أفريقيا برس – مصر. قررت نقابة المحامين المصريين، اليوم السبت، مقاطعة جميع محاكم الجنايات على مستوى الجمهورية لمدة يومين متتاليين، اعتباراً من غد الأحد، امتثالاً لقرارات الاجتماع المشترك بين مجلس النقابة العامة ونقباء الفرعيات، في مواجهة قرار رؤساء محاكم الاستئناف فرض رسوم تحت مسمى “مقابل خدمات مميكنة”. ودعت النقابة جميع أعضاء الجمعية العمومية إلى الامتناع عن حضور الجلسات أمام محاكم الجنايات يومي الأحد والاثنين، في إطار إجراءاتها التصعيدية ضد فرض الرسوم المخالفة لأحكام الدستور والقانون، مؤكدة إحالة المحامين المخالفين لقرار الامتناع إلى التأديب، ووقفهم عن ممارسة المهنة، مع إيقاف الخدمات النقابية عنهم إلى حين استيفاء التحقيق معهم.
تأتي المقاطعة بعد نجاح كبير لإضراب مماثل قررته النقابة العامة للمحامين نهاية الأسبوع الماضي، بمقاطعة جميع محاكم الاستئناف التي رفعت رسوم التقاضي، بقرار منفرد، دون سند قانوني أو معلن من قبل الحكومة. وشددت نقابة المحامين على أن المرحلة الحالية تتطلب المزيد من التكاتف والالتزام بما يخدم الوطن، ويحافظ على هيبة النقابة، وكرامة المحامي. وتفاقمت أزمة المحامين في مصر مع محاكم الاستئناف، بسبب ارتفاع رسوم التقاضي والخدمات القانونية بما يعيق حق التقاضي، ويحمل المحامين والمتقاضين أعباءً ماليةً باهظةً.
وفرضت محاكم الاستئناف رسوماً على خدمة إصدار شهادات في نفس اليوم بقيمة 200 جنيه (نحو 4 دولارات)، وترتيب الأحكام الجنائية بقيمة 150 جنيهاً، بالإضافة إلى فرض رسوم قدرها 15 جنيهاً عن كل ورقة إضافية عند استخراج نسخ من الأحكام أو الصيغ التنفيذية. (الدولار = 50.21 جنيهاً). وكانت نقابات المحامين الفرعية قد نظمت وقفات احتجاجية على مستوى مقار محاكم الجمهورية بكل درجاتها، رفضاً لقرار زيادة الرسوم القضائية، التي باتت تمثل “وسيلة جباية” تثقل كاهل المواطن، وتفرغ مبدأ العدالة من مضمونه.
وفي 8 مايو/ أيار الجاري، أعلنت نقابة المحامين المصرية أن 90% من أعضائها المشتغلين شاركوا في إضراب شامل عن الوقوف أمام دوائر محاكم الاستئناف بأنحاء البلاد، موضحة أن ذلك يعكس وحدة صف المحامين والتزامهم القرار النقابي الصادر دفاعاً عن المهنة وحقوق أعضائها. بينما طبقاً لقرار نشره محامون عبر منصات التواصل الاجتماعي، أصدرت نقابة المحامين قراراً يحمل عقوبات بحق 61 عضواً خالفوا قرارات الامتناع عن التوريد لخزائن المحاكم.
صدر القرار بشأن تنفيذ قرارات النقابة العامة المتعلقة بعدم التوريد لخزائن المحاكم، استناداً إلى ما تقرر في الاجتماع المشترك بين النقابة العامة للمحامين والنقابات الفرعية، والمتعلق بوقف توريد الرسوم إلى خزائن محاكم الجمهورية، وحرصاً على التزام القرارات النقابية وتنفيذها بما يحقق وحدة الصف المهني. ونص القرار على “وقف جميع الخدمات النقابية للمحامين المخالفين للقرار المشار إليه، وتوقيع عقوبة الإنذار بحق المخالفين وعددهم (61) محامياً. ويُخطر المخالفون رسمياً بهذا القرار، مع التنبيه باتخاذ الإجراءات التأديبية في حال تكرار المخالفة. ويُنفذ هذا القرار اعتباراً من تاريخه. الثامن من مايو/ أيار”.
في المقابل، ورداً على إضراب المحامين العام، قررت دوائر الجنايات في عدد من المحاكم التأجيل حتى إجازة 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وقابلت بعض دوائر الاستئناف الإضراب بالشطب. وعلق أحد المحامين، قائلاً: “في الوقت اللي بيعبّر فيه المحامون عن مطالبهم بشكل مشروع، فوجئنا بقرارات تأجيل طويلة في بعض دوائر الاستئناف تصل إلى ما بعد إجازة 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، مؤكد أن التأجيل ليس خطأً في حد ذاته، لكن استخدامه كوسيلة ضغط أو رد فعل على موقف نقابي، هو أمر يضر بمنظومة العدالة قبل أن يضر بالمحامين. فحق الدفاع غير قابل للمساومة، ومطالب المحامين جزء من حماية المهنة والعدالة، ليس خروج عليها. فالمتقاضي لا ذنب له، والمحامي لا يجوز معاملته كخصم لمجرد تمسكه بحقوقه”.
وجاءت الخطوات التصعيدية من قبل المحامين المصريين، للمطالبة بإلغاء القرار الذي وصفوه بـ”غير الدستوري” الصادر عن رؤساء محاكم الاستئناف، بفرض رسوم “غير مسبوقة على عدد من إجراءات التقاضي، حال مباشرة حقوق التقاضي والدفاع تحت مسمى (مقابل الخدمات المميكنة)، ومدى تأثير ذلك القرار في حق التقاضي”. وقبل الشروع في الخطوات التصعيدية، كانت النقابة قد وجهت نداءً لمجلس القضاء الأعلى، وممثليه من قضاة مصر والمستشارين رؤساء محاكم الاستئناف، لدعوتهم إلى “إعادة النظر في هذه الرسوم، مع التوجيه بوقف العمل بأي قرارات جديدة صدرت في هذا الشأن لحين إعادة النظر فيها وردها إلى أطرها القانونية من حيث المشروعية والشكل والتقدير المكافئ للخدمة”. ومنذ تفاقم الأزمة، أكدت النقابة أنها سعت للتفاوض المباشر مع مصدري القرار، داعية إلى إعادة النظر فيه، في ضوء المصلحة العامة والواقع الاقتصادي للمواطن المصري، إلا أن تلك الجهود لم تُقابل بالاستجابة المأمولة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس