أفريقيا برس – ليبيا. سلطت منصة «المكتب الجيوسياسي» (جيوبوليتكال ديسك) للتحليلات السياسية الدولية الضوء على ما سمته فشل البعثة الأممية في ليبيا خلال السنوات الأخيرة في توفير قيادة فعالة للبلاد، مما أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية دون وجود مسار واضح للمضي قدما، مضيفة أن البعثة لعبت دوراً خلف الكواليس في إقناع المجلس الرئاسي بتأجيل سحب اعترافه بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة إبان أزمة اشتباكات طرابلس في مايو الماضي.
جاء ذلك في تقرير للموقع أو المنصة التي تعرف نفسها بأنها «منصة إعلامية ومعلوماتية تجارية مستقلة، تُقدم تحليلات عملية لبعض أكثر مناطق العالم تعقيدًا»، مضيفة: «بالرغم أنها لم تحقق أهدافها حتى، لكن البعثة لا تزال تملك فرصة لإعادة تقييم أدائها، وإن كان الوقت وثقة الجمهور آخذين في النفاد».
صعوبات أمام البعثة في إطلاق أو دعم عملية سياسية تنهي الأزمة منذ العام 2022، رفضت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الجهود المحلية لحل الجمود السياسي في البلاد، مشيرة إلى عيوب إجرائية.
وفي الوقت نفسه، واجهت البعثة صعوبات في إطلاق منتديات جديدة للحوار السياسي الهادف أو دعم عملية سياسية ذات مصداقية خاصة بها. وشدد التقرير على ضرورة أن تحرز الهيئة الأممية تقدمًا ملموسًا في تحقيق الأهداف الأساسية لولايتها، بما في ذلك تمكين عملية سياسية شاملة ودعم انتخابات نزيهة في المستقبل القريب.
«وبدون ذلك، يُخشى أن يُنظر إلى دورها على أنه مجرد دور رمزي، وأن يُثير الليبيون المزيد من التساؤلات حوله».
وعلى الرغم من هذا الزخم الأولي، فإن الجمود الحالي بين حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس والحكومة في بنغازي كان جزئياً نتيجة لعمل البعثة بعد فشلها في تنفيذ نتائج ملتقى الحوار السياسي الليبي.
وقال التقرير: بينما بعث إنشاء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة بعض الأمل، شابته تقارير عن فساد وشراء أصوات لصالح رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة، تجاهلت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا هذه القضايا، وفي النهاية، استُبدل ويليامز بخلفاء افتقروا إلى رؤية أو خطة واضحة لكيفية تطبيق الهدف الرئيسي للمنتدى السياسي الليبي، وهو إجراء انتخابات.
وأضافت أنه بعد أن أصبح من الواضح بشكل متزايد أن حكومة الدبيبة ليس لديها أي نية لإجراء انتخابات وطنية، واصلت البعثة تأييدها، بل وعرقلت الجهود التي تقودها ليبيا لإقامة بديل سياسي. البعثة الأممية تتحول من تسهيل الحل السياسي إلى ترسيخ الوضع الراهن.
وترى المنصة أن بعثة الأمم المتحدة تحولت تدريجيا من تسهيل الحل السياسي إلى ترسيخ الوضع الراهن غير المستدام على نحو متزايد، سواء عن طريق التصميم أو نتيجة للشلل المؤسسي والقصور القيادي.
ونوهت بأنه مع تعيين الدبلوماسية الغانية هانا تيتيه مبعوثة أممية في يناير الجاري، فُقد الزخم مجددًا. وأضافت: استغرقت تيتيه عدة أسابيع للتشاور مع الجهات الفاعلة على الأرض والتعرف على التضاريس السياسية المعقدة في ليبيا، الأمر الذي أدى إلى تأخير أي تحرك آخر بشأن مبادرات خوري. ومنذ ذلك الحين، عادت البعثة إلى نمطها المعتاد في استضافة مشاورات رفيعة المستوى دون ترجمتها إلى نتائج سياسية قابلة للتنفيذ.
فشل جولة «التقاط الصور الدائمة» في الوصول لحل سياسي
فشلت الجولة الأخيرة من «فرص التقاط الصور الدائمة»، كما وصفها العديد من المراقبين الليبيين بسخرية، في إنتاج عملية وطنية متماسكة، إذ جرى تهميش المبادرات المحلية، وإضعاف الجهود المحلية لتغيير الديناميكيات السياسية مرارا وتكرارا من خلال الوساطة الدولية.
وأشار الموقع إلى ورود تقارير عن أن البعثة الأمية «لعبت دوراً خلف الكواليس خلال الأزمة الأخيرة في طرابلس في إقناع المجلس الرئاسي بتأجيل سحب اعترافه بحكومة الوحدة الوطنية».
واستدرك: ولكن مرة أخرى، فعلت البعثة ذلك دون تقديم بديل قابل للتطبيق، مما أدى فعليا إلى توقف ما اعتبره العديد من الليبيين إعادة معايرة سياسية عضوية بقيادة الجهات الفاعلة المحلية بدلا من الأطر الدولية.
تأجيل خطة تيتيه أمام مجلس الأمن
كان من المتوقع صدور خارطة طريق سياسية جديدة خلال عرض تيتيه أمام مجلس الأمن الدولي في يوليو 2025. إلا أنها طلبت مزيدًا من الوقت، مشيرةً إلى الحاجة إلى مزيد من المشاورات.
وحتى الآن، لم يجر تقديم أي مقترح واضح، وما زال من غير الواضح ما إذا كانت البعثة أقرب إلى التوصل إلى توافق في الآراء أم أنها تدير ببساطة الركود السياسي المستمر في ليبيا.
وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، فشلت البعثة في توفير قيادة ذات معنى، مما سمح للأزمة السياسية في ليبيا بالتفاقم في ظل عدم وجود مساءلة ومسار واضح للمضي قدما.
وعلى الرغم من أن البعثة لم تتمكن حتى الآن من تحقيق مهمتها، فإنها لا تزال تتمتع بالفرصة لإعادة تقييم أدائها، على الرغم من نفاد الوقت وثقة الجمهور.
ويرى معدو التقرير أن «الظروف على الأرض اليوم أقل ملاءمة بكثير مما كانت عليه في العام 2021، والأن وبدلاً من الاستمرار في العمل كمدير للأزمات، يتعين على البعثة أن تتحول نحو تقديم خارطة طريق موثوقة تستند إلى الأولويات والمطالب الليبية، بما يعني توسيع نطاق المشاركة، وإشراك الصحفيين الليبيين، وفاعلي المجتمع المدني، والفئات المهمّشة في العملية السياسية.
كما يتطلب الالتزام بالشفافية». وترى منصة المكتب الجيوسياسي أن جهود الأخيرة لإحياء مفاوضات «6+6» مجردة ونظرية. «ولا تزال الخطوات الملموسة والمعايير الواضحة غائبة».
وحسب التقرير، فقد أصبحت البعثة، بالنسبة للعديد من الليبيين، «منعزلة بشكل متزايد عن الواقع المعيشي في البلاد.. إذ يبدو أن البعثة قد استولت عليها النخبة السياسية نفسها التي كان من المفترض أن تُقيّدها.
فمن تأخر إصدار البيانات إلى مزاعم الخلل الداخلي، يُنظر إليها الآن من قِبَل الكثيرين على أنها ركيزة أخرى من ركائز الوضع الراهن المتهالك». ودعت المنصة البعثة إلى صياغة استراتيجية جديدة ترتكز على الفاعلية الليبية، وتحظى بدعم شعبي واسع.
ومن دون ذلك، تُخاطر البعثة بأن تصبح ما أُنشئت لمعارضته أداةً لمصالح راسخة، بدلاً من أن تكون قوةً لتحقيق تقدم حقيقي. يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس.
يمكنكم متابعة المزيد من أخبار و تحليلات عن ليبيا عبر موقع أفريقيا برس