عبيد: مصر تدعم الوساطة العمانية بين إيران والولايات المتحدة

1
عبيد: مصر تدعم الوساطة العمانية بين إيران والولايات المتحدة
عبيد: مصر تدعم الوساطة العمانية بين إيران والولايات المتحدة

سحر جمال

أفريقيا برس – مصر. أكد الكاتب الصحفي يسري عبيد في حواره مع “أفريقيا بريس” أن مصر تلعب دوراً غير مباشر في المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، مع التركيز على تهدئة التوتر الإقليمي ومنع أي تصعيد عسكري قد يؤدي لحرب واسعة النطاق. وأضاف أن القاهرة تتفق مع الجهود العمانية في تقريب وجهات النظر، مشيراً إلى أن التنسيق المصري-العماني يعتمد على آلية دبلوماسية هادئة.

وشدد عبيد على أن مصر ترى في التهديدات الأمريكية والإيرانية الأخيرة مجرد أوراق ضغط تفاوضية، معتبراً أن استمرار الحوار رغم هذه التصريحات يدل على رغبة الطرفين في التوصل لاتفاق. وأوضح أن أي صيغة جديدة للاتفاق النووي ستختلف حتماً عن اتفاق 2015، حيث ستشمل بنوداً أكثر صرامة حول البرنامج النووي والصاروخي الإيراني.

وفيما يتعلق بملف غزة، أشار المحلل السياسي إلى أن مصر تدرك أن تأثير أي اتفاق نووي على القضية الفلسطينية سيكون محدوداً وغير مباشر، مؤكداً أن القاهرة تحرص على ألا يكون الملف الفلسطيني مجرد ورقة مساومة في المفاوضات. واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن استقرار المنطقة يتطلب حلاً شاملاً يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف الإقليمية.

ما الدور المحدد الذي تلعبه مصر حاليًا في المفاوضات غير المباشرة بين واشنطن وطهران؟ وهل هناك تنسيق ثلاثي مع سلطنة عُمان؟

لا يوجد دور مباشر لمصر في المفاوضات بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران حول البرنامج النووي الإيراني. ولكن ربما تساعد القاهرة بدور غير مباشر عن طريق تقريب وجهات النظر بين الجانبين لتهدئة التوتر، ومنع انزلاق المنطقة إلى حافة حرب قد تتوسع وتُهدد استقرار الإقليم، وذلك بسبب احتمال مواجهة عسكرية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية.

وبالتالي، فإن الدور المصري ربما يستفيد من علاقات القاهرة مع كلا الجانبين، وقد تحاول نقل رسائل أو تقريب وجهات النظر عن طريق الوسيط العُماني الذي يستضيف المفاوضات بين الطرفين.

إلى أي مدى ترى القاهرة أن المفاوضات قادرة على تحقيق اختراق حقيقي في ملف البرنامج النووي الإيراني؟

ترى القيادات المصرية أن المفاوضات قد تحمل مؤشرات إيجابية، مع وجود نوايا لدى الطرفين لتقديم تنازلات تفضي إلى اتفاق ينهي الأزمة المستمرة بين طهران وواشنطن. وتعتقد الدوائر المصرية أن مفاوضات عُمان قد تبعث رسالة إيجابية باحتمال التوصل إلى تقدم ملموس، خاصة مع استمرار المباحثات.

ويُتوقع أن تشهد جولات المفاوضات تجاوباً أكبر حول الملفات الشائكة، مثل البرنامج النووي الإيراني والقدرات الصاروخية، حيث تظهر مؤشرات على تقدم المحادثات نحو اتفاق قد يمنع التصعيد العسكري. وتؤكد القاهرة أن استمرار الحوار بآليات غير مباشرة، مع وساطة عُمانية، يعزز فرص تحقيق اختراق دبلوماسي، رغم تعقيدات الملفات المطروحة.

كيف تقيّم مصر تأثير التصعيد الأمريكي الأخير، بما في ذلك تهديدات الرئيس ترامب، على أجواء التفاوض؟ وهل يهدد ذلك فرص التهدئة؟

ترى القاهرة أن التصريحات الأمريكية، بما فيها تهديدات الرئيس ترامب، تمثل في جوهرها أوراق ضغط تستهدف إيران، ضمن إطار المناورات التفاوضية المعتادة. ويبدو أن الموقف الإيراني الحالي يعاني من ضعف نسبي، نظراً لما تمتلكه الولايات المتحدة وإسرائيل من أدوات عسكرية قادرة على تهديد المنشآت النووية الإيرانية والنظام نفسه، خاصة بعد تراجع نفوذ إيران الإقليمي.

من المنظور المصري، تحاول طهران من جهتها رسم خطوط حمراء خلال المفاوضات، سعياً لانتزاع تنازلات أمريكية. إلا أن هذا التصعيد المتبادل لا يُعتبر بالضرورة مؤشراً على انهيار فرص التهدئة، بل قد يكون جزءاً من ديناميكيات التفاوض المعقدة.

هل ترى مصر أن نجاح هذه المفاوضات سينعكس بشكل مباشر على تهدئة الأوضاع في غزة؟

ترى مصر أن نجاح المفاوضات النووية الحالية بين الولايات المتحدة وإيران قد يكون له انعكاسات إيجابية على الوضع في غزة، وإن كانت غير مباشرة. فكما حدث في اتفاق 2015، فإن أي توافق حول الحد من البرنامج النووي الإيراني قد يساهم في تخفيف التوتر الإقليمي العام.

في حال توصل الطرفان إلى اتفاق يقبل بموجبه إيران بتخفيض نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أقل من 60%، أو نقل مخزونها المخصب إلى دولة ثالثة مثل روسيا، مقابل رفع العقوبات الغربية، فإن ذلك قد يخلق أجواءً أكثر إيجابية في المنطقة. مثل هذا السيناريو قد يفتح الباب أمام حوارات أوسع تشمل الملف الفلسطيني.

غير أن الخبراء المصريين يدركون أن تأثير أي اتفاق نووي على غزة لن يكون فورياً أو مباشراً. فبينما قد يؤدي الاتفاق إلى تقليل الدعم الإيراني لبعض الفصائل، تبقى القضية الفلسطينية ذات أبعاد معقدة تتجاوز الجانب النووي. كما أن إيران قد تستمر في استخدام الملف الفلسطيني كورقة ضغط في التفاوض.

من ناحية أخرى، فإن نجاح المفاوضات قد يخفف من حدة التوتر الإقليمي العام، مما قد يسهل جهود الوساطة المصرية في غزة. لكن تبقى التهدئة الدائمة رهناً بمعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وهو ما يتطلب أكثر من مجرد اتفاق نووي بين واشنطن وطهران.

ما موقف مصر من التهديدات الإيرانية بإخراج مفتشي الطاقة الذرية ونقل اليورانيوم المخصب؟ وهل تعتقد أن هذه أوراق ضغط أم مواقف فعلية؟

ترى مصر أن التهديدات الإيرانية بإخراج مفتشي الطاقة الذرية ونقل اليورانيوم المخصب تمثل في الغالب أوراق ضغط ضمن سياق التفاوض مع الغرب، وليست مواقف فعلية تنذر بتصعيد حقيقي في المدى القريب. وتستند هذه الرؤية إلى عدة عوامل:

أولاً، تؤمن القاهرة بأن التوصل لاتفاق نووي جديد على غرار اتفاق 2015 سيساهم في تهدئة الأوضاع ليس فقط بين واشنطن وطهران، بل أيضاً على مستوى العلاقات الإيرانية-الخليجية. وهذا ما تفسر به الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع السعودي لإيران، والتي تعكس محاولة طهران تحسين علاقاتها الإقليمية تمهيداً لأي تسوية محتملة.

ثانياً، تدرك مصر أن هذه التهديدات الإيرانية تأتي في سياق المفاوضات الدائرة، حيث تسعى طهران لتعظيم أوراق ضغطها لانتزاع تنازلات أمريكية وأوروبية، خاصة فيما يتعلق برفع العقوبات. وفي الوقت نفسه، تعتقد القاهرة أن طهران لن تذهب بعيداً في تنفيذ هذه التهديدات لأن ذلك سيعرضها لعقوبات إضافية ويقوض فرص التوصل لاتفاق.

ثالثاً، ترى الدبلوماسية المصرية أن أي اتفاق نووي ناجح سينعكس إيجاباً على استقرار منطقة الخليج، وسيفتح الباب لتحسين العلاقات بين إيران وجيرانها العرب، مما يعزز الأمن الإقليمي الشامل. لكنها في الوقت نفسه تدرك أن تحقيق هذا الهدف يتطلب مرونة من جميع الأطراف.

ما مدى واقعية التوصل إلى اتفاق يوازن بين الشواغل الإسرائيلية والأمريكية من جهة، والحقوق الإيرانية من جهة أخرى؟

ترى القاهرة أن التوصل إلى اتفاق متوازن بين الشواغل الأمنية الإسرائيلية والأمريكية من ناحية، والحقوق الإيرانية من ناحية أخرى، يظل أمراً ممكناً لكنه يتطلب مرونة كبيرة من جميع الأطراف. وتعتبر الدبلوماسية المصرية أن التهديدات الأمريكية الأخيرة تمثل في جوهرها أداة ضغط لدفع طهران نحو تقديم تنازلات خلال المفاوضات، وليست بالضرورة مؤشراً على نية التصعيد العسكري الفعلي.

من المنظور المصري، فإن استمرار الجانبين في التفاوض رغم هذه التصريحات يشير إلى وجود رغبة حقيقية لدى واشنطن وطهران للتوصل إلى حل وسط. وتفسر القاهرة هذه التهديدات كجزء من ديناميكيات التفاوض المعتادة، حيث يسعى كل طرف لتعظيم موقعه التفاوضي قبل التوصل لأي تسوية.

غير أن تحقيق هذا التوازن يتطلب تقديم تنازلات متبادلة، حيث ستحتاج إيران للحد من برنامجها النووي والصاروخي، بينما سيتعين على الغرب رفع بعض العقوبات الاقتصادية. كما ترى القاهرة أن أي اتفاق ناجح يجب أن يأخذ في الاعتبار المخاوف الأمنية لدول المنطقة، بما في ذلك الملف الفلسطيني، لضمان استقرار إقليمي دائم.

هل تعتقد مصر أن هناك فرصًا حقيقية لعودة الاتفاق النووي بصيغته القديمة، أم أن المنطقة تتجه إلى صيغة جديدة تمامًا؟

ترى مصر أن احتمالية عودة الاتفاق النووي بصيغته القديمة التي تم توقيعها عام 2015 ضئيلة للغاية، وذلك لعدة أسباب جوهرية. فمنذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق في 2018، شهدت المنطقة تحولات استراتيجية كبرى جعلت من الصعب إحياء النسخة القديمة دون تعديلات جوهرية.

تستند الرؤية المصرية إلى أن أي اتفاق جديد سيتضمن على الأرجح بنوداً أكثر صرامة فيما يخص البرنامج النووي الإيراني، مع إضافة ملفات لم تكن مدرجة سابقاً مثل البرنامج الصاروخي الباليستي الإيراني ودعم طهران للفصائل الإقليمية. كما أن التوازنات السياسية الحالية تختلف جذرياً عن تلك التي سادت أثناء توقيع الاتفاق الأصلي، حيث أصبحت واشنطن أكثر تشدداً في مطالبها فيما تواجه طهران ضغوطاً اقتصادية وسياسية غير مسبوقة.

من ناحية أخرى، تدرك القاهرة أن التغيرات في الخارطة الجيوسياسية الإقليمية، بما في ذلك التطبيع العربي الإسرائيلي وتصاعد النفوذ التركي، ستلعب دوراً محورياً في تشكيل أي صيغة جديدة للاتفاق. كما أن الملفات العالقة مثل الأزمة اليمنية والوضع في سوريا والعراق ستكون حاضرة بقوة على طاولة المفاوضات، مما يجعل من الصعب فصلها عن الملف النووي كما كان الحال في 2015.

في هذا السياق، تميل مصر إلى الاعتقاد بأن المنطقة تتجه نحو صيغة معدلة للاتفاق تأخذ في الاعتبار المتغيرات الجديدة، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الضمانات الأمنية لدول الجوار. لكنها تشدد في الوقت ذاته على أن أي اتفاق جديد يجب أن يكون شاملاً وقابلاً للتنفيذ والمراقبة، وأن يأخذ في الاعتبار مصالح جميع الأطراف الإقليمية دون استثناء.

إلى أي مدى تنسجم الرؤية المصرية مع جهود سلطنة عمان لتقريب وجهات النظر؟

ترى القاهرة أن التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران يمثل ضرورة حتمية للحفاظ على استقرار المنطقة، حيث تتفق مع الرؤية العمانية في ضرورة تجنب أي تصعيد عسكري بين الجانبين. وتؤكد أن أي مواجهة عسكرية محتملة لن تقتصر آثارها السلبية على الأطراف المباشرة فحسب، بل قد تمتد لتشمل المنطقة بأكملها وتؤدي إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، مع ما يحمله ذلك من مخاطر التصعيد إلى مستوى عالمي.

وفي هذا السياق، تدرك الدبلوماسية المصرية أن التوافق المصري-العماني ينبع من إدراك مشترك للمخاطر الجسيمة التي قد تترتب على فشل المفاوضات، حيث تعتبر أن الحل السياسي عبر المفاوضات يظل الخيار الأمثل لجميع الأطراف. وتشدد على أن تجنب الحرب وتحقيق الاستقرار الإقليمي يجب أن يكونا أولوية قصوى تعلو على أي اعتبارات أخرى، وهو ما يتطلب تضافر الجهود الدولية والإقليمية لدعم مسار التفاوض وضمان نجاحه.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here