قلق حقوقي من تصاعد وفيات المحتجزين في مصر

قلق حقوقي من تصاعد وفيات المحتجزين في مصر
قلق حقوقي من تصاعد وفيات المحتجزين في مصر

أفريقيا برس – مصر. تشهد الساحة الحقوقية في مصر حالة من القلق المتزايد، عقب تسجيل حالات وفيات جديدة داخل مراكز الاحتجاز، وسط اتهامات من منظمات المجتمع المدني للأجهزة الأمنية بممارسة التعذيب المنهجي والإهمال الطبي المتعمّد. وفي أحدث واقعة، طالبت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية النيابة العامة بفتح تحقيق عاجل في وفاة المواطن طارق أشرف السيد محفوظ، الذي فارق الحياة أثناء احتجازه بقسم شرطة الهرم. وبحسب توثيق المبادرة، كان محفوظ محتجزاً منذ الثالث من ديسمبر/ كانون الأول الجاري على خلفية مشاجرة زوجية، قبل أن تُبلّغ والدته بوفاته في 24 من الشهر ذاته.

ونقلت المبادرة عن شقيق المتوفى ومحاميها وجود إصابات ظاهرة في الظهر والرقبة والساقين، تشير إلى تعرّضه لعنف بدني شديد. ويأتي هذا في وقت يُصنَّف فيه قسم الهرم، وفقاً للمبادرة، بوصفه أحد أسوأ أماكن الاحتجاز نظراً لسجله في الانتهاكات وظروف الاكتظاظ التي تتجاوز أحياناً 300% من الطاقة الاستيعابية، ما يحوّل غرف الحجز إلى بيئات غير إنسانية تفتقر للتهوية والرعاية الطبية.

بالتوازي مع واقعة قسم الهرم، كشفت منظمات حقوقية عدّة، من بينها “مركز الشهاب لحقوق الإنسان” و”منظمة عدالة لحقوق الإنسان” و”الشبكة المصرية لحقوق الإنسان”، عن وفاة المواطن أحمد سليمان المسعودي (55 عاماً) داخل مقر تابع لجهاز الأمن الوطني بمحافظة الشرقية.

وتكتسب واقعة المسعودي طابعاً مأساوياً كونها جاءت بعد صدور قرار قضائي من محكمة جنايات الزقازيق بإخلاء سبيله في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي. وبدلاً من تنفيذ القرار، أفادت المنظمات بأنّه تعرّض للإخفاء القسري، وحُرم من الرعاية الطبية، على الرغم من معاناته من التهاب رئوي حاد وتدهور حالته الصحية نتيجة سنوات من “التدوير” في قضايا سياسية منذ عام 2015، إلى أن أُبلغت أسرته بوفاته في ظروف غامضة، وتسلّمت جثمانه فجر الأحد الماضي.

وتشير البيانات التي رصدها التوثيق الحقوقي في مصر إلى أن هذه الحالات ليست معزولة، حيث سُجلت وفاة نحو 24 شخصاً داخل أقسام الشرطة منذ مطلع العام الجاري. ويُرجع الحقوقيون أسباب هذه الوفيات إلى التعذيب، أو سوء المعاملة، أو الإهمال الطبي في بيئة احتجاز غير صحية. واعتبرت منظمات أنّ تكرار هذه الحوادث يعكس نمطاً من ممارسات السلطة بهدف إخضاع المواطنين عبر ثقافة الخوف، إذ يغيب مبدأ المحاسبة تجاه الضباط المتورّطين، ما يعزّز الشعور العام بأنّ الجميع “ضحايا” ما لم يحظوا بحماية من نفوذ أمني.

وعلى مستوى المسؤولية القانونية، حمّلت المنظمات الحقوقية، وفي مقدمتها “الشبكة المصرية”، وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني المسؤولية الكاملة عن هذه الأرواح، معتبرةً أن الاحتجاز في مقرّات سرية بعيداً عن إشراف النيابة العامة “يمثل جريمة مكتملة الأركان”.

كما وجّهت “منظمة عدالة” نداءً بضرورة وقف سياسة الإخفاء القسري، وضمان تنفيذ أحكام القضاء، مؤكدةً أن “غياب الصحافة الحرة والبرلمان المستقل الذي يمارس دوره الرقابي هو ما يمنح الغطاء لاستمرار هذه الانتهاكات”. وأكدت أن “المطالبة بفتح تحقيقات قضائية مستقلة ونزيهة تبقى السبيل الوحيد لضمان عدم إفلات الجُناة من العقاب ووقف نزيف الأرواح خلف القضبان”.

عادل صبري

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس

التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي موقع إفريقيا برس وإنما تعبر عن رأي أصحابها

Please enter your comment!
Please enter your name here