أفريقيا برس – مصر. أصدرت “الأكاديمية الوطنية للتدريب” الخاضعة لإشراف مباشر من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، بياناً تزعم فيه أنها ستدير “الحوار الوطني” الذي دعا إليه الأخير، في 26 إبريل/ نيسان الماضي، بـ”كل تجرد وحيادية تامة”، واقتصار مهمتها على التنسيق بين الفئات المختلفة المشاركة في الحوار، من دون التدخل في مضمون أو محتوى المناقشات التي سيشملها.
وتستهدف “الأكاديمية الوطنية للتدريب” إنتاج جيل جديد من العناصر الموالية للسيسي للدفع بها في الجهاز الإداري للدولة، والأجهزة السيادية والرقابية، وتحت إشراف مدير مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كامل، العقيد أحمد شعبان، المسؤول الفعلي عن الأكاديمية، والبرنامج الرئاسي لتأهيل الشباب للقيادة، والبرنامج الوطني للتأهيل، والهادفة جميعها إلى ضخ الشباب المحسوبين على النظام في مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية والقضائية كافة.
وقالت الأكاديمية، في بيانها، إنها انتهت من وضع الملامح التنفيذية للحوار المرتقب بين مختلف فئات المجتمع، تنفيذاً لتوجيهات رئيس الجمهورية للمؤتمر الوطني للشباب، الذي يتم تنظيمه تحت مظلة الأكاديمية، في شأن التنسيق مع التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار جاد حول “أولويات العمل الوطني خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج هذا الحوار إلى الرئيس شخصياً”.
وأوضحت الأكاديمية أنها تستهدف “إفساح المجال أمام حوار وطني جاد وفعال وجامع لكافة القوى والفئات”، يتماشى مع طموحات وتطلعات القيادة السياسية، والقوى السياسية المختلفة، ويكون خطوة تساعد على تحديد أولويات العمل الوطني، وتدشين “جمهورية جديدة” تقبل بالجميع، و”لا يمكن فيها أن يفسد الخلاف في الرأي للوطن قضية”.
وأشارت إلى اعتمادها مبدأ توسيع قاعدة المشاركة في الحوار، من خلال دعوة جميع ممثلي المجتمع المصري بفئاته ومؤسساته كافة، بأكبر عدد ممكن لضمان تمثيل جميع الفئات في الحوار المجتمعي، وتحقيق الزخم الحقيقي والمصداقية، وذلك “تدشيناً لمرحلة جديدة في المسار السياسي للدولة المصرية، بعد أن عبرت جميع التهديدات والمخاطر الأمنية التي كانت تضعها في حالة استثنائية”، وفق البيان.
وأضافت الأكاديمية أنها ستراعي التنوع في أماكن عقد جلسات الحوار الوطني، وشموله معظم مناطق الجمهورية، مشيرة إلى أنها ستفتح باب التسجيل للمشاركة على الموقع الإلكتروني للمؤتمر الوطني للشباب، في إطار فتح الأفق والمجال أمام الجميع، شريطة تسجيل كل البيانات الخاصة بالشخص الراغب في المشاركة.
وختمت قائلة إنه سيتم تشكيل لجنة مشتركة “حيادية” من مراكز الفكر والرأي، تكون مهمتها تجميع مخرجات الحوار الوطني عبر جلساته المختلفة في وثيقة أولية موحدة، ومتفق عليها من جميع القوى والفئات المشاركة في الحوار، ومن ثم رفعها إلى رئيس الجمهورية.
بدورها، أصدرت لجنة العفو الرئاسي بياناً ترحّب فيه بدعوة الأكاديمية إلى الحوار الوطني، وإدارتها له بتجرد وحيادية، من دون التدخل في المضمون أو المحتوى، مطالبة جموع الشعب المصري بالمشاركة في الحوار، و”العبور بالوطن إلى آفاق مستقبل أفضل، ووطن أرحب يتسع للجميع”.
وأعلنت لجنة العفو الرئاسي عن قرب إصدار قائمة بالعفو تتضمن العشرات من الحالات (السجناء السياسيين) التي تلقتها اللجنة خلال الفترة الماضية.
أخيراً، أصدر السيسي قرارات بالعفو عن مجموعة محدودة من الناشطين السياسيين، ارتباطاً بحديثه عن ضرورة إطلاق “حوار وطني” للتباحث حول الأزمة الاقتصادية.
ولم تمثل غالبية الأسماء التي تم إخلاء سبيلها سوى مجموعة من الشباب المنتمين إلى أحزاب وتيارات سياسية شاركت في تأييد السيسي خلال السنوات الأولى من حكمه، ثم انتقلت إلى صفوف “المعارضة الناعمة” بسبب ممارسات الإقصاء والتهميش في حقها.
ودعت مجموعة من الحقوقيين والسياسيين والشخصيات العامة، الإثنين، النظام المصري، إلى اتخاذ عدة إجراءات وتدابير من أجل بناء الثقة، لإثبات “جدية إعلان السيسي عن مبادرة الحوار الوطني”. وطرحت المجموعة عريضة للتوقيع على موقع “change.org”، تشير فيها إلى تلقيها، بمزيج من الترقب والحذر، التصريحات الصادرة عن رئيس مصر حول ما سماه “حواراً سياسياً وطنياً”.
وجاء في العريضة أن “النظام الحاكم في مصر منذ 8 سنوات دأب على تخوين وقمع المعارضين، ومنتقدي توجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والتنكيل بكل من مارس حقه في التعبير السلمي عن الرأي، أو ممارسة الحق في التنظيم، وفي التجمع السلمي، وتداول الآراء والمعلومات. ثم أتى الحديث عن الحوار الوطني في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية حرجة، تئن فيها البلاد تحت وطأة ديون طائلة، ويواجه قطاع عريض من المصريين ظروفاً معيشية قاسية”.
وأكد الموقعون أن “الدعوة للحوار قد تمثل متنفساً، وفرصة لكسب قدر ما من العدل، وإنفاذ القانون بما يساعد في تخفيف معاناة بعض المحتجزين في سجون النظام”. إلا أنهم يعربون عن تخوفهم من “الانحراف بالحوار المرتقب إلى شخصنة القضايا، والإفراجات المتعلقة بها، بدلاً عن الاتفاق على إجراءات بجدول زمني محدد لمواجهة الأزمة الأكبر التي تعيش مصر في ظلالها، بسبب اعتماد النظام القمع كوسيلة حكم، بديلاً عن النقاش والحوار”.
وطالب الموقعون بـ”إلغاء وحفظ كافة القضايا التي مر عليها عامان دون إحالة للمحاكمة، وإلغاء ما ترتب عليها من آثار، تشمل إجراءات المنع من السفر، أو التحفظ على الأموال والممتلكات. والوقف الفوري لتنفيذ أحكام الإعدام، وتعليق تحويل المدنيين للقضاء العسكري إلى حين إجراء التعديلات التشريعية اللازمة لمنع محاكمة المدنيين أمام محاكم عسكرية”.
وشدد الموقعون على ضرورة رفع القبضة الأمنية عن مختلف وسائل الإعلام، ووقف التعديات على حرية الصحافة، وترهيب الصحافيين، ورفع الحجب عن المواقع الإخبارية، والتي يبلغ عددها نحو 650 موقعاً إلكترونياً، بما يخلق مناخاً من حرية التعبير، ويسمح بإثراء الحوار السياسي والمجتمعي.
كذلك دعت 8 منظمات حقوقية مصرية النظام إلى “الإفراج عن كل المحبوسين احتياطياً ممن مر على حبسهم ستة أشهر كحد أقصى، من دون أن يتوافر لدى النيابة ما يكفي من الأدلة لإحالتهم للمحاكمة. والعفو عن باقي العقوبة لمن سبق الحكم عليهم بتهم سياسية، وقضوا أكثر من نصف العقوبة، وتم حرمانهم حقهم في الإفراج الشرطي”.
واشترطت المنظمات للمشاركة في حوار السيسي “العفو عن باقي العقوبة لمن صدرت ضدهم أحكام من محاكم أمن الدولة، كونها أحكاماً استثنائية غير قابلة للطعن، حرمت المتهمين درجات التقاضي الطبيعية، والامتناع عن التصديق على الأحكام الجديدة الصادرة عن منها”، بالإضافة إلى “العفو عن باقي العقوبة لجميع المدنيين ممن صدرت ضدهم أحكام من القضاء العسكري بتهم سياسية”.
وكانت “الحركة المدنية الديمقراطية”، التي تضم مجموعة من الأحزاب والشخصيات الليبرالية واليسارية المصرية قد أعلنت قبولها دعوة الحوار التي أطلقها السيسي في حفل “إفطار الأسرة المصرية”، بذريعة أن الحوار مع السلطة الحاكمة يمثل “فرصة لتحسين شروط الحياة الاجتماعية والسياسية في البلاد”.
وقالت الحركة في بيان، أول من الأحد، إن “النظام في مصر مطالب برفع الظلم عن جميع سجناء الرأي، باعتبار ذلك حقاً لهم ولأسرهم وأحبائهم، فضلاً عن أنه إشارة لازمة على الجدية في اعتبار هذا الحوار مقدمة لفتح صفحة جديدة تليق بمصر وشعبها”.
واشترطت الحركة للمشاركة أن يكون الحوار “جاداً وحقيقياً، وأن ينتهي إلى نتائج عملية توضع مباشرة موضع التنفيذ، وهو الأمر الذي يستلزم عدداً من الضوابط الإجرائية والموضوعية التي تساعد على جعله وسيلة لإنقاذ الوطن، وحل مشكلاته، لا مجرد تجميل للواجهة”، وأن يجري “تحت مظلة مؤسسة الرئاسة، باعتبار أن الواقع العملي يؤكد أنها الجهة الوحيدة القادرة على تنفيذ ما يمكن أن يتم الاتفاق عليه خلال الحوار”.
وأضافت أنه “يجب أن يجري الحوار في جميع الجلسات وكل المحاور بين عدد متساوٍ ممن يمثلون السلطة بكل مكوناتها، باعتبارها المسؤولة عن صنع السياسات العامة، واتخاذ القرارات الهامة، وتنفيذها منذ 8 سنوات، والمعارضة التي لم تكن جزءاً من تلك السلطة، ولا شريكاً لها، وعبرت بوضوح خلال السنوات الماضية عن رفضها للسياسات المتبعة، والإجراءات المتخذة، وطلبت علناً تغييرها، واقترحت في سبيل ذلك البدائل”.
وتضمنت شروط الحركة أن “يجري الحوار تحت سمع وبصر الشعب، عبر بث الجلسات من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، والتي يجب أن تتحرر من سيطرة السلطة السياسية، لتصبح هي ذاتها السلطة الشعبية التي يحكمها في أداء عملها فقط القواعد المهنية، ومواثيق الشرف الصحافية والإعلامية”.
وأثارت دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى إطلاق حوار سياسي مع “كل القوى من دون استثناء ولا تمييز ورفع مخرجاته إليه شخصياً”، ردود فعل مختلفة، إلى جانب تساؤلات متعلقة بشأن مدى جدية الدعوة، والتي أطلقها السيسي خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، أواخر إبريل الماضي.
وتأتي هذه التساؤلات خصوصاً أن الدعوة، وإن كانت من الناحية الشكلية هي الأولى من نوعها، إلا أنه سبقتها ثلاث مبادرات من جانب السيسي نفسه خلال السنوات الماضية في عهده، والتي أفضت كلّها إلى لا شيء تقريباً.
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
اضغط على الرابط لمشاهدة التفاصيل
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر اليوم عبر موقع أفريقيا برس