جدل حول توصيات اللجنة الاستشارية في ليبيا

1
جدل حول توصيات اللجنة الاستشارية في ليبيا
جدل حول توصيات اللجنة الاستشارية في ليبيا

عبد الرحمن البكوش

أفريقيا برس – ليبيا. في ظل انسداد سياسي متواصل وتعثر مسار التوافق على قاعدة دستورية موحدة، أعلن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي عزمه استفتاء الشعب الليبي حول توصيات اللجنة الاستشارية الأممية، المكلّفة بحسم الخلافات حول قوانين الانتخابات المؤجلة. يأتي ذلك في وقت جدّد فيه رئيس حكومة “الوحدة” المؤقتة عبد الحميد الدبيبة تأكيده أن الحل الوحيد يكمن في “الذهاب المباشر إلى الانتخابات” لإنهاء المراحل الانتقالية وتمكين الشعب من اختيار من يمثله.

استفتاء غير مسبوق ومفوضية جديدة

المنفي لم يحدد موعد الاستفتاء المزمع، إلا أنه أعرب عن دعمه لكافة المبادرات الأممية ذات “الملكية الوطنية”، مشيراً إلى أهمية التنسيق الدولي والمحلي لتأمين مسار سياسي جامع ومستدام. كما تناول لقاؤه مع رئيسة بعثة الأمم المتحدة، هانا تيتيه، عدة ملفات حساسة، من أبرزها المسار الحقوقي، واستقلالية مجلس النواب، والجدل القانوني حول رئيس المفوضية العليا للانتخابات، عماد السايح، ومدى حيادية المفوضية واستقلالها.

تيتيه تروّج للتوصيات وتؤكد عدم إلزاميتها

بدورها، أكدت هانا تيتيه خلال لقائها بالسايح، على أن البعثة تسعى لبناء توافق سياسي حول التوصيات المقدّمة “من الليبيين لليبيين”، مشددة على أن التوصيات لا تحمل صفة الإلزام، لكنها تشكل أساساً لحوار سياسي شامل يقود نحو الانتخابات.

تيتيه عقدت أيضاً سلسلة اجتماعات مع نائبي رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي وموسى الكوني، لحثهما على الانخراط البنّاء وتقديم تقييماتهم بشأن مخرجات اللجنة.

وفي لقائها مع الدبيبة، أوضحت تيتيه أن اللجنة الاستشارية لم تكن معنية بفرض حلّ، بل بطرح مقترحات يمكن البناء عليها ضمن مسار تفاوضي أوسع. وأشارت إلى أنها تشاورت أيضاً مع وزير الدولة في الخارجية القطرية، محمد بن عبد العزيز الخليفي، الذي أكد دعم بلاده لجهود الأمم المتحدة وتوافق على “ضرورة تنسيق دولي فعّال لمعالجة المأزق السياسي”.

الدبيبة: لا بديل عن الانتخابات

من جهته، شدد عبد الحميد الدبيبة على أن “الحل الحقيقي يكمن في الذهاب المباشر إلى الانتخابات”، مضيفاً أن الشعب هو من يملك حق اختيار ممثليه، لا سيما بعد “تراجع مصداقية بعض الأجسام السياسية التي تعمل تحت الضغط والترهيب”، بحسب تعبيره. من جانبه عضو مجلس النواب علي الصول في تصريح له لتلفزيون المسار أن تقرير اللجنة الاستشارية لم يأتِ بجديد و البعثةالأممية تدير الأزمة ولا تحلها مقترح تشكيل حكومة مصغرة سبق وتوافق عليه مجلسا النواب والدولة لكن سلطة الأمر الواقع في طرابلس مدعومة بتشكيلاتها المسلحة عطلت التوافق.

الجدل القانوني: غموض يهدد الاستقرار

الناشط القانوني هشام الحاراتي، وفي تصريح خاص لـ”أفريقيا برس”، وصف مخرجات اللجنة الاستشارية بأنها “تعزز الغموض الدستوري بدلاً من حله”، معتبراً أن اللجنة فشلت في تحديد مرجعية دستورية واضحة، أو حسم شكل السلطة التنفيذية، مكتفية بطرح أربعة مقترحات “زادت من ارتباك المشهد بدل توضيحه”.

وأضاف الحاراتي “لا يملك المجلس الرئاسي صلاحية انفرادية لتسمية رئيس حكومة، بل يتطلب الأمر توافقاً وطنياً موسّعاً، استناداً إلى اتفاق الصخيرات وخريطة ملتقى الحوار السياسي. الحل الواقعي يكمن في تشكيل حكومة مصغّرة بتفويض انتخابي مؤقت، ضمن قاعدة دستورية متفق عليها، وإلا سنبقى في دائرة صراع الشرعيات وإنتاج الأزمات”.

تحريك الجمود السياسي

أما المحلل السياسي محمد محفوظ، فقد رأى في تصريح لـ”أفريقيا برس” أن توصيات اللجنة يمكن النظر إليها من زوايا متعددة، قائلاً: هي لن ترضي الجميع، ولا يمكن اعتبارها مخرجات نهائية، لكنها طرحت خيارات قد تشكل قاعدة لانطلاق مسار سياسي شامل”. وأشار إلى أن “بعض قد يرى في غياب الحسم استمراراً للأزمة، لكن في نهاية الأمر اللجنة كانت استشارية، وليس من صلاحياتها طرح سيناريو واحد للحل. ورغم ذلك فإن تحريك المسار بعد انسداد طويل هو بحد ذاته تقدم إيجابي”.

خلاصة المشهد

وبين استفتاء شعبي محتمل، ودعوة مباشرة للانتخابات، ومقترحات غير ملزمة تتطلب توافقاً، يبدو أن ليبيا تقف مرة أخرى أمام مفترق طرق، في ظل أزمة شرعية دستورية وتضارب في الرؤى السياسية. فهل تشكل توصيات اللجنة الاستشارية انطلاقة جديدة، أم أنها ستزيد من حدة الاستقطاب والصراع؟

يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here