اختطاف محمد القماطي: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان في ليبيا

13
اختطاف محمد القماطي: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان في ليبيا
اختطاف محمد القماطي: انتهاك صارخ لحقوق الإنسان في ليبيا

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في حادثة مفاجئة ومرعبة، تعرض المهندس محمد القماطي، شقيق الناشط الحقوقي حسام القماطي، للاختطاف في العاصمة طرابلس على يد مسلحين “. هذا الحادث الذي وقع يثير القلق لدى العديد من الأطراف المحلية والدولية بسبب ما يحمله من دلالات خطيرة على تدهور الوضع الأمني وحقوق الإنسان في ليبيا. فاختطاف القماطي ليس حادثًا منعزلًا، بل هو حلقة جديدة في سلسلة من الانتهاكات الحقوقية التي تتعرض لها البلاد، والتي تزداد بشكل مستمر في السنوات الأخيرة.

تصاعد أعمال الخطف والإخفاء القسري

تأتي هذه الحادثة في وقتٍ حساس، حيث تشهد العاصمة طرابلس تصاعدًا ملحوظًا في عمليات الخطف والإخفاء القسري، وهو ما دفع كتلة التوافق بمجلس الدولة الاستشاري لإصدار بيانٍ رسمي تدين فيه الواقعة. الكتلة وصفت ما حدث بأنه يمثل انتهاكًا خطيرًا للقوانين المحلية والدولية، مشيرة إلى أن هذه الأفعال لا تقتصر على كونها جرائم جنائية فحسب، بل تمثل أيضًا خرقًا واضحًا للقوانين التي تجرم التعذيب والإخفاء القسري. وقد دعت الكتلة الجهات العدلية إلى التدخل الفوري واتخاذ إجراءات حاسمة بحق الجناة.

إن مثل هذه الحوادث تشير إلى حالة من الفوضى الأمنية والضعف المؤسسي الذي يعصف بالبلاد، حيث لا يبدو أن هناك أي رادع حقيقي لهذه الأعمال. فغياب سيادة القانون في بعض المناطق قد مهد الطريق لانتشار ميليشيات وأفراد مسلحين يقومون بهذه الأفعال دون خوف من المحاسبة.

تحذيرات من انتكاسة حقوقية خطيرة

أسعد زهيو، رئيس الاتحاد الوطني للأحزاب الليبية، عبر صفحته الرسمية أدان الحادثة بشدة، معتبرًا إياها “منحدرًا خطيرًا يعيد إلى الأذهان ممارسات قمعية تجاوزها الزمن.” زهيو أضاف أن “لكل فرد الحق في التعبير عن رأيه بحرية، دون أن يكون ذلك سببًا في تعريض أسرته للتهديد أو الأذى.” تصريحاته تعكس واقعًا أليمًا حيث أصبحت الآراء السياسية تعدّ سببًا مشروعًا لتعريض الأشخاص وعائلاتهم للخطر.

هذه الحادثة تكشف حجم القمع الذي يعاني منه العديد من النشطاء والمواطنين في ليبيا، حيث تحوّل الحريات الأساسية إلى تهمة قد تؤدي إلى ملاحقة قاسية لا تميز بين الأفراد وأسرهم. ويُظهر تصاعد هذه الانتهاكات فشل الدولة في حماية حقوق مواطنيها وضمان حريتهم في التعبير.

على الصعيد السياسي، جاء رد فعل سليمان البيوضي، المرشح الرئاسي، في منشور له على الفيسبوك ليدين الاعتقال خارج إطار القانون، مشيرًا إلى أن “حرية الرأي والتعبير حق أساسي لا يجوز المساس به.” البيوضي لم يتوقف عند إدانة الاختطاف، بل دعا إلى تكاتف الجهود الحقوقية والمدنية لمواجهة مثل هذه الممارسات، واصفًا هذه الحوادث بأنها “انتهاك صارخ للأعراف القانونية والحقوقية.” مطالبًا بالإفراج الفوري عن جميع المختطفين ووقف جميع أشكال القمع السياسي.

دعوات للعدالة ووقف الإفلات من العقاب

من جهة أخرى وعبر بيان رسمي، لم تتأخر المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا في الإعراب عن إدانتها للحادثة، معتبرة أن اختطاف محمد القماطي يعد انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان. المؤسسة أكدت أن هذا الفعل يتنافى مع قوانين الدولة، بما في ذلك قانون تجريم الاختطاف والإخفاء القسري، وطالبت بالكشف الفوري عن مصير القماطي. كما شددت على ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الانتهاكات، محملة إياهم كامل المسؤولية القانونية عن سلامة القماطي وحياته.

المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان أيضًا لم تستبعد أن تكون هذه الحادثة ضمن جرائم ضد الإنسانية، مما يفتح الباب أمام محاكمة المتورطين أمام المحكمة الجنائية الدولية. وهذا يشير إلى أهمية التصدي لمثل هذه الانتهاكات بأعلى المستويات القانونية، وعدم السماح بالإفلات من العقاب.

تصعيد المطالبات بالعدالة

تجدر الإشارة أيضًا إلى موقف محمد المبشر، الرئيس السابق لمجلس أعيان ليبيا للمصالحة، الذي اعتبر أن “تقييد حرية القماطي من دون مسوغ قانوني واضح أمر مُدان ومستهجن من الجميع.” المبشر شدد على ضرورة وجود توضيحات رسمية من الجهات المعنية، مؤكدًا أن سيادة القانون وحماية حقوق الإنسان هما الأساس لتحقيق الاستقرار والعدالة في ليبيا.

سيظل اختطاف محمد القماطي مؤشرًا على عمق الأزمة الحقوقية في ليبيا، والتي تستمر في تقويض الأسس التي من المفترض أن تُبنى عليها دولة القانون والمساواة. بينما تزداد الدعوات من مختلف الأطراف إلى محاسبة الجناة، فإن استمرار هذه الانتهاكات يمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل البلاد السياسي والاجتماعي.

إن الأمل في بناء دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان يتطلب أولًا إرساء قواعد العدالة، والوقوف في وجه قوى الاستبداد، والعمل على ضمان حماية حقوق الأفراد من الممارسات القمعية. في هذا السياق، تبقى المطالبات بالإفراج الفوري عن المختطفين، وإنهاء الإفلات من العقاب، خطوة ضرورية نحو استعادة سيادة القانون وضمان حقوق المواطنين في ليبيا.

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here