عبد الرحمن البكوش
أفريقيا برس – ليبيا. أثارت الأرقام الأخيرة الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي حول الإيرادات بالنقد الاجنبي والنفقات خلال شهري يناير وفبراير 2025، قلقًا واسعًا لدى مختلف الأوساط، حيث أظهرت وجود عجز كبير في النقد الأجنبي وتزايدًا ملحوظًا في الإنفاق وفقًا للتقرير، بلغ إجمالي الإيرادات بالنقد الأجنبي خلال شهرين من بداية العام الجاري نحو 3.6 مليارات دولار، بينما بلغت الاستخدامات 6.1 مليارات دولار، مما يعني وجود عجز قدره 2.5 مليار دولار.
وفي حوار أجرته “أفريقيا برس” مع المحلل الاقتصادي والمالي سامح الكانوني، صرح بأن الأرقام الأخيرة الصادرة عن مصرف ليبيا المركزي بشأن العجز الكبير في النقد الأجنبي والزيادة الملحوظة في النفقات أثارت قلقًا واسعًا، وأوضح أن هذا العجز ليس وليد اللحظة بل هو تراكمات من العام الماضي. كما أشار إلى أن هناك العديد من الأسباب الاقتصادية التي أدت إلى هذا الوضع. وأضاف أن هناك حلولًا اقتصادية عاجلة يمكن اتخاذها لمعالجة الأزمة دون اللجوء إلى تخفيض قيمة الدينار أو رفع قيمة الدولار.
يتناول الكانوني هذه القضية بعمق ويطرح رؤيته حول تأثير هذا العجز على الاقتصاد الوطني والمواطن الليبي، بالإضافة إلى استراتيجيات لتعزيز الإيرادات وتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي.
ما هي الأسباب الرئيسية التي تعتقد أنها أدت إلى العجز الكبير في النقد الأجنبي خلال شهري يناير وفبراير 2025؟
إن العجز ليس وليد اللحظة، بل هو تراكمات من عام 2024، والسبب الرئيسي يعود إلى الإنفاق الكبير على مشاريع التنمية التي بلغت قيمتها 46.7 مليار دينار (9.7 مليار دولار)، إضافة إلى بند المرتبات الذي وصل إلى 62 مليار دينار (12.9 مليار دولار)، وبند الدعم الذي بلغ 37.5 مليار دينار (7.8 مليار دولار). أن بعض العقود التنموية، مثل المشاريع التي تنفذها الشركات المصرية، تحتاج إلى تغطية بالعملة الأجنبية. و انخفاض أسعار النفط في السوق العالمي أثر بشكل مباشر على الإيرادات بالنقد الأجنبي، حيث تشكل صادرات النفط 95% من الإيرادات.
كيف ترى تأثير هذا العجز على الاقتصاد الليبي بشكل عام وعلى المواطن بشكل خاص؟
استمرار الفجوة بين الإيرادات بالنقد الأجنبي والمصروفات سيؤدي إلى زيادة الطلب على شراء النقد الأجنبي سواء للأغراض الشخصية أو الاعتمادات المالية. وإذا توقف المصرف المركزي عن توفير النقد الأجنبي، سيتجه المواطنون والتجار إلى السوق الموازي، مما سيؤدي إلى زيادة سعر الصرف وانخفاض قيمة الدينار، وبالتالي ارتفاع الأسعار والتضخم. وهذا سينعكس سلبًا على المواطن الليبي، حيث قد لا يكفي مرتبه لتغطية احتياجاته الشهرية.
ما هي الخطوات العاجلة التي يمكن اتخاذها لمعالجة هذا العجز دون اللجوء إلى رفع قيمة الدولار أو تخفيض قيمة الدينار الليبي؟
الحلول العاجلة التي يمكن اتخاذها هي التوقف عن بيع النقد الأجنبي للسلع الكمالية، مع الاستمرار في بيعه لاستيراد السلع الأساسية والضرورية. كما أن من الحلول الممكنة تقليص وتأجيل بعض المشاريع التنموية إلى حين استقرار الوضع المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى رفع الرسوم الجمركية على السلع الكمالية لتقليل الطلب عليها.
هل هناك خطط لإعادة هيكلة الإنفاق العام وتحسين كفاءة استخدام الموارد المالية لتفادي العجز المستقبلي؟
في الحقيقة هناك خططًا من قبل المركزي والخزانة ووزارة الاقتصاد لمواجهة هذه المشاكل، إلا أن ليبيا ما تزال دولة استهلاكية تعتمد بشكل كبير على النفط. بالإضافة هناك محاولات لتحسين الصناعة المحلية ودعم القطاع الخاص، وهو ما سيسهم في تقليل الاستيراد وتحسين كفاءة استخدام الموارد.
كيف يمكن تعزيز الإيرادات الوطنية وتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي في ظل التحديات الحالية؟
بدعم الاستثمار المحلي في الصناعات الوطنية مثل الدقيق والأعلاف والمياه. هذا سيسهم في تقليل الإنفاق على الاستيراد، ويجب تشجيع المستثمرين المحليين لتقليل الاعتماد على النقد الأجنبي. كما نشدد بضرورة أن تكون هذه السياسة جزءًا من الاستراتيجية الاقتصادية للحكومة لتشجيع التحول من دولة مستهلكة إلى دولة منتجة.
ما هو دور القطاع الخاص في دعم الاستقرار المالي والاقتصادي، وكيف يمكن تشجيع الاستثمار المحلي للمساهمة في حل هذه الأزمة؟
فيما يخص دور القطاع الخاص، إن دوره لا يزال محدودًا بسبب غياب التشريعات والقوانين التي تحمي وتشجع هذا القطاع. لأن الدول التي تمكنت من تحسين اقتصادها كانت تعتمد بشكل أساسي على قطاعها الخاص والصناعي، كما ندعو المصارف التجارية لزيادة التعاون مع القطاع الخاص، وتخفيف العبء الضريبي على الشركات المحلية لتشجيع المنافسة وتحقيق النمو الاقتصادي.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس