أفريقيا برس – مصر. دخلت أحزاب المعارضة المصرية في تحد يتعلق بمشاركتها في «الحوار الوطني» بعدما تسبب الجدل في جدوى الحوار في أزمات داخلية، أسفرت عن استقالات. فقد خسر خالد داوود، المتحدث باسم الحركة المدنية الديمقراطية، انتخابات رئاسة حزب «الدستور» الذي أسسه محمد البرادعي، نائب رئيس الجمهورية الأسبق، والمدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ورأى مراقبون أن الانتخابات التي واجهت فيها الإعلامية جميلة إسماعيل، داوود، مثلت استفتاء داخل الحزب على قبول المشاركة في «الحوار» حيث مثل الأخير الاتجاه المدافع عن ضرورة المشاركة، فيما كشفت مصادر أن منافسته أعلنت في أكثر من جلسة خاصة مع أعضاء الحزب خلال جولاتها الانتخابية في المحافظات رفض المشاركة دون وجود ضمانات حقيقية للمعارضة من حيث التمثيل والقدرة على الوصول لنتائج ملموسة.
وأعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات فوز قائمة «التئام» التي خاصت بها إسماعيل الانتخابات، بـ 318 صوتا، بينما حصلت قائمة «نبني لبكرة» التي كان على رأسها داوود على 192 صوتا. كما حققت «التئام» 3 مقاعد في الأمانة العامة، بينما تمكنت «نبني لبكرة» من الحصول على مقعدين في الأمانة العامة. وأعلن داوود استقالته من الحزب بعد خسارته.
وحزب الدستور المصري تأسس بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، التي أطاحت بالرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، على يد الدكتور محمد البرادعي الحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2005 أثناء شغله منصب مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي شغل منصب نائب رئيس الجمهورية عام 2013 عقب الإطاحة بجماعة الإخوان المسلمين.
وقالت إسماعيل رئيسة حزب الدستور، إنها فازت بانتخابات الحزب الأخيرة، وتم عقد الانتخابات في مقر حزب الكرامة، نظرا لأنه لا يوجد مقر لحزب الدستور حالياً، لافتة إلى أن «لديها أملا في فتح المجال السياسي، وأن يكون هناك حوار مفتوح».
لجنة بخصوص الحوار
وأضافت، في تصريحات متلفزة: «نتمنى عودة البناء القوي لحزب الدستور، كما أن الحوار الوطني مهم جدا، لكن يحتاج لضمانات، وقررنا تشكيل لجنة للتعامل مع الحوار الوطني، وسنقرر في وقت اللزوم من سيحضر لو دعينا، كما أن لدينا أملا كبيرا في الغد».
وحول غيابها عن العمل السياسي، قالت: «أنا لم أختفِ عن العمل في حزب الدستور، وعدت للترشح للرئاسة لأنه لا يوجد تقدم إلا بالمجال السياسي المفتوح، كما أن السنوات السابقة كانت سنوات عجافا، وكل من كان يعمل في السياسة كان يتم تشويهه، وإحنا مجاريح، وأصبنا إصابات بالغة لكن روحنا موجودة».
وأضافت: «ليست لدينا مقرات ولا موارد مالية، وليس لدينا حساب في البنك ولا أوراق ولا تراخيص» مردفة: «كل أنواع التعصب والتخوين وكل حاجة شوفناها، ولكن ما زالت الروح موجودة في الأعضاء».
تداعيات استقالة الطنطاوي
في الموازاة، عقدت الهيئة العليا لحزب «الكرامة» اجتماعا أمس الأول السبت، لمناقشة الاستقالة التي تقدم بها النائب السابق أحمد الطنطاوي من رئاسة الحزب، وهي الاستقالة التي اعتبرت مصادر أن سببها رفضه الاستمرار في الحوار الوطني.
وقالت مصادر من داخل الحزب إن الهيئة العليا استقرت على استمرار نائب رئيس الحزب في تنفيذ مهام مهامه، حتى موعد المؤتمر المقبل المقرر بعد أشهر. وسبق أن دعا، الطنطاوي لعقد مؤتمر عام للحزب لاختيار رئيس جديد يوم 19 أغسطس/ آب المقبل.
وجاء في الدعوة: «قررت عدم الاستمرار في موقعي، الذي تشرفت بتكليفكم الكريم، خلال المؤتمر الأخير للحزب، الذي عقد في 25 ديسمبر/ كانون الأول 2020».
وكلف نائب رئيس الحزب بكافة اختصاصات ومسؤوليات رئيس الحزب حتى موعد انعقاد المؤتمر العام للحزب لانتخاب رئيس جديد.
واختتم دعوته لأعضاء الحزب بالقول «منذ هذه اللحظة لم يعد لي أي موقع في الحزب، والله من وراء القصد، وهو يهدي السبيل».
مصادر كشفت أن رفض الطنطاوي المشاركة في الحوار الوطني جاء لاعتباره حوارا شكليا تستهدف السلطة منه تحسين صورتها، في ظل عدم الاستجابة للضوابط الإجرائية التي وضعتها الحركة المدنية المصرية الديمقراطية للحوار السياسي.
استقالات في التحالف الشعبي
في غضون ذلك كشفت مصادر داخل حزب «التحالف الشعبي الاشتراكي» أن الحزب شهد خلال الآونة الأخيرة استقالات بين الأعضاء، اعتراضا على المشاركة في الحوار الوطني.
وأوضحت أن الاستقالات جاءت احتجاجا على عدم تجاهل السلطة إلى المطالب التي رفعتها الحركة المدنية الديمقراطية في البيان الذي وصف إعلاميا ببيان 8 مايو/ أيار.
وأكدت أن هذه الاستقالات هي التي دفعت رئيس الحزب مدحت الزاهد، للتلويح بالانسحاب من الحوار.
حالة غضب
وكان الزاهد قال إن حزبه يبحث تعليق المشاركة في الحوار.
وتحدث في تصريحات صحافية لموقع الحزب عن «وجود حالة من الغضب أحدثها النكوص عن الوعود بشأن إخلاء سبيل سجناء الرأي في عدة مناسبات، خاصة بعد الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية لحقوق الانسان، ثم الدعوة إلى الحوار الوطني».
وأضاف: «كانت هناك حالة من الترقب، بعد وعود متكررة، آخرها في الذكرى التاسعة لـ 30 يونيو/ حزيران 2013، ثم عيد الأضحى، وعلى الأخص أنها صدرت عن مسؤولين أمنيين كبار، وطبيعي أن تمتد حالة الغضب والإحباط إلى الأحزاب والمجال السياسي الديمقراطي بشكل عام، ووصل الأمر إلى حد استقالات محدودة بين بعص أعضاء الأحزاب، وعلى الأخص من الشباب، ومطالب بتجميد المشاركة في الحوار، إلى حين ظهور علامات جديدة، وسط حملة نقد حادة ضد القيادات التي دعت إلى اغتنام فرصة الحوار الوطني لمحاولة تطبيع الحياة السياسية والحزبية».
يذكر أن الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم عددا من أحزاب المعارضة، منها أحزاب الكرامة والتحالف الشعبي والدستور والمحافظين والمصري الديمقراطي الاجتماعي والعدل، كانت قد حددت ما وصفتها بـ«الضمانات» في بيان إعلان ترحيبها بدعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للحوار، جاء على رأسها الإفراج عن كل سجناء الرأي لخلق مناخ موات للحوار، وتمثيل متساو بين المعارضة والسلطة في الجلسات.
وكان السيسي دعا خلال حفل إفطار الأسرة المصرية في نيسان/أبريل الماضي، إلى عقد حوار وطني، كما أعاد تشكيل لجنة العفو الرئاسي المنوط بها بحث ملفات السجناء السياسيين تمهيدا للإفراج عن من لم يتورط في قضايا عنف، ليضم التشكيل الجديد رموزا من المعارضة بينهم وزير القوى العاملة الأسبق والقيادي في حزب «الكرامة» كمال أبو عيطة. ومنذ إعادة تشكيل لجنة العفو الرئاسي، أصدرت السلطات المصرية قرارات بالإفراج عن العشرات من سجناء الرأي، لكن معارضين يعتبرون أن مثل هذه القرارات غير كافية، وأن المطلوب الإفراج عن كل من لم يتورط في قضايا عنف.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس