أعلن فريق من علماء الآثار عن اكتشاف رفات محارب يعتقدون أنه قتل أثناء انتفاضة مصرية قديمة حدثت قبل 2200 عام ووصفت أحداثها على حجر رشيد الشهير.
وكشف العلماء في الاجتماع السنوي للمدارس الأميركية للأبحاث الشرقية في 22 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن عثورهم على هيكل عظمي في مدينة ثمويس القديمة في منطقة دلتا النيل شمال القاهرة على بعد حوالي 65 كيلومترا من ساحل البحر الأبيض المتوسط، يرجع لمقاتل شارك في انتفاضة لسكان مصر الأصليين ضد الحكم الهلنستي دونت أحداثها على حجر رشيد في القرن الثاني قبل الميلاد.
تحت أنقاض ثمويس
يسجل حجر رشيد انتصار بطليموس الخامس في دلتا النيل على فصيل من المصريين الأصليين انتفضوا ضد الحكم الهلنستي، لكن لم تثبت أية أدلة أثرية ملموسة تؤكد أن الثورة حدثت بالفعل قبل الحفريات الأخيرة في مدينة ثمويس القديمة.
يقول الباحثون إن مدينة ثمويس التي وجد فيها الهيكل تأسست منتصف الألفية الأولى قبل الميلاد وهي مدفونة اليوم تحت مرتفع “تل التيماي” المشكل من التراب والحطام خلال فترات طويلة من الاحتلال الإغريقي نتيجة الإهمال الذي لحقها.
وكانت المدينة أحد المراكز الهامة للممر التجاري الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بصعيد مصر، وقد اشتهرت بإنتاجها عطورا عالية الجودة.
ووفقا لتقرير نشر في مجلة “ساينس نيوز” فإن الهيكل العظمي للمحارب تم استخراجه، بعد أن كان ملقى على الأرض ومغطى بالتراب، دون وجود علامة على دفنه. وبينت التحاليل التي أجراها العلماء لاحقا أن الرجل أصيب بجروح غير ملتئمة في ذراعه وعدد من الكسور قد تكون وقعت أثناء قتال متكرر على مدى حياته، وخاصة قبيل وفاته.
يقول د. روبرت ليتمان من جامعة هاواي في مانوا الذي قاد فريق البحث إنهم وجدوا أدلة على أن المحارب القديم ربما يكون ضحية “للثورة المصرية القديمة” التي تم وصفها على حجر رشيد.
فقد اكتشف علماء الآثار بالقرب من الهيكل العظمي رأس نبل محروق وكرات حجرية بحجم كف اليد تم قذفها على خطوط العدو بواسطة المقاليع، إضافة إلى عملات معدنية في الجوار تعود إلى ما بين 180 ق.م. و170 ق.م. زمن الانتفاضة التاريخية.
وهو ما يدعم اعتقاد العلماء بارتباط المحارب بالثورة المصرية المذكورة على حجر رشيد. رغم أن ليتمان يقول إنه لم يتضح بعد ما إذا كان سكان ثمويس متحالفين مع قوات المتمردين أو مع الفرعون.
أداة للدعاية؟
ويصف حجر رشيد -الذي كتب بثلاث لغات مختلفة هي اليونانية القديمة والهيروغليفية والديموطيقة المصرية عام 196 قبل الميلاد- النصر العسكري للفرعون اليوناني بطليموس الخامس، إثر إخماد ثورة للسكان الأصليين لمصر اندلعت في ثمويس، واستمرت من 206 إلى 186 قبل الميلاد.
وتم اكتشاف الحجر عام 1799 من قبل عالم الآثار الفرنسي فرانسوا شمبوليون أثناء الحملة الفرنسية على مصر. وتم الاستيلاء عليه من قبل البريطانيين ونقله إلى المتحف البريطاني في لندن حيث لا يزال معروضا منذ 222 عاما.
ويبلغ ارتفاع الحجر 114.4 سنتيمترا عند أعلى نقطة له، وعرضه 72.3 سنتيمترا، وسمكه 27.9 سنتيمترا، ويعد أحد أشهر القطع الأثرية في العالم.
ويعتقد العلماء أن حجر رشيد كان ينتمي إلى مجموعة من اللوحات المنحوتة المتشابهة التي أنجزت في جميع أنحاء مصر خلال الثورة الكبرى في الفترة من 206-186 قبل الميلاد، وتحتفل بإنجازات بطليموس الخامس وتؤكد عبادة الملك الشاب.
يقول الباحثون إن حجر رشيد لم يكن على الأرجح عملا فنيا من خيال الفنان محملا بإشارات إلى الآلهة والآخرة، بل كان أداة متنقلة للدعاية إثر انتفاضة أثبتت بقايا الهيكل العظمي المكتشف وقوعها.
المصدر : الجزيرة