حوار آمنة جبران
أفريقيا برس – ليبيا. كشف النائب الليبي عبد السلام عبد الله نصيه في حواره مع “أفريقيا برس” إلى وجود تيار في ليبيا لا يريد الذهاب إلى انتخابات رئاسية ويعمل على إطالة أمد الأزمة حتى تبقى القيادة جماعية، الأمر الذي يصعب عملية بناء المؤسسات، حسب وصفه.
وبين نصيه أن التركيز على مسألة تشكيل الحكومة بدل الحرص على استعادة الدولة هو تحريف لجوهر القضية الأساسية في البلد حيث يجب فتح حوار بين الليبيين يشمل نقاط مهمة تتناول عملية انتخاب الرئيس والتوافق بشأن السلطة التنفيذية ومسألة انتشار السلاح والحكم المحلي، لافتا أن المبعوث الأممي عبد الله باتيلي أمام فرصة كبيرة بسبب التقارب الحاصل بين مجلسي النواب والدولة لحلحلة الانسداد السياسي والذهاب نحو انتخابات.
ود.عبد السلام عبد الله نصيه هو عضو مجلس النواب الليبي وعضو بالبرلمان العربي.
إلى ماذا أفضى لقاء رئيسي مجلسي النواب عقيلة صالح والدولة محمد تكالة بالقاهرة مؤخرا حسب تقديركم، هل مازالت الهوة كبيرة بين الطرفين؟
هذا اللقاء يعد الأول بين الرجلين وفي الحقيقة من الناحية العملية لم يفضي اللقاء إلى شيء، وقد دار الحديث حول تشكيل حكومة موحدة، وموقف مجلس النواب ووجهة نظره معلوم فيما يخص آلية تشكيل هذه الحكومة وهو بأن يقع تشكيل هذه الحكومة بين مجلس النواب ومجلس الدولة عن طريق خارطة الطريق التي أقرتها لجنة 6+6 ولكن يبدو أن السيد محمد تكالة يعاني من ضغوطات داخل المجلس وخارجه للاستمرار في خارطة الطريق، وبالتالي اللقاء لم يضفي إلى شيء مهم وقد اتفق الطرفان على اللقاء مرة ثانية، ولكن موضوع الحكومة مستمر والحديث يتركز حاليا حول آلية تشكيل هذه الحكومة.
هل يريد صالح تحصين القوانين الانتخابية بسبب ضغوط القادة العسكريين في الشرق وفق ما ذكرته مؤخرا سياسية ليبية؟
لا أعتقد ذلك، المستشار عقيلة صالح لا يملك صلاحية تحصين القوانين الانتخابية التي صدرت عن طريق مجلس النواب، والقوانين هي محصنة وفق التعديل الدستوري عدد 13 ولا يستطيع لا مجلس الدولة ولا مجلس النواب تعديلها أو تغييرها.
التعديل الدستوري عدد 13 كان واضحا جدا وشرطه الأساسي هو توافق لجنة 6+6 وقد توافقت اللجنة بالفعل مع توقيع 11 عضوا على هذه القوانين وأصبحت بذلك القوانين نافذة ومحصنة وفق التعديل الدستوري 13 ولا تحتاج في الحقيقة إلى تحصين أي طرف، والآن بعثة الأمم المتحدة والمفوضية العليا للانتخابات وكثير من الليبيين قبلوا بهذه القوانين وأقروا بإمكانية إجراء انتخابات انطلاقا منها.
صحيح هذه القوانين ليست قوانين مثالية لكن أيضا الوضع في ليبيا ليس مثاليا، نستطيع القول أنها قوانين توافقية فيها كثير من التنازلات من كل الأطراف وبالتالي تصلح لإجراء انتخابات وعلينا جميعا تذليل باقي الصعوبات للنجاح في المرور إلى الاستحقاق الانتخابي.
كيف يمكن تجاوز الخلافات حول القوانين الانتخابية ورأب الصدع والمرور إلى انتخابات تشريعية ورئاسية في ليبيا حسب رأيكم؟
في الحقيقة ليس هناك خلافات حول قوانين الانتخابات ولم تكن محل خلاف في القضية الليبية، الإشكالية ليست في نصوص القوانين بدليل أنه حتى في سنة 2021 حين صدرت قوانين انتخابية من مجلس النواب وقد أثارت جدلا واسعا حينها وسمعنا كثيرا من الناس يقولون أنها قوانين معيبة، لكن مع ذلك تقدم كثير من المرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية وكان يمكن أن تتم العملية الانتخابية.
المشكلة الأساسية في ليبيا ليست في القوانين وإنما هناك تيار في ليبيا لا يريد انتخابات رئاسية هذا هو جوهر الموضوع هذا ما يجب أن نفهمه وندركه هو وجود تيار لا يريد انتخاب الرئيس ويريد أن يظل الوضع في ليبيا بقيادة جماعية لا تمتلك قرارا ولا تستطيع أن تبني مؤسسات وهو ما خبرناه مرتين، ولا يمكن في الحقيقة أن نبني مؤسسات بقيادة جماعية عبر سلطة تشريعية فقط بل لا بد من وجود مؤسسة الرئاسة وهذا هو الخلاف الحقيقي الذي وجب علينا حله.
المشكلة الأخرى التي يجب أن تحل حتى تجرى انتخابات هو مشكلة السلاح حيث أن انتشار السلاح يعد عائقا آخر وبالتالي يجب أن نناقش هذه القضية، إذن في الحقيقة في ليبيا لإجراء انتخابات أمامنا ثلاث أو أربع قضايا أساسية يجب أن تناقش في حوار أساسي والقضية الأولى وهي: توحيد السلطة التنفيذية وهي لا تحتاج إلى حوار بل تحتاج آلية لتوحيد السلطة التنفيذية، ثانيا وهي قضية الحوار حول منصب رئيس الدولة، ثالثا فتح حوار حول قضية السلاح، ورابعا حوار حول حكم محلي موسع يتم من خلاله تفتيت مركزية المال ومركزية السلطة في ليبيا.
أنا أعتقد لو بدأنا في مناقشة هذه القضايا الأساسية منذ إصدار القوانين من خلال حوار ليبي-ليبي، متأكد حينها ستجرى الانتخابات في أجواء طيبة وسيقع القبول بنتائجها، لكن للأسف كثيرا من الأطراف تتهرب من هذه القضايا الأساسية وتتحدث عن قضايا ثانوية وتحاول تضليل الرأي العام من خلال الحديث عن القوانين المعيبة والحديث عن أشياء أخرى لا علاقة لها بجوهر القضية الليبية.
عبرت أيضا عن مخاوفك من تحول الحكومة إلى معرقل للعملية الانتخابية ووصفت ذلك بالمنحى خطير، كيف ذلك؟
نعم بالتأكيد…، بعثة الأمم المتحدة أقرت بصلاحية القوانين لإجراء الانتخابات والمفوضية العليا للانتخابات أقرت بذلك أيضا، القوانين تشترط وجود حكومة موحدة لكن حين تقول بعثة الأمم المتحدة أن القوانين جيدة غير أنه هناك قضايا سياسية عالقة دون تحديد هذه القضايا وحين سألنا عنها قالوا بخصوص مسألة تشكيل الحكومة، وإذا بات تشكيل الحكومة قضية أساسية في ليبيا سيكون بالفعل كما ذكرت في السابق منحى خطير جدا حيث لا يجب أن تكون السلطة التنفيذية محل صراع أو خلاف هي سلطة مؤقتة تكلف بعمل معين.
نحن جميعا ندرك أننا في مرحلة انتقالية وقد مرت على ليبيا عدة حكومات ليست هذه الحكومة فقط، بالتالي بقاء الحكومة أو تغييرها يجب أن لا يكون أمر جوهري في القضية الليبية، الأمر الجوهري كما تحدثت هو أن نناقش منصب رئيس الدولة وقضية السلاح وقضية الحكم المحلي الموسع الذي ينهي مركزية السلطة والمال وبالتالي نوسع قاعدة المشاركة في ليبيا، لكن أن تتحول الحكومة إلى خصم والى قضية سياسية يثير حولها جدل وبدل مناقشة كيفية استعادة الدولة نناقش كيفية استعادة الحكومة هذا أمر خطير جدا يقود البلاد إلى فوضى وهذا أصبح عائق كبير ومنحي خطير في القضية الليبية التي أساسها هو كيفية الوصول إلى دستور دائم بالبلاد وكيفية تحقيق التداول السلمي على السلطة وكيفية إعادة بناء مؤسسات الدولة وسيادة الدولة.
ذكرت في تصريح سابق أن المبعوث الأممي إلى ليبيا جاء إلى البلد فقط لتجميد القضية والعملية السياسية الليبية، ماهو تقييمكم لأدائه هل تتعمد البعثة الأممية إطالة أمد الأزمة لصالح مصالح الدول الكبرى؟
تحدثت في السابق عن ذلك وقلت أن باتيلي جيء به لتجميد القضية الليبية لأنه بصراحة بعد مرور سنة كاملة والتي توجت بالتوافق على تعديل الدستوري 12 و13 وتقارب كبير بين مجلس النواب ومجلس الدولة لكنه في الحقيقة لم يستغل هذا التوافق ولم يقدم أي مبادرة منذ قدومه أو مقترح في سبيل حلحلة الأمور وإيجاد قاسم مشترك بين الفرقاء الليبيين حول القضايا الأساسية في المشكلة الليبية.
وبالتالي لاحظنا أن باتيلي خلال كل هذه الفترة يجري في عدة لقاءات بالرغم أن كل المبعوثين أجروا كل اللقاءات اللازمة وجمعوا المعلومات المتوفرة لدى بعثة الأمم المتحدة حاليا، إذن لماذا يكرر باتيلي ما قام به من سبقوه؟ لقد بدأ من الصفر ولم يبدأ من حيث انتهى آخر مبعوث وهو أمر محل استغراب من قبلنا ويعبر على أن الشخص جيء به من أجل تجميد القضية الليبية إلى حين اتفاق الدول المتدخلة في ليبيا أو الدول الكبرى في مجلس الأمن رغم وجود توافق هش في مجلس الأمن ليس فقط حول القضية الليبية حول كثير من القضايا الأخرى خصوصا بعد الحرب الأوكرانية –الروسية والتطورات الأخيرة في أفريقيا.
مع ذلك باتيلي أمامه فرصة كبيرة خاصة وأنه قد صرح بأن قوانين الانتخابات صالحة للاستخدام لكن في المقابل مازال يتحدث عن شيء مبهم وهو وجود قضايا سياسية عالقة، وإذا كان يقصد بالقضايا العالقة بمشكلة الحكومة فهو في الواقع أمر مستغرب من باتيلي،الحكومة ليست قضية جوهرية في ليبيا كما ذكرت المسألة لا تعني وجود أشخاص بعينهم نحن نريد الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، كما أن الجهد الذي يبذل في التركيز على مسألة توزيع الإيرادات يجب أن يبذل في توحيد السلطة التنفيذية للتهيئة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
المجلس الأعلى للدولة صرح مؤخرا بأن مبادرة أممية جديدة في الأفق سيكشف عنها باتيلي قريبا، هل بإمكان مثل هذه المبادرات كسر الجليد وحلحلة الانسداد السياسي بالبلاد؟
نأمل ذلك خاصة بعد التجديد له مرة أخرى وهو كما ذكرت أمام فرصة كبيرة جدا بسبب وجود توافق كبير ووجود قوانين انتخابية صالحة لإجراء الانتخابات فنيا، أتمنى أن يعمل بجدية وفي الاتجاه الصحيح وأن يجمع أطراف الصراع الليبي حول القضايا الأساسية التي تساعد على إجراء انتخابات وهي كما ذكرتها وأكررها مرة أخرى التي تشمل منصب رئيس الدولة والسلاح والحكم المحلي الموسع، هذه القضايا لو وقع التوافق بشأنها سنصل إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أجواء جيدة أما مسألة الحكومة فأمرها محسوم فقط تحديد الآلية ليتم اختيار سلطة تنفيذية جديدة توحد البلاد وتذهب بالليبيين إلى انتخابات.
هل سيمنع قانون تجريم التطبيع الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا من أي محاولة لجر ليبيا إلى مربع الدول المطبعة مع إسرائيل؟
هو خطوة مهمة جدا في اعتقادي، أولا يجب التذكير أن القضية الفلسطينية دائما في وجدان الليبيين وعقيدتهم وهو موقف الشعب الليبي على مدى التاريخ،وهذا القانون متناغم مع رغبة الشعب الليبي الذي عبر عن رفضه للتطبيع،ثانيا نحن في مرحلة استعادة الدولة ولا يمكن أن نسمح لأي ليبي أن يستخدم مسألة القضية الفلسطينية في الصراع الليبي من خلال أوهام موجودة لدى البعض بأن التواصل مع الكيان الصهيوني والتطبيع معه يوصل إلى الكرسي أو يبقيه في الكرسي هذه أوهام زرعت من قبل الصهيونية في العقول العربية وهذا أمر خطير جدا.
ليبيا في مرحلة انتقالية ولا يمكن أن نسمح باستغلال القضية الفلسطينية في الصراع الليبي ولا استغلال الصراع الليبي لصالح القضية الفلسطينية فهذا أمر مرفوض كليا، وبالتالي موقفنا من القضية الفلسطينية واضح هي قضية بالدرجة الأولى قضية عقائدية إسلامية عروبية إنسانية، نحن مع الشعب الفلسطيني وسنظل مع الشعب الفلسطيني وسنقف معه إلى تحرير أرضه هذا موقف ثابت.
وقد أصدرنا هذا القانون حتى يكون الأمر واضحا وجليا لدى الجميع في ليبيا وحتى يجرم التطبيع الفعل وهو مجرم شعبيا حتى دون قانون لكن ما قام به مجلس النواب هو تجريم قانوني بنصوص قانونية.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا اليوم عبر موقع أفريقيا برس