أمنة جبران
أفريقيا برس – ليبيا. أشار الكاتب الليبي عبد الله الكبير في حواره مع “أفريقيا برس” أن “اتفاق القاهرة، الذي أبرم مؤخرا بين الفرقاء الليبيين بهدف تجاوز حالة الانسداد السياسي واستكمال الاستحقاقات الضرورية، لن يضيف أي جديد للأزمة الليبية حيث أنه اتفاق خارج الإطار الدستوري”، متوقعا فشله في تشكيل حكومة موحدة بسبب عدم مباركة البعثة الأممية له.
واستبعد الكبير “الذهاب إلى انتخابات في آجال قريبة وذلك لغياب توافق دولي بخصوصها، كما أن أطراف السلطة المحلية لا ترغب في إجرائها لكي لا تفقد نفوذها وامتيازاتها”، لافتا في ذات السياق إلى أن “المناخ الدولي والإقليمي المضطرب لا يوفر مناخا ملائما لإنجاز التغيير في ليبيا وليس ثمة سبيل سوى تحرك الشعب بشكل سلمي لتحقيق التغيير المنشود عبر انتخابات”.
وعبد الله الكبير هو كاتب مختص في الشأن الليبي، يشارك في النشرات والبرامج الفضائية حول الشأن الليبي في القنوات الليبية والعربية.
ما هي قراءتكم لاتفاق القاهرة الأخير بين الفرقاء الليبيين، هل سيضفي إلى تحقيق توافق وتشكيل حكومة جديدة موحدة أم سيكون مصيره الفشل كحال التوافقات السابقة؟
في تقديري لن يضيف إتفاق القاهرة أي جديد للأزمة الليبية لأنه اتفاق خارج الإطار الدستوري والاتفاق السياسي. مآله الفشل بالتأكيد. لقاء القاهرة جمع أعضاء من مجلس النواب ومجلس الدولة وهو في رأيي أقرب إلى لقاء أحزاب أو نشطاء سياسيين. عضويته في المجلسين لا تقدم ولا تؤخر. لأن العمل من خلال المجلسين وتفعيلا لدورهما يستوجب العمل من خلال الجلسات الرسمية بحضور الكل أو غالبية الأعضاء وعدم الخروج عن الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وهذا لم يقع. ومن ثم هو لقاء يشبه لقاء الأحزاب أو النشطاء لإعلان موقف فقط لا أكثر ولا أقل.
هل ستنجح جهود انتخاب حكومة موحدة بناء على اجتماع القاهرة حسب تقديركم؟
لن تنجح جهود انتخاب حكومة موجودة لأن البعثة الأممية لم تباركها، وقالت في بيانها يجب البناء على توافق أوسع مع الأطراف الليبية الأخرى المعنية. لذلك لا حل عن طريق مجلسي النواب والدولة بخطوات أحادية لا تأخذ بعين الاعتبار القوى السياسية والعسكرية الأكثر قوة ونفوذا وفاعلية من مجلسي النواب والدولة.
هل تعتقد أن البرلمان الليبي يغامر بمصداقيته بفتح باب الترشح لرئاسة الحكومة في ظل التشكيك في جدية الخطوة؟
ليس لمجلس النواب أي مصداقية لدى الأطراف السياسية وعامة الناس، لأنه لا يعمل كمجلس نواب للأمة وإنما كطرف سياسي يتصارع مع الأطراف السياسية الأخرى ويسعى لخدمة أعضائه فضلا عن قراراته وقوانينه التي طالما أصدرها بالمخالفة للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي.
وسبق لمجلس النواب أو بالتحديد رئيسه لأنه يختزل المجلس في شخصه وبقية الأعضاء كومبارس. سبق له أن فتح باب الترشح لرئاسة الحكومة وتآمر على كل المرشحين لتمرير فتحي باشاغا كرئيس للحكومة وتشكلت الحكومة ولكنها فشلت في الدخول إلى طرابلس وفشلت في الحصول على الاعتراف الدولي. اليوم يكرر عقيلة صالح نفس الفشل السابق. ربما ليقول أنا موجود ومازالت فاعلا في المشهد لأن ثمة تحول للسلطة يجري في الشرق الليبي بصعود أبناء خليفة حفتر وممارستهم لأدوار سياسية وعسكرية تتجاوز الجغرافيا الليبية.
ما هو سبب استمرار بسط الجماعات المسلحة نفوذها على العاصمة الليبية طرابلس رغم مرور خمسة أشهر على إعلان حكومة الدبيبة بوجود إتفاق بإخلاءها؟
برأيي استمرار ذلك لعدم وجود مشروع وطني يؤسس لمؤسسات عسكرية وأمنية وطنية خالصة لوجه الله والوطن. ومع وجود تهديد محتمل من مليشيات حفتر بغزو العاصمة من جديد يصبح وجود هذه المجموعات والفصائل المسلحة مبررا.
هل استمرار الصراع الدموي في مدينة الزاوية والأزمات المتلاحقة بين مسلحي زوارة وسلطة إنفاذ القانون في معبر رأس جدير الحدودي مع تونس يؤكد أن القرار الحقيقي في طرابلس بيد هذه الجماعات؟
لهذه الفصائل المسلحة بعض النفوذ والتأثير في القرار لكن القرار السياسي والإداري بيد حكومة الوحدة الوطنية التي لم تسيطر بعد على هذه الفصائل وتلجمها.
هل تمثل أجندات القوى الخارجية حجر عثرة في طريق تنظيم انتخابات في ليبيا وتحقيق الديمقراطية التي قد تأتي بشخصيات غير مقبولة لدى الدوائر الغربية حيث لا تخضع لإملاءتهم؟
لا يوجد توافق دولي على الانتخابات كما أن أطراف السلطة المحلية لا ترغب في إجرائها لكي لا تفقد نفوذها وامتيازاتها. ومن ثم لا توجد قوة دفع حقيقية تلزم الجميع بالرضوخ للصندوق. القوى الغربية أعلنت بوضوح رفضها لبعض المرشحين. روسيا ستعرقل إذا أقصي حلفاؤها من الترشح ومصر لن تسمح بإجراء انتخابات يحتمل أن تطيح بمجلس النواب الحالي إذا لم تضمن حصول أحد حلفائها على منصب الرئاسة.
هل بات تغيير الأوضاع في ليبيا حتميا في ظل التداعيات الوخيمة للانقسام على الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي، وكيف في تقديرك بإمكان العبور بالبلد إلى بر الأمان والاستقرار؟
رغم الانقسام وتداعياته، لم تصل حالة البلاد بشكل عام إلى النقطة الحرجة التي تستلزم التغيير. المناخ الدولي والإقليمي المضطرب لا يوفر مناخا ملائما لإنجاز التغيير وليس ثمة سبيل سوى تحرك الشعب بشكل سلمي ولكن لابد من المثابرة والخروج في كل المدن الكبرى في مظاهرات ضخمة تجبر الجميع على الرضوخ لمطلب الشعب وهو التغيير عبر الانتخابات.
ما رأيكم في حديث بعض القوى الداخلية والخارجية عن عودة سيف الإسلام القذافي للقيام بدور مهم في المشهد السياسي الليبي؟
ثمة عقبات قانونية تحول دون عودة القذافي الصغير إلى المشهد السياسي. وهو يدرك ذلك حتى أنه لم يظهر مطلقا ويتحرك باحتراس شديد خشية من اعتقاله. بالإضافة إلى رفض قوى فبراير التي ترى أن مشروعه انتقامي وستواجه بقوة أي محاولة لعودة النظام السابق أو شخوصه. وأيضا هناك رفض أمريكي وبريطاني لذلك لن يكون مقبولا على المستوى الدولي.
كيف تنظرون للتحركات الأمريكية الأخيرة بين طرابلس وبنغازي على المستوى السياسي والعسكري، هل ستعمق الخلافات بين القوى السياسية أم ستفرض عليهم رؤية خاصة للحل؟
رغم غموض الدور الأمريكي والأدوار السلبية التي كان لها بالغ التأثير في زعزعة الاستقرار مثل دعمهم لحفتر في هجومه على طرابلس لكن الإدارة الأمريكية باتت أكثر انزعاجا من تنامي النفوذ الروسي في ليبيا وامتدادها في منطقة الساحل. ويبدو أنها تبني إستراتيجية جديدة لمواجهة هذا النفوذ بمحاولة توحيد القوى السياسية والعسكرية في ليبيا.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس