أفريقيا برس – مصر. تشهد الساحة القضائية المصرية حالة من التوتر المتصاعد بين نقابة المحامين وعدد من الجهات القضائية، على خلفية قرارات مفاجئة تتعلق بفرض رسوم جديدة على المتقاضين، تحت مسمى “مقابل الخدمات المميكنة”. هذه القرارات، التي أثارت جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والحقوقية، اعتُبرت من قِبل نقابة المحامين خروجًا على الدستور والقانون، وتهديدًا مباشرًا لحق التقاضي.
وفي ظل تعثّر محاولات التفاوض، اتخذت النقابة، برئاسة نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب عبد الحليم علام، خطوات تصعيدية غير مسبوقة، وصلت إلى إعلان الإضراب العام أمام محاكم الاستئناف، في تحرك يعكس حجم الأزمة وخطورتها على العدالة وحقوق المواطنين.
وعقدت النقابة العامة للمحامين، اليوم الأحد، مؤتمرًا صحافيًا موسّعًا استعرضت فيه رؤيتها القانونية والدستورية حول الأزمة الراهنة المتعلقة بالرسوم القضائية المفروضة حديثًا، والتي اعتبرتها النقابة افتئاتًا على اختصاصات السلطة التشريعية، ومساسًا مباشرًا بحق التقاضي المكفول دستوريًا.
وأكدت النقابة في بيان صدر عقب المؤتمر أن ما يجري من فرض رسوم تحت مسمى “مقابل الخدمات المميكنة”، وما صاحبها من زيادات متتابعة، يمثل خروجًا صريحًا عن الأطر الدستورية والقانونية، مشددة على أن تلك الرسوم فُرضت جبرًا على المواطنين دون سند قانوني أو لائحة منظمة، الأمر الذي يمس حق التقاضي ويحول دونه.
وجاء في البيان أن هذه الرسوم أصبحت عبئًا حقيقيًا على المتقاضين، لا سيما محدودي الدخل، بل وأصبحت حائلًا يحرمهم من تقديم مستنداتهم وإثبات دعاواهم، وهو ما يُفقد حق التقاضي مغزاه، ويُغلق أبواب العدالة في وجوههم. وساقت النقابة مثالًا على ذلك بالرسوم المفروضة على مراجعة حوافظ المستندات، والتي بلغت 33 جنيهًا عن الورقة الواحدة، لافتة إلى أن الحافظة المتوسطة قد يتجاوز رسم مراجعتها مئات الجنيهات، بل وقد تصل إلى الآلاف دون أن يقابلها أي خدمة حقيقية.
وأشارت النقابة إلى أن تلك الرسوم، بدلًا من أن تكون مقابلًا لخدمة فعلية، تحوّلت إلى مجرد وسيلة جباية تُثقل كاهل المواطن، وتُفرغ مبدأ العدالة من مضمونه، وتضر بصورة المؤسسة القضائية وتقلل ثقة المواطنين بها، في وقت بات فيه النظام القضائي أحد أعمدة الاستقرار وجذب الاستثمار في البلاد.
ومنذ تفاقم الأزمة، أكدت النقابة أنها سعت إلى التفاوض المباشر مع مصدري القرار، داعية إلى إعادة النظر فيه في ضوء المصلحة العامة والواقع الاقتصادي للمواطن المصري، إلا أن تلك الجهود لم تُقابل بالاستجابة المأمولة. وعليه، قررت النقابة اتخاذ مسار تصعيدي بدأ بسلسلة من الإجراءات الرمزية، وأُعلن اليوم عن الخطوة الأبرز، وهي الإضراب العام عن الحضور أمام جميع محاكم الاستئناف على مستوى الجمهورية، يوم الخميس 8 مايو/أيار الجاري، مع تعهّد بالإعلان لاحقًا عن الضوابط التنفيذية بالتنسيق مع النقابات الفرعية.
وأوضحت أنه في حال عدم تراجع مصدري القرار خلال أسبوع من موعد الإضراب، سيتم دعوة الجمعية العمومية لمحامي مصر للانعقاد، لتكون هي صاحبة القرار في الخطوات المقبلة، باعتبارها صاحبة الاختصاص القانوني والشرعي الأصيل.
وفي السياق، وجّه مجلس النقابة، في بيانه، مناشدة إلى رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، للتدخل من أجل إنهاء الأزمة، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، بما يتسق مع أحكام الدستور وصون الحق في التقاضي، وهو ما يعكس ثقة المحامين في حكمة القيادة السياسية وحرصها الدائم على المصلحة العامة.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن مصر عبر موقع أفريقيا برس