية كاملة متكاملة في مصر، وهذا سوف يمثل نقلة في العلاقات سواء على المستوى الإقتصادي أو على مستوى الإستثمار المتبادل بين مصر والصين، وربما العام الجاري 2022 قد يشهد مضاعفة لحجم الإستثمار الصيني في مصر، خاصة إذا تم تجاوز وباء كورونا أو إعتباره أنه كأحد الأمراض العادية، أيضا أعتقد أن عام 2023 سوف يشهد بالفعل طفرة كبيرة في مجال العلاقات المصرية الصينية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس