أفريقيا برس – مصر. ذكرت “دار المرايا للثقافة والفنون” المصرية أنّها مُنعت من المشاركة في “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، الذي يُنتظر أن تُقام دورتُه السادسة والخمسون بين الرابع والعشرين من كانون الثاني/ يناير الجاري والخامس من شباط/ فبراير المُقبل.
وذكرت الدار، في بيان نشرته أمس الثلاثاء، أنّ “الهيئة العامّة للكتاب”، قرّرت، ودون إبداء أسبابٍ، منعها من المشاركة هذا العام في المعرض، مضيفةً: “رغم أنّ المرايا قامت بتسجيل اشتراكها في المواعيد المقرّرة، إلّا أنّنا لم نتلقّ إذْن الدفع لسداد إيجار الجناح الخاص بنا كما هو الحال مع باقي دُور النشر، بل وفوجئنا بإغلاق حساب الدار على موقع المعرض”.
وأضافت: “على مدار الأسابيع الماضية حاول ‘اتحاد الناشرين’ والعديد من أصدقاء المرايا التدخّل – مشكورين – لمعرفة أسباب الرفض وتقديم حلول لها، إلّا أنّ هيئة الكتاب أصرّت على موقفها دون تقديم أي مبرّرات”.
واعتبرت الدار أنّ الإصرار على منعها من المشاركة في المعرض هو “موقف ليس له تفسيرٌ أو أيّ سندٍ من المنطق”، مُذكّرةً أنّها دأبت على المشاركة في “معرض القاهرة الدولي للكتاب” بشكل منتظم منذ 2017 وحتى 2023، وأنّ إصداراتها حصلت مرّتين، خلال تلك السنوات، على جوائز المعرض، كما أكّدت أنّها “تقوم بسداد التزاماتها المالية تجاه المعرض بانتظام ولم تتخلّف في أيّ سنةٍ عن سداد جميع التزاماتها بشكل مسبق قبل بداية المعرض وخلال المواعيد التي تُحدّدها الهيئة”، وأنّ “جميع الأوراق الإدارية التي تخصّ دار المرايا سليمة ومحدَّثة ومنضبطة تماماً من جميع النواحي القانونية والمالية”.
واختتمت المؤسّسة بيانها بالقول: “رغم الضغوط المتواصلة التي نتعرّض لها، سنُواصل العمل على إنتاج محتوىً ثقافي ومعرفي تقدّمي عبر وسائط المرايا المختلفة، وعلى المشاركة في تثبيت دعائم الثقافة الديمقراطية في بلادنا، وعلى مدّ الجسور مع الجمهور العريض المنتمي للتيارات الديمقراطية في مصر والعالم العربي”، مشيرةً إلى أنّها أصدرت، خلال 2024، قرابة خمسين عنواناً، تُضاف إلى مئات من العناوين التي أصدرتها خلال الأعوام السابقة.
يُذكر أنّ “دار المرايا للثقافة والفنون” تأسّست في القاهرة عام 2016، وتُعرّف نفسها بأنّها “منبرٌ ثقافي متعدّد الأنشطة، يقوم بإنتاج مواد ثقافية وأدبية وفنّية متنوعة. وهي تتبنّى في كلّ منتجاتها منهجاً ديمقراطياً وتقدّمياً، ومناهضاً لكلّ أنماط التمييز في المجتمع”، وأنّها تستهدف “الجمهور العريض من التيارات الديمقراطية والتقدّمية في مصر والعالم العربي” من خلال إنتاجاتها التي تتوزّع بين نشر الكتب، وإصدار مجلّة ثقافية، وإنتاج أفلام وثائقية وروائية، وتنظيم ورش للتدريب، وتنظيم معارض وندوات.
ولئن كانت هذه المرّة الأُولى التي تُمنع فيها “دار المرايا”، من المشاركة في “معرض القاهرة الدولي للكتاب”، فإّنها ليست الأُولى التي تتعرّض فيها لمضايقات من السلطات المصرية؛ ففي 27 تمّوز/ يوليو الماضي، داهمت قوّة أمنية مكوّنة من مباحث قسم عابدين ومباحث المصنّفات الفنّية ومباحث التهرب الضريبي مقرّ الدار في القاهرة، وصادرت عدداً من الكتب والممتلكات والوثائق واعتقلت مساعداً إدارياً فيها، وذلك بعد وقت وجيز من انتهاء ندوةٍ أقامتها حول كتابٍ أصدرته بعنوان “ثلاث ستّات: سيرة من ليالي القاهرة” بحضور مؤلّفَيه عمر سعيد ومحمد العريان.
وقبل أيام من ذلك، أعلنت الدار عن تأجيل ندوةٍ كان مقرّراً أن تُقيمها في العشرين من الشهر نفسه، لمناقشة ديوان “كيرلي” الذي كتبه الشاعر والناشط أحمد دومة خلال سجنه في زنزانة انفرادية بسجن طرّة بين عامَي 2013 و2023، بسبب ما قالت إنّها “ظروف خارجة عن إرادة الجميع”. وجاء ذلك بعد ساعات من اتّهام عددٍ من رجال الدين، عبر وسائل إعلام مملوكة للدولة، الشاعر بـ”الكفر” و”الجنون”، ومطالبتهم “مجمع البحوث الإسلامية” بمصادرة الديوان الصادر عن الدار نفسها ومنع طبعه وتداوله. وفي تشرين الأوّل/ أكتوبر الماضي، قالت النيابة العامّة المصرية إنّها قرّرت التحقيق في بلاغات مقدّمة بشأن نشر ديوان شعر “يتضمّن عبارات تحمل اعتداءً على الذات الإلهية وازدراء الأديان”، وأنّها أمرت بتكليف لجنة من الأزهر لفحص العبارات الواردة فيه.
وفي الخامس والعشرين من أيول/ سبتمبر 2022، داهمت قوّات الأمن المصرية مقرّ الدار وصادرت نسخاً من بعض إصداراتها إضافةً إلى عقود مع المؤلّفين، واقتادت مديرها، كاتب السيناريو يحيى فكري، إلى قسم نيابة عابدين للتحقيق معه بعد أن حرّرت “مباحث المصنّفات” محضراً تضمّن ثلاث مخالفات؛ هي: “اختلاف عناوين بعض الكتب المنشورة عن العقود الموقّعة مع كتّاب تلك الكتب”، و”إصدار مجلّة مرايا دون ترخيص من الهيئة الوطنية للإعلام”، و”وجود بعض الكتب من غير مطبوعات الدار محمّلة على أحد أجهزة الكمبيوتر المحمول الخاصة بالدار في صيغة بي دي إف”.
ورغم أنّ الاتهامات صُنّفت ظاهرياً ضمن قضايا “المصنّفات الفنّية”، إلّا أنّها حملت دلالة سياسية واضحة؛ خصوصاً أنّ المداهمة والاعتقال جاءا بعد 24 ساعة فقط من تنظيم الدار ندوةً في مبنى القنصلية الفرنسية لمناقشة كتاب “شبح الربيع” للناشط الحقوقي علاء عبد الفتاح.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس