أفريقيا برس – مصر. تنمو الاستثمارات المصرية في العراق خلال العام الجاري على نحو متصاعد، ولاسيما في قطاعات الإعمار والطاقة والدواء، وسط مستهدفات لطفرة غير مسبوقة.
وبحسب الأرقام المصرية، تتقدم القاهرة خطوات للأمام في الحصول على حصة كبيرة من حصة مخصصات مالية بالعراق حددت بنحو 100 مليار دولار على مدى 3 أعوام لمشاريع بنى تحتية، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني.
وجاءت تصريحات السوداني، خلال حضوره المنتدى الاقتصادي العراقي، في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، بهدف إعادة إعمار البلاد بعد تدمير واسع جراء سنوات من الحرب ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
خطة طموحة
عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والتشريع وأستاذ الاقتصاد الدولي الدكتور علي الإدريسي، قال: “العلاقات بين مصر والعراق تاريخية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي ورأينا ملايين من المصريين شاركوا في تنمية العراق والكثير من مدنها (لاسيما في فترة الثمانينات)”.
وأوضح الإدريسي، أن “العراق بدأ بخطة طموحة لإعادة الإعمار بتكلفة تتجاوز 100 مليار دولار، وهناك العديد من الشركات المصرية تبدي رغبتها في الإسهام في الإعمار خاصة على مستوى البنية التحتية والطرق والمواصلات وغيرها”.
وقال إن “ملف الطاقة والكهرباء واحد من الملفات المهمة جدا الذي جعل أكثر من 20 شركة مصرية تبدي استعدادها في هذا الأمر”.
وأشار إلى أن “قطاعات الأدوية أيضا محل اهتمام الشركات المصرية خاصة، حيث يستورد العراق أكثر من 90 بالمئة من احتياجاته الدوائية من الخارج، ولديه رغبة حقيقية في التعاون مع مصر بهذا الملف وكذلك بالخدمات الصحية”.
ولفت الإدريسي، إلى أن إجمالي الاستثمارات المصرية بالعراق بحسب تقديرات 2023 بلغت نحو 211 مليون دولار.
وتوقع زيادة حجم الاستثمارات المشتركة بين البلدين خلال الفترة المقبلة.
آمال بتوسيع التعاون
قال سفير العراق لدى القاهرة قحطان طه خلف، إن “المحبة تجمع الشعبين العراقي والمصري وهناك تطابق وتفاهم على مستوى القيادات والحكومات في كثير من المجالات”.
وتابع السفير خلف: “من هذا المنطلق نرى مستثمرين وشركات مصرية كبيرة وعملاقة ورائدة في قطاع إعادة الإعمار وبناء المدن والبنى التحتية، اندمجوا في مشاريع عراقية كبيرة في بغداد وسائر المدن بالعراق”.
وأكد أن هناك “حرصا عراقيا على أن تذهب المشاريع المصرية إلى أبعد من القطاع العقاري والبنية التحتية فقط”.
وأضاف خلف: “هناك حرص من القيادة العراقية ومناقشات مستمرة في هذا الجانب مع مصر لدفع التعاون والتكامل في كافة القطاعات، وأتوقع وأتفاءل أن المستقبل سيكون أقوى بكثير مما هو عليه الآن في مجالات عديدة”.
مشاريع مليارية
وعن حجم الاستثمارات المصرية بالعراق، أوضح السفير خلف، أن “الاستثمارات بحدود 600 مليار دينار عراقي لعام 2025، ما يعادل 450 مليون دولار. وفي المستقبل القريب هناك طفرات كبيرة بحجم الاستثمارات وأتوقع تجاوزها عدة مليارات من الدولارات”.
ولفت إلى وجود مشاريع مليارية مصرية بالعراق، قائلا: “هناك مدن بمستوى مدينة الورد، لإنشاء 130 ألف وحدة سكنية، وهناك مدن أخرى في المراحل النهائية للتفاوض، إضافة لكثير من المشاريع بالقطاع الصحي والمستشفيات وقطاع الطاقة”.
وتابع: “تلعب مصر بالفعل دورا كبيرا في إعمار العراق، وهناك شركات كثيرة مصرية موجودة بمشاريع الطرق والجسور والبنى التحتية وبنى المدن وقطاع الكهرباء والسكك الحديدية، وهناك جهود ناجحة وتنفيذ متميز من ناحية الجودة والوقت”.
وفي 5 مايو/ أيار الجاري، أطلق وزير الإعمار والإسكان العراقي بنكين ريكاني، الأعمال التنفيذية لمشروع “مدينة الورد” بالعاصمة بغداد، لافتا إلى أن “العراق لم يشهد منذ أكثر من 45 عامًا، تنفيذ مشاريع كبيرة”، بحسب وكالة الأنباء العراقية.
ويقدر إجمالي استثمارات المشروع الذي تنفذه شركة مصرية كبيرة بنحو 7 مليارات دولار، ويضم بناء 200 ألف وحدة سكنية على مدار 8 أعوام.
مشاريع عملاقة
وأواخر أبريل/ نيسان الماضي، أعلنت إحدى أكبر الشركات المصرية للإنشاءات والتطوير العقاري، أنها في مفاوضات “متقدمة” مع الحكومة العراقية، لإنشاء مجتمع عمراني جديد في العراق بمبيعات متوقعة تبلغ 17 مليار دولار.
وأوضحت أنها ستحصل على الأرض فور الانتهاء من المفاوضات بحلول نهاية عام 2025.
وحينها، أكد نائب رئيس الهيئة الوطنية للاستثمار العراق سالار محمد أمين، في تصريحات صحفية، أن بلاده تخوض مفاوضات متقدمة مع شركة مصرية لإنشاء مدينة إدارية في جنوب بغداد على مساحة 35 مليون متر مربع، بتكلفة تتجاوز 10 مليارات دولار.
وكشف أمين، أن هناك شركة مصرية أخرى للإنشاءات تعتزم ضخ استثمارات بقيمة مليار دولار لإنشاء محطتين كهربائيتين واحدة للطاقة شمسية والأخرى للرياح.
وقال إن حجم الاستثمارات المصرية في العراق بهذا القطاع تصل نحو 3 مليارات دولار حاليًا، وتوقع ارتفاعها إلى 10 مليارات دولار خلال 5 سنوات.
تعاون رسمي
وفي 30 يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلن رئيس الوزراء العراقي خلال مؤتمر صحفي مشترك في بغداد مع نظيره المصري مصطفى مدبولي، عن وجود “عدد كبير من الشركات المصرية المساهمة في تنفيذ الكثير من مشاريع البنى التحتية والنقل البري وتكنولوجيا الاتصالات وتخزين الحبوب وإدارة الصوامع”.
ولفت السوداني، يومها، إلى أن “قيمة التعاقدات المالية مع الشركات المصرية العاملة في تنفيذ المشاريع بالعراق وصلت إلى أكثر من 600 مليار دينار (نحو 458 مليون دولار)”.
وشهدت الزيارة توقيع 12 مذكرة تفاهم في مجالات مختلفة.
وجاءت زيارة مدبولي، بعد زيارة نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل المصري كامل الوزير، إلى بغداد في سبتمبر/أيلول 2024، برفقة وفد ضم رؤساء 13 شركة مصرية متخصصة في البنية التحتية والطرقات والسكك الحديدية والموانئ والإسكان.
وبحثت زيارة كامل الوزير، “المشاركة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية والطرق والجسور والمدن السكنية ومحطات تحلية المياه ومحطات الكهرباء وغيرها”، حسب بيان لوزارة النقل المصرية.
الأرقام تتحدث
وكشفت تقارير صحيفة عراقية حديثة، أن وزارة الصحة تجري مباحثات مع شركات مقاولات مصرية، للمشاركة في تنفيذ وإعادة تأهيل 12 مستشفى في البلاد، بإجمالي استثمارات 480 مليون دولار، إضافة لمساعي مصرية لاقتناص مشروعات سكك حديد في العراق.
وشهد حجم التجارة بين مصر والعراق ارتفاعا بنسبة 36.9 بالمئة خلال أول 10 أشهر من عام 2024، لتسجل نحو 944 مليون دولار، مقابل 689 مليون و724 ألف دولار خلال نفس الفترة من عام 2023.
وفي يناير الماضي، أفاد تقرير صادر من وزارة التخطيط المصرية بأن الاستثمارات العراقية في مصر، بلغت نحو 542 مليون دولار حتى أبريل 2023، في 3 آلاف و653 شركة استثمارية عاملة برأس مال مُصدّر بلغ نحو 750 مليون دولار.
فيما بلغت الاستثمارات المصرية في العراق نحو 211 مليون دولار، طبقا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة حتى نهاية أبريل 2023.
وسجل التبادل التجاري بين البلدين خلال 2023 نحو 703 ملايين دولار بنمو 32 بالمئة، بحسب التقرير ذاته الذي أفاد أنه في الوقت الحالي تتواجد العديد من الشركات المصرية العاملة في عدد من القطاعات والمجالات والأنشطة الاقتصادية بالسوق العراقية.
وتحمل تلك الأرقام الأولية والمشروعات المستهدفة توقعات بأن السوق العراقية ستحجز حصة كبيرة للشركات المصرية في مجالات تعاون عديدة لاسيما إعادة الإعمار، ما يجعل التقديرات تذهب لمشاريع مليارية تواصل تتويج علاقات البلدين بالفترة المقبلة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس