أفريقيا برس – مصر. شدّدت قوات الجيش والشرطة المصرية من وجودها في محيط لجان الاقتراع بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب التي تجرى على مدى يومين في 13 محافظة من أصل 27، تحت إشراف الهيئة الوطنية للانتخابات، ويمتد التصويت فيها من الساعة التاسعة صباحاً حتى التاسعة مساءً، اليوم الاثنين وغداً الثلاثاء، مع تخصيص ساعة راحة للمشرفين بين الثالثة والرابعة عصراً.
ورصدت مصادر اعلامية إقبالاً محدوداً من الناخبين في الساعات الأولى للتصويت، خصوصاً في لجان دوائر مدينة نصر، وعين شمس، والمطرية بمحافظة القاهرة، التي شهدت حضوراً لافتاً من جانب ضباط وأفراد الشرطة المسؤولين عن التأمين، بخلاف المرحلة الأولى من الانتخابات، بهدف ضبط أي مخالفات تتعلق برشى الناخبين عبر “سماسرة الانتخابات”، سواء بدفع الأموال لهم أو بمنحهم السلع الغذائية. وصرح مدير الجهاز التنفيذي للهيئة الوطنية الانتخابات، المستشار أحمد بنداري، أن بعض لجان الاقتراع تأخرت في فتح أبوابها أمام الناخبين، ومنها اللجنة 95 في دائرة بلبيس بمحافظة الشرقية، التي فتحت أبوابها في العاشرة والثلث بدلاً من التاسعة صباحاً بسبب تأخر وصول رئيسها، وكذلك إحدى لجان دائرة مصر القديمة بالقاهرة، نتيجة تأخر رئيسة اللجنة عن موعدها لمدة ساعة و10 دقائق.
وقال بنداري، في مؤتمر صحافي، إن الهيئة رصدت حضوراً كثيفاً لمندوبي المرشحين لحضور عملية الاقتراع، ما دفع رؤساء لجان فرعية إلى إجراء قرعة لاختيار أربعة مندوبين فقط في كل لجنة، مشيراً إلى تلقي الهيئة شكوى من دائرة المحلة الكبرى بمحافظة الغربية تفيد بتجمع مواطنين حول أنصار أحد المرشحين خارج المقر الانتخابي لمعرفة ترتيب أسمائهم بكشف التصويت. وأشار بنداري إلى استقبال الهيئة الشكاوى والمخالفات التي يرصدها المواطنون أثناء عملية التصويت على الخط الساخن (19826)، مطالباً رؤساء اللجان الفرعية بالإبلاغ عن أي مخالفات أو خروقات للدعاية أمام اللجان، من شأنها أن تؤثر على نزاهة العملية الانتخابية، من أجل تمكين الهيئة من اتخاذ الإجراءات القانونية إزاء المخالفين.
بدوره، قال رئيس الهيئة المستشار حازم بدوي، إنّ الهيئة لن تسمح بأي تجاوز للدعاية الانتخابية في محيط اللجان، أو فوز أي مرشح من دون انتخابه على نحوٍ سليم يعكس إرادة الناس، محذراً من أي محاولات لتوجيه الناخبين أمام اللجان أو التأثير على إرادتهم، حتى لا تضطر الهيئة لإبطال النتائج كما حدث في 19 دائرة بمحافظات المرحلة الأولى. وادعى بدوي أن الهيئة “بذلت أقصى جهد في الإعداد للمرحلة الثانية، وإحاطة العملية الانتخابية بإجراءات وضمانات قانونية تكفل للناخبين حقهم في الإدلاء بأصواتهم بحرية تامة، وتحمي إرادتهم داخل صناديق الاقتراع”.
وشدّد على أن الهيئة “جزء لا ينفصل عن نبض الشعب المصري”، ولذلك عملت على تطبيق مزيد من معايير الشفافية والنزاهة للوصول إلى انتخابات تعكس الإرادة الحقيقية للمصريين. ويتنافس في المرحلة الثانية من الانتخابات النيابية المصرية 1316 مرشحاً حزبياً ومستقلاً على 142 مقعداً فردياً في 73 دائرة، في حين حسم 142 مرشحاً مقاعدهم بنظام القائمة المغلقة، إثر ترشح “القائمة الوطنية من أجل مصر” منفردة في دائرتَي القاهرة وشرق الدلتا، التي يقودها حزب مستقبل وطن، المحسوب على النظام الحاكم، وتضم 12 حزباً موالياً.
السيسي يُدلي بصوته
وأعلن المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أدلى صباح اليوم الاثنين بصوته في لجنته بمدرسة الشهيد البطل مصطفى يسري عميرة النموذجية الثانوية الإعدادية بنات بمصر الجديدة. وكان السيسي قد نشر رسالةً علنيةً طالب فيها الهيئة الوطنية للانتخابات، التي يفترض دستورياً أنها مستقلة، بتكثيف الرقابة والتحقيق في التجاوزات وإلغاء النتائج إذا لزم الأمر في الجولة الأولى. بعدها، شهد موقف الهيئة الوطنية للانتخابات تحولاً جذرياً بعد أن دافعت لأسبوع كامل عن نزاهة العملية ونفت وجود مخالفات، قبل أن تتراجع على نحوٍ مفاجئ في 17 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري عن تصريحاتها.
وذكرت وزارة الداخلية، في بيان، أن الأجهزة الأمنية بالغربية تمكّنت من ضبط مندوب أحد المرشحين المستقلين في منطقة محيي الدين بدائرة المحلة الكبرى، خلال وجوده بمحيط إحدى اللجان وبحوزته مبالغ مالية كبيرة كان يعتزم توزيعها على الناخبين، وذلك بعد جمعه بطاقاتهم الشخصية لتسهيل إجراءات تصويتهم لصالح المرشح الذي يمثله. من جهته، قال رئيس مجلس النواب حنفي جبالي، عقب الإدلاء بصوته في الانتخابات النيابية المصرية بلجنة مدرسة مصطفى كامل بدائرة مدينة نصر في القاهرة، إنّ “المشاركة الإيجابية في الاستحقاقات الانتخابية واجب وطني، وحق دستوري أصيل لكل مواطن له حق التصويت”، مضيفاً أن إدلاء الناخبين بأصواتهم “بحرية كاملة” سيؤدي إلى إفراز عناصر قادرة على تمثيل الشعب تحت قبة البرلمان، وتعبر عن آماله وتطلعاته.
ودعا جبالي الشعب المصري إلى التوجه لصناديق الاقتراع لاختيار من يمثلهم داخل مجلس النواب بـ”إرادة حرة متجردة، وعدم العزوف عن المشاركة في الانتخابات”، مؤكداً ثقته في وعي وإدراك المصريين لمسؤولياتهم الوطنية، ولا سيّما مع “سعي الهيئة الوطنية لتعزيز النزاهة خلال مراحل الانتخابات بالداخل أو الخارج، حتى تخرج بنتائج معبرة عن الإرادة الحقيقية للمصريين”، على حد تعبيره، كما أدلى رئيس مجلس الشيوخ عصام فريد بصوته في مقرّ لجنته بمدرسة محمد أمين الراعي بحي المعادي، جنوبي القاهرة، داعياً جموع المصريين إلى المشاركة بكثافة في انتخابات مجلس النواب، لأنّ “المشاركة الفاعلة هي الضمان لتعزيز استقرار البلاد، ودعم مؤسساتها الدستورية”.
وأعرب فريد عن ثقته في وعي المواطنين بأهمية المشاركة في الانتخابات، باعتبارها ركيزة مهمة في دعم المسار الديمقراطي، وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أدلى بصوته في الانتخابات النيابية في لجنة مدرسة الشهيد مصطفى يسري عميرة النموذجية في حي مصر الجديدة بالقاهرة، التي شهدت وجوداً من طلاب مدارس وجامعات خاصة على أبوابها لتحيته، بعد نقلهم بباصات مخصصة لذلك بمعرفة قوات الحرس الوطني.
وتسببت ممارسات أحزاب “القائمة الوطنية”، وأهمها “مستقبل وطن”، و”حماة الوطن” و”الجبهة” و”الشعب الجمهوري”، في المطالبة بإلغاء انتخابات مجلس النواب برمتها، على خلفية بطلان النتائج في نحو ثلث الدوائر الفردية بمحافظات المرحلة الأولى، نتيجة تورط مرشحي هذه الأحزاب في وقائع رشى الناخبين على أبواب اللجان، مقابل مبلغ مالي زهيد لا يتعدى 300 جنيه (6 دولارات) للصوت، استغلالاً لفقرهم الشديد وحاجتهم إلى المال لسد جوعهم.
واستطاعت القائمة حصد جميع مقاعد نظام القوائم المغلقة في دائرتي الصعيد وغرب الدلتا بالمرحلة الأولى بإجمالي 142 مقعداً، فضلاً عن 39 مقعداً فردياً من إجمالي 42 مقعداً حُسمت من دون الحاجة إلى خوض جولة الإعادة، الأمر الذي دفع عشر منظمات حقوقية بارزة إلى إصدار بيان مشترك تصف فيه الجولة الأولى من الانتخابات النيابية المصرية بأنها “مسار زائف”، يهدف إلى إفراغ العملية الانتخابية من شرعيتها. وأكدت المنظمات، في بيانها، أن حالة الفوضى التي شابت عمليتي الاقتراع والفرز، والغموض الذي اكتنف آلية اتخاذ القرار، وصولاً إلى التدخل المباشر والعلني من رئيس الجمهورية بمطالبة الهيئة الوطنية بإلغاء نتائج التصويت كلياً أو جزئياً، تقدم براهين قاطعة على الطبيعة الصورية للانتخابات، وانعدام استقلالية الهيئة المنوطة بالإشراف عليها.
واستقبلت المحكمة الإدارية العليا في مصر 251 طعناً انتخابياً بشأن المرحلة الأولى، تباينت ما بين المطالبة بإلغاء العملية الانتخابية بأكملها، أو بطلان النتيجة في كثير من الدوائر. وتلتزم الهيئة الوطنية بتنفيذ الأحكام القضائية فور صدورها، سواء كان الحكم تأييد النتيجة المعلنة، أو إعادة عملية الفرز في لجنة أو أكثر، أو إعادة الانتخابات في دائرة معينة إذا ثبتت مخالفات جوهرية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس





